يتسارع انتشار سوء التغذية بصورة مخيفة ويصل إلى نتائج مدمرة في قطاع غزة نظرا للمستويات الشديدة من انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى إغلاق كافة المعابر المؤدية للقطاع ومنع شاحنات المساعدات من الدخول وبالذات إلى محافظتي غزة وشمال غزة ووفقا لدراسة أجرتها اليونيسيف مع مجموعة من الشركاء في شهر شباط الماضي تبين أن حوالي 31% من الأطفال دون عمر السنتين في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، وقد تضاعفت هذه النسبة خلال شهر واحد فقط حيث كانت في شهر كانون الثاني حوالي 16%.
العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر على قطاع غزة، وانعدام الإمدادات الطبية والأغذية والمياه والوقود وتعرض العاملين في المجال الطبي لاعتداءات واستهدافات مستمرة أدى إلى استنزاف النظام الصحي في القطاع، وأن الصحة هي حق أساسي لكل إنسان، وأن المجتمع الدولي والعالم بأسره ملزم بتوفير الظروف الضرورية للحفاظ على هذا الحق، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان بما فيها الحق في الصحة، وسعي دولة الاحتلال لمحو كل معالم الحياة فيها يواجه سكان قطاع غزة أوضاعا كارثية غير مسبوقة.
منذ السابع من أكتوبر الماضي، وثقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 600 اعتداء على المرافق الصحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أدت هذه الهجمات لتوقف العديد من المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل فمن أصل 36 مستشفى عامل في قطاع غزة 10 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي (4 في شمال القطاع، و6 في الجنوب والوسط)، وتوقف 76٪ من مراكز الرعاية الصحية الأولية، وفي الضفة الغربية، أدى 286 هجوما على الرعاية الصحية إلى منع تقديم الرعاية، بما في ذلك توفير الأدوية والمعدات الأساسية، وإغلاق المستشفيات، ومنع وصول مركبات الإسعاف.
ووفقا لتقارير الصادرة عن وزارة الصحة في فلسطين يتبين ان هنالك ما يقارب 350,000 مريض بأمراض مزمنة في قطاع غزة حرموا من تلقي الرعاية الصحية اللازمة، منهم حوالي 71,000 مصاب بالسكري، و225,000 شخص مصاب بارتفاع ضغط الدم، و45,000 مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى المصابين بأمراض السرطان والكلى وأمراض أخرى، كما يعيق نقص الأدوية الأساسية والمستلزمات والإمدادات الطبية وإغلاق مرافق الرعاية الصحية بشكل مباشر من إمكانية الحصول على أدنى الخدمات الصحية للبقاء على قيد الحياة، إضافة لإغلاق مستشفى السرطان الوحيد المتخصص لعلاج مرضى السرطان، ومستشفى الأمراض النفسية في القطاع.
تدهورت الأوضاع في جميع أنحاء قطاع غزة بسبب انهيار الأنظمة، ويعزى زيادة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة إلى الاكتظاظ في أماكن النزوح، ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة وعدم كفاية المياه، وسوء الصرف الصحي، وانخفاض التنوع الغذائي، والافتقار إلى إمدادات النظافة الصحية الأساسية، وتعطل برامج اللقاحات للأمراض التي يمكن الوقاية منها، وتعطل نظام الرعاية الصحية بسبب العدوان الإسرائيلي.
دولة الاحتلال ومن خلال ممارسة سياسة التجويع والإبادة ما زالت تعمل على استهداف الحياة المدنية وتهجير سكان قطاع غزة تمهيدا لإعادة يناء المستوطنات وقواعد لجيش الاحتلال الذي يعمل على تضليل المجتمع الدولي بتزييف الحقائق وإخفاء ما تفعله حكومة التطرف من فرض حقائق على الأرض هدفها الأساس عزل مناطق قطاع غزة ومدنها لتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية وتفتيت الجغرافية الفلسطينية.