كانت دمشق تئن تحت وطأة الدمار الذي خلّفته سنوات الحرب الطويلة بقيادة الخائن بشار الأسد خلفا لأبيه، حيث تشقّقت الطرقات وتهاوت الجسور وتلاشت خطوط الكهرباء والمياه، وكأنها لم تكن.، أما المستشفيات والمدارس فتحوّلت إلى أطلال تروي قصص المأساة التي عاشها السوريون يوما بعد يوم، وعاما بعد عام ، لكن وسط هذا الخراب يلوح أمل جديد يأتي من قلب الجزيرة العربية حيث المملكة العربية السعودية التي لم تترك أشقاءها في سوريا يواجهون المصير وحيدين.
محاولة النهوض
من قصر الرئاسة حيث يقف الرئيس أحمد الشرع يحاول النهوض ببلاده المبعثرة، كل الأيدي ممدودة اليوم لكل مستثمر عربي أو مسلم يريد أن يكون جزءا من معجزة إعادة البناء، فسوريا التي كانت يوما درة الشام وجوهرة التاريخ لا تزال قادرة على العودة إلى سابق عهدها لكنها تحتاج إلى يد تمتدّ وإلى قلب ينبض بالوفاء.
السعودية تسبق
السعودية تسبق الجميع ، حيث أعلنت عن حزمة استثمارية ضخمة تقدر بمائة مليار ريال سعودي لإنقاذ الاقتصاد السوري المنهك، وبدء عملية إعادة الإعمار في خطوة وصفت بأنها تاريخية وغير مسبوقة في دعمها المادي والمعنوي للسوريين الذين أنهكهم القتال وأضناهم الفقر، هذه الأموال ليست مجرد أرقام بل هي دماء جديدة في شرايين سوريا التي كادت أن تجف وهي البداية الحقيقية لعهد جديد قد لا يمحو آثار الحرب لكنه حتما سيضيء شمعة في نفق الظلام الذي طال أمده.
عقود المستثمرين
المستثمرون السعوديون بدورهم لم يتأخروا فها هم يوقّعون العقود تلو العقود ويطلقون المشاريع الكبرى في مختلف المحافظات السورية من حلب التي كانت عاصمة الاقتصاد إلى دمشق التي ظلت صامدة كالجبل مرورا بالساحل السوري الذي ينتظر عودة الحياة إلى موانئه وكل هذا يجري تحت شعار واحد هو “سوريا تستحق أن تعود”.
مواجهة التحديات
لكن التحديات لا تزال جاثمة تحتاج إلى إرادة حقيقية وتخطيط استراتيجي ورقابة صارمة وهذا ما تعهّدت به الحكومة السورية التي أكدت أنها ستضع كل الضمانات اللازمة لحماية الاستثمارات السعودية والعربية وستعمل على تسهيل كل الإجراءات لتكون سوريا جاهزة لاستقبال رؤوس الأموال التي ستُعيد لها الحياة.
الشارع متفائل
الشارع السوري من جهته يبدو متفائلا رغم كل شيء فبعد سنوات من اليأس ها هو يرى بارقة أمل حقيقية قد لا تكون كافية لمسح كل الدمع، لكنها كفيلة بإشعال شرارة التغيير فالسوريون يعرفون جيدا أن الطريق طويل وشاق لكنهم أيضا يعرفون أنهم ليسوا وحيدين.
العالم يراقب
العالم كله يراقب الآن هذه الخطوة الجريئة التي قد تكون نقطة التحوّل الحقيقية في تاريخ سوريا الحديث، فإما أن تكون بداية عهد جديد من الاستقرار والازدهار، أو أن تذهب أموال طائلة أدراج الرياح كما حدث في تجارب سابقة، لكن المؤكد أن السعودية قد قدّمت ما عليها والكرة الآن في الملعب السوري ليثبت للعالم أنه قادر على النهوض من جديد.
كسر العزلة الاقتصادية
دمشق لم تعد تعيش في عزلة اقتصادية رغم سنوات الحرب فمنذ بدء خطط إعادة الإعمار دخلت سوريا في سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية مع حلفاء تقليديين وشركاء جدد بعضها تنفيذي والآخر قيد الدراسة لكنها جميعا تشير إلى أن العالم بدأ يرى في سوريا سوقا واعدا رغم التحديات.
الاتفاقيات الاقتصادية المؤكدة
المملكة العربية السعودية
– حزمة استثمارية بقيمة 100 مليار ريال سعودي (حوالي 26.7 مليار دولار) موجهة لقطاعات البنية التحتية والطاقة والنقل
– صندوق التنمية السعودي خصص 5 مليارات دولار لتمويل مشاريع الكهرباء والمياه في المحافظات السورية الأكثر تضررا
الإمارات العربية المتحدة
– استثمارات مباشرة في قطاع العقارات والفنادق بقيمة 3 مليارات دولار أبرزها إعادة تأهيل فندق “الفضاء” الشهير في دمشق
– اتفاقية لبناء محطات طاقة شمسية بقيمة *1.2 مليار دولار* بالشراكة مع “مصدر”.
روسيا
– عقود إعادة إعمار الموانئ السورية خاصة ميناء طرطوس بقيمة 500 مليون دولار.
– استثمارات في قطاع النفط والغاز بقيمة 4 مليارات دولار تشمل تطوير حقول الغاز.
الصين
– خط ائتماني بقيمة 2 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية عبر “بنك التنمية الصيني”.
– صفقة لإنشاء المدينة الصناعية في حلب بتكلفة 1.5 مليار دولار.
إيران
– خط ائتمان بقيمة 1 مليار دولار لتمويل واردات المواد الأساسية.
– استثمارات في قطاع الاتصالات وتحديث شبكات الهاتف بقيمة 300 مليون دولار
الاتفاقيات قيد التفاوض
قطر
– محادثات لتمويل إعادة بناء مطار دمشق الدولي بتكلفة تقديرية تصل إلى 800 مليون دولار
– مشروع مشترك لإنشاء منطقة صناعية في حمص باستثمارات أولية 600 مليون دولار
الجزائر
– عرضت تمويل بناء 50 ألف وحدة سكنية بتكلفة 2 مليار دولار.
الهند
– مفاوضات لإنشاء مصانع أدوية في دمشق وحلب باستثمارات 400 مليون دولار
رفع العقوبات:
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وقع، اول يوليو الجارى، أمراً تنفيذياً ينهي برنامج العقوبات الأمريكية على سوريا للسماح بإنهاء عزلة دمشق عن النظام المالي العالمي، وذلك تماشياً مع تعهد واشنطن بمساعدة سوريا على إعادة الإعمار بعد الأزمة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في إفادة صحفية إن “الإجراء سيسمح للولايات المتحدة بالإبقاء على العقوبات المفروضة على الرئيس السوري السابق بشار الأسد وشركائه، ومنتهكي حقوق الإنسان وتجار المخدرات والأشخاص المرتبطين بأنشطة الأسلحة الكيماوية وما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات التابعة له، إلى جانب الجماعات المتحالفة مع إيران”.