قالوا وقلنا

إسرائيل وإيران حرب بالوكالة أم مسرحية هزلية؟

يقول جزء كبير من العامة من المسلمين السنة إلى أن ما يحدث بين إسرائيل من جهة، وإيران وأذرعها من جهة أخرى، ما هو إلا تمثيلية هزلية.

وانتشر هذا الرأي، بسبب التغذية المضادة والمركزة، ممن يتبنون هذا الرأي، وهم مجموعة من (المحللين غير الموضوعيين) في بعض الفضائيات ذات التوجه التطبيعي،

وكذلك الكثير من الصفحات والمواقع ذات التوجه السلفي المدخلي، (والكثير من الأفاضل الناقمين بحق) على إيران وحلفائها بسبب جرائمهم ضد المسلمين السنة.

وأقول ردًا على هذا القول

ولكن الحقيقة أن هذا الرأي، لا يطابق الواقع، ولا يقترب حتى منه، ولولا ما يترتب عليه من خداع للرأي العام الإسلامي،

ومحاولة إغراقه وإشغاله في خلافات، وتفاهات، لأهداف عديدة، تخدم في نهايتها المشروع الصهيوني في المنطقة،

لما تصديت لها في هذا الوقت الحرج من عمر أمتنا الإسلامية.

والواقع وأحداثه، يؤكد أن ما يحدث بين إيران وإسرائيل هو حرب غير مباشرة، أو حرب بالوكالة،

فإيران عبر حلفاءها وأذرعها، كالحوثيين، وحزب الله، والمليشيات العراقية، تقوم باستهداف إسرائيل،

وإسرائيل تستهدف إيران بضرب حلفائها وأذرعها في المنطقة، ويكبد الطرفان بعضهما خسائر فادحة، مباشرة وغير مباشرة،

حتى تطورت الأحداث، وتحولت إلى حرب واسعة في جنوب لبنان، يتكبد فيها الطرفان الخسائر الكبيرة والمؤلمة.

ويباشر الطرفان الإيراني والإسرائيلي حربهما بالوكالة، بشكل محسوب ودقيق، ولا يسعون – حتى الساعة – خوض حرب مباشرة،

لخشية كل منهما خسائر هذه المواجهة المباشرة وآثارها الفادحة، ولأن كل منهما لا تتحقق أهدافه أو مصالحه في خوض الحرب بشكل مباشر الآن.

لكن في ظل اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل، في الجنوب وتحوله إلى حرب حقيقية، ومع اشتداد الخسائر الإسرائيلية، يمكن أن يتوسع الصراع وتخوض إسرائيل حرباً مباشرة ضد إيران.

ونتيجة لما تقدم، فيكون القول بأن ما يحدث بين إيران وحلفائها وإسرائيل تمثيلية، غير منطقي، ولا يطابق الواقع، لأن القول بذلك يعد سابقة لم تحدث في تاريخ الصراعات الدولية -حسب علمي- في العصر الحديث،

لأن الصراع بينهما استمر لمدة عام، ومرشح للاستمرار والتوسع، بل مرشح للانتقال لمرحلة الحرب المباشرة،

كما أنه لا يوجد ما يبرر بشكل منطقي، أن تتفق كل منهما على ذلك، أيضاً الخسائر الكبيرة للطرفين، يستحيل معها تقبل التوافق عليها.

وإذا قيل التمثيلية لخداع حكام المنطقة أو شعوبها، فحكام المنطقة وشعوبها في صمت تام ومطبق، ولا يحتاجون تمثيلية لخداعهم، هم يخدعون أنفسهم بأنفسهم.

الخلاصة:

أنا أذهب إلى {أن التمثيلية الحقيقة هي القول بأن ما يحدث بين إيران وإسرائيل تمثيلية}

وذلك بهدف تغييب الشعوب المسلمة، وتحطيم معنوياتها، ومعنويات شعب غزة ومقاومته،

وإغراق وإشغال المسلمين في جدال، ينسيهم نصرة إخوانهم في غزة،

ويغذي هذه التمثيلية العديد من أجهزت المخابرات المعادية للمسلمين السنة،

وبدعم من أدواتها في وسائل الإعلام، من محللين وشيوخ، ومثقفين، باعوا أنفسهم،

ثم تبعهم الكثير من العامة، وبعض الأفاضل من الخاصة، المتأثرون بجرائم إيران وحلفاءها، في سوريا والعراق واليمن،

ولم يستطيعوا أن يفصلوا بين الحكم على الواقع الحالي والتاريخ الماضي.

وختاماً:

أوصي بأن نكون موضوعيين، وعلى وعي بالمرحلة، والواجب فيها، وتقديم أعلى المصلحتين في الواقع، وتحمل أقل المفسدتين في الواقع،

ومحاولة تحصيل ما يدرك اليوم قبل فواته، وتأجيل ما يدرك غداً لتحصيل المصلحة التي يمكن أن تفوت ولا تتحصل ابداً إذا فرطنا في تحصيلها اليوم.

وأضرب مثالا على ما تقدم:

مصلحة التحذير من الفكر السياسي والأيديولوجي للشيعة، يمكن أن تتأجل اليوم وتتحصل غداً،

وتحصيل دعم غزة لا يصح أن يتأجل اليوم، لأنه لن يتحصل غداً،

كذلك تحصيل مصلحة قول الحق في توصيف الواقع والإنصاف والموضوعية اليوم حتى مع الشيعة، لا يصح أن تتأجل اليوم،

لأنها لن تتحصل غداً، كذلك مصلحة توعية المسلمين اليوم بالأوضاع والأحداث الجارية، لن تتحصل بعد انتهاءها.

اللهم: انصر غزة وانصر كل من نصرها.

سيد فرج

محامي - ماجستير سياسية واقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى