سيد فرج يكتب: عماد جاد.. ومحاولة ابتزاز الدولة المصرية

{عماد جاد يطالب السيسي بإلغاء حكم قضائي لصالح دولة أجنبية؟!}

هل هذه محاولة لابتزاز الدولة المصرية؟

أم محاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي؟

أم محاولة لتوحيد الطوائف المسيحية المنقسمة على حساب الدولة المصرية؟

في ظل ما تواجهه الدولة المصرية من ضغوط أمريكية غربية، بسبب موقفها من التهجير، وفي ظل ما يحيط بمصر من مخاطر وتهديدات، بسبب العدوان الصهيوني على غزة، والحرب الأهلية في السودان، وعدم الاستقرار في ليبيا، جاء من يزيد الطين بلة، محاولاً خلط الأوراق، وإثارة الجدل، وفتح الأبواب للتشكيك والتخوين، مصدراً تصريحاته المفزعة.

حقيقة:

لم يكن الذي انتابني شعور بالدهشة أو الاستغراب فقط، فعندما سمعت وشاهدت مداخلة عماد جاد، هالني ما شهدته وسمعته، لأنه غير مبرر، ولا منطقي، ولا وطني، وضار بالأمن القومي المصري، ويمس بالمصالح الوطنية العليا، وبسيادة الدولة المصرية على أراضيها، ولا يتصور أن يصدر من مثله إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها.

وفي السطور التالية سأحاول إلقاء الضوء على موضوع المقال وعنوانه في الإجابة على الأسئلة الآتية:

السؤال الأول:- من هو عماد جاد؟

د. عماد جاد.

هو: سياسي مصري، نائب سابق بالبرلمان المصري 2015 عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، مسيحي أرثوذكسي المفترض أنه من شعب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

دائم الظهور في الاعلام مهاجماً تيار الإسلام السياسي، وهو يعلن (على خلاف سلوكه السياسي) أنه يؤمن بالمبادئ الديمقراطية التي تدعو إلى الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، واحترام القانون والدستور، وعدم الاستقواء بالخارج، وقبول الآخر، والحوار لحل الخلافات، وإدارة التنوع، وحرية التعبير، والمشاركة السياسية، والتوافق، والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، لكن واقع سلوكه السياسي هو اقصائي لا يؤمن بشيء من الديمقراطية إلا بفصل الدين عن السياسة ( طبعاً الدين الإسلامي) وعزل المواطنين المصريين الاسلاميين عن الحياة السياسية.

السؤال الثاني:-

ما هو الموضوع الذي علق عليه في الاعلام؟

هو:

الحكم الصادر من محكمة استئناف الاسماعيلية القاضي منطوقة بما يلي:

١-أن منطقة سانت كاترين ملكاً للدولة المصرية.

٢- أن تابعي دير سانت كاترين لهم أحقية الانتفاع بالدير والمواقع الأثرية بالمنطقة.

السؤال الثالث:-

ما الذي صدر من رئيس الجمهورية بخصوص هذا الحكم؟

لقد أثنى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي على الحكم، وذلك في اتصاله برئيس الوزراء اليونان، وكذلك وزير الخارجية المصري مع نظيره اليوناني.

السؤال الرابع:-

ما هو موقف عماد جاد من الحكم ومن الرئيس عبد الفتاح السيسي؟

رفض الحكم، وعقب عليه بجهل، وطلب التدخل في اختصاص السلطة القضائية، وطالب الرئيس بإلغاء الحكم، وقام بتزييف متعمد للواقع، والحقائق التاريخية، والدولية، والقانونية، وقال أن تصريحات رئيس الجمهورية ستعقد الأزمة ولن تحل المشكلة.

السؤال الخامس:-

ما الذي طلبه عماد جاد من رئيس الجمهورية؟

طلب من الرئيس التدخل في اختصاص القضاء، والافتئات عليه، وإلغاء الحكم، ولا يضم منطقة دير سانت كاترين للسيادة المصرية، ولا يتم النص قانونياً أو قضائياً، على ملكية مصر لها، لأن تصريحات الرئيس لن تزيل تخوفات رئيس وزراء اليونان ورئيس لجنة الثقافة في البرلمان اليوناني، وكأننا في زريبة وليس دولة.

السؤال السادس:-

ما هي مبررات عماد جاد لطلبه هذا من رئيس الجمهورية؟

للأسف مبرراته مخزية، يزعم أن هناك تخوفات لدى رئيس وزراء اليونان، ودول شرق ووسط أوروبا، بعد حكم المحكمة المصرية، (وهو بسلامة قدره، ورقة مشاعره يريد إزالة هذه التخوفات).

السؤال السابع:-

هل يُلحق عماد جاد بطلبه هذا الضرر بصورة رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة وصورتهم بالداخل والخارج؟

بالتأكيد:

فعندما يخرج على وسائل الإعلام المشهورة، سياسي مصري مشهور، ومسيحي متزمت، يعرف له علاقات، وتواصلات، عديدة، داخلية، كعضو مكتب سياسي لأحد الأحزاب المعبرة عن الكنيسة، وباعتباره وكونه عضو سابق بالبرلمان، وعضو بلجنة الشؤون الخارجية آن ذاك، ويطالب رئيس الجمهورية بإلغاء حكم قضائي لصالح دولة أجنبية، فلابد وأن يسلط عليه الإعلام المحلي والدولي الضوء، وعندها سيضر بصورة الرئيس ومؤسسات الدولة سواء استجابوا لطلبه أم لم تستجيبوا.

لأن قبول طلبه يطعن في نزاهة الرئيس وحيادة وفصله بين السلطات، والمؤسسات واستقلال القضاء، ويضر بالدولة، والشعب، ويظهرهم بمظهر الضعف، والفوضى، والاستسلام للضغوط، والابتزاز الطائفي البغيض.

وهذا لا يقبله مواطن مصري بسيط شريف، فكيف تقبله دولة بحجم مصر؟؟!!

السؤال الثامن:-

كيف زيف عماد جاد الحقيقة؟

فمن المستهجن… والمقزز…أن ترى باحثاً في العلوم السياسية، وحاصل على درجة الدكتوراه، فضلاً عن كونه نائباً لمدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يزيف الحقائق الواقعية، والدولية، والقانونية التي استقر عليها القانون الدولي، بل والمجتمع الدولي، ويريد أن يعيدنا إلى (عصور الظلام) حيث كان رجال الدين المسيحي يحاربون العلم وينشرون الجهل ويضطهدون المسيحيين في مصر لولا أن جاءهم نور الإسلام فرفع عنهم ظلم الرومان وأمنهم في أديرتهم.

يحاول أن يستخف (عماد جاد) بالمواطن المصري، والدولة المصرية، رئاسةً وحكومةً وقضاءً ومؤسساتٍ، ويقول:

أن منطقة “سانت كاترين” لا تخضع للسيادة المصرية، ولا يتبع دير سانت كاترين للكنيسة المصرية، ولكن تخضع لسيادة القسطنطينية منذ عهد الاحتلال الروماني لمصر (شوف الهبل) يقول (القسطنطينية منذ الاحتلال الروماني لمصر) ثم يستطرد في الاستهبال التحليلي ويقول: أن (دير سانت كاترين) تابع (لكنيسة آيا صوفيا) (شوف الهبل) و(الخزعبلات السياسية)

طيب ياسي عماد سؤال:

أين تقع الآن القسطنطينية؟

وأين هي كنيسة آيا صوفيا؟

هل تعلم:

– أن القسطنطينية أصبحت اسطنبول؟

– وأن كنيسة آيا صوفيا أصبحت المسجد الكبير آيا صوفيا؟

فهل تريد أن تعطي دير سانت كاترين لتركيا؟ لأردوغان عدوك اللدود كمسيحي باعتبارك تريد عودة القسطنطينية، وعودة آيا صوفيا لأحضان المسيحية؟

فمازالت ياغلبان تعيش في زمن الوهم الصليبي لم يمر عليك ذكر السلطان محمد الفاتح؟ الفاتح؟ فاتح القسطنطينية، ومحول كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد كبير؟

أم أنت تلعب دور الحاوي المخادع لجمهوره؟

يعني بتقول جلا جلا محدش يفكر ولا يبص ولا يشغل مخه؟؟

السؤال التاسع:-

ما الذي يريده عماد جاد من وراء طلبه وتصريحاته؟

بعد أن غابت الدهشة، وزال الاستغراب، وهدأ الغضب، حاولت التنبؤ والاستنتاج للإجابة على هذا السؤال.

فحاولت أن أكون موضوعياً كباحث في الشئون السياسية وطرحت عدد من السيناريوهات فترجح عندي منها خمسة وهي كالتالي:

السيناريو الأول:-

– أنه يقول كلمة حق ويريد إعادة الحق لأهله:

ولكنني استبعدت هذا السيناريو، بسرعة فعماد جاد غير معروف بذلك، ولا يدافع عن حقوق المصريين، فكيف يدافع عن حقوق اليونانيين؟؟

أيضاً: هذه ليست كلمة حق بل كلمة باطل وضلال فلا سانت كاترين تابعة للقسطنطينية ولا دير سانت كاترين تابع لكنيسة آيا صوفيا، فلا القسطنطينية قائمة ولا الكنيسة موجودة.

السيناريو الثاني:-

– هو أنه يخشى على الدولة المصرية من تهديدات اليونان ودول شرق أوروبا ودول وسط أوروبا كما زعم:

وهذا السيناريو، استبعدته أيضاً، لأنه لا يوجد ما يهدد أمن مصر ولا حدودها ولا جيشها ولا اقتصادها ولا استقرارها من أي دولة ولا قامت حتى الآن أي دولة بتهديد مصر، بل ما يقوله هو وأمثاله يحرض على مصر.

السيناريو الثالث:-

– محاولة ابتزاز الرئيس المصري ومؤسسات الدولة:

وهذا السيناريو لا استبعده ولا أرجحه، لماذا؟

لأن هذا سلوك دائم له ولمن هم على شاكلته يكون لهم مطالب طائفية أو سياسية فيضغطون بأي قضية لكي يتم التفاوض والمساومة معهم، فيحصلون أحيانا على بعض المطالب، ومن خلال متابعتي غير الدائمة له، فقد تكون له مطالب طائفية أو سياسية خاصة فيما يخص الانتخابات الرئاسية، والنيابية، حيث كان يطالب بضمانات إضافية غير الضمانات القضائية.

(وهذا السيناريو -إن وافق مراده- فهو سيناريو قذر مرفوض لأنه أسلوب يضر بالدولة المصرية)

السيناريو الرابع:-

– محاولة زعزعة استقرار الدولة المصرية:

هذا السيناريو لا أرجحه ولا أستطيع أن استبعده، لكن هذه التصريحات وهذا الطلب إذا تم الاستجابة له يزعزع استقرار الدولة ويضر بالثقة بين الشعب والدولة ويطعن في الرئيس والمؤسسات في نظر الشعب، خاصة أنه يمثل استجابة لضغط شخص طائفي لمطالب طائفية خاصة بدولة أجنبية، ويعد تفريطا في الأرض المصرية.

(وهذا السيناريو أيضاً – إذا وافق مراده- فهو سيناريو قذر مرفوض يضر بمصر وشعبها ورئيسها ومؤسساتها)

السيناريو الخامس:-

– محاولة توحيد الطائفة الأرثوذكسية المنقسمة على حساب الدولة المصرية؟

وهذا السيناريو لا استبعده ولا أرجحه:

وذلك لأنه من خلال متابعتي العابرة لعماد جاد، أستطيع القول بأنه طائفي متزمت، رافض لانقسام المسيحيين، لطوائف عديدة، وانقسام كل طائفة لكنائس عديدة، وكاره لانقسام قياداتهم، لبطارك وباباوات، وهو من دعاة الوحدة بين الطوائف التي يكفر بعضها بعض.

وهو للعلم أرثوذكسي تابع لشعب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية (المصرية) ودير سانت كاترين تابع للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، والكنيستان بينهما خلاف كبير يصل إلى حد التكفير.

فهناك فرق كبير بينهما في (اللاهوتية) و(الطقسية) و(الثقافية) وقد هاجمه العديد من المتدينين المسيحيين المصريين الأرثوذكس، على هذا النهج واتهموه بالجهل.

(وهذا السيناريو -إن وافق مراده- فهو قذر مرفوض ومستهجن إذا أراد أن يفرط في أرض مصر أو يحرض عليها من أجل هرطقة لا قيمة لها حتى في عقيدته الأرثوذكسية)

إذن:

هذه السيناريوهات الثلاثة الأخيرة يطرحها تصريحاته المستفزة واللامسئولة والمرفوضة عقلاً وشرعاً واقعياً وداخلياً ودولياً، وهي جميعاً أو أحدها مرفوض رفضاً تاماً ويجب التصدي لها ومواجهتها بكل حزم.

السؤال العاشر:-

هل عماد جاد شخصية يمكن أن يكون لها تأثيراً خارجياً أو داخلياً؟

بالتأكيد:

فهو على المستوى الداخلي:

سياسي مسيحي له حضور داخل العامة من شركاء الوطن في المكون المسيحي.

وعلى المستوى الخارجي:

فهو سياسي معروف في وسائل الإعلام، وكان عضواً في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري، فتصريحاته تتابع، وخاصة إذا كانت القضية محل اهتمام جهات خارجية.

السؤال الحادي عشر:-

ما هي خطورة تصريحات عماد جاد على الدولة المصرية على المستوى الداخلي المصري والمستوى الدولي؟

هذه التصريحات خطرة على مستويات عدة:

أولاً: المستوى الداخلي:

هذه تمثل تشكيكاً في القضاء المصري ونزاهته واستقلاله، وتضر بسمعة الرئيس إذا وافق، وتزعزع استقرار المؤسسات.

ثانياً: على المستوى الدولي:

هذه التصريحات تسهم في الضغط على الدولة المصرية ومؤسساتها ورئيسها.

السؤال الثاني عشر:-

هل يدرك عماد جاد أن ما يفعله خطأ وضار بالدولة المصرية والرئيس والمؤسسات؟؟

بالتأكيد يدرك:

لأنه سياسي وباحث في الشئون السياسية ويعلم الفصل بين السلطات، كما يعلم أن مثل هذا الطلب يحرج الدولة المصرية ورئيسها ومؤسساتها على الملأ.

كما أنه يدرك أننا في القرن الواحد والعشرين، ولا يوجد ما يسمى ب(القسطنطينية) ولا ما يسمى بـ(كنيسة آيا صوفيا) إلا في الزهنية الطائفية الظلامية التي تريد أن تعيد عهد الحروب الصليبية المتوحشة.

فهو يدرك جرمه، وخطر ما يقول، بل ويدرك أنه يمارس تزييفاً للواقع والتاريخ.

كما أن سلوكه في قضية (تيران وصنافير) ودعوة للالتزام بحكم القانون، يختلف تماماً مع سلوكه مع حكم المحكمة في قضية (سانت كاترين).

السؤال الثالث عشر:-

ما يجب علينا نحن في مواجهة تحركات عماد جاد وأمثاله في هذا الظرف الحرج والخطر في عمر الدولة المصرية؟

يجب علينا في هذا الظرف العصيب من عمر الوطن، العمل على تماسك الجبهة الداخلية، والتصدي لمثل هذه التوجهات والتحركات الابتزازية، والطائفية، وغير الوطنية، التي إما أن تهدد استقرار الدولة، أو تضيع حقوقها على أرضها، أو تفتح الباب على مصراعيه الاحتراب الأهلي، أو تحريض الشعب على مؤسساته، أو التدخل الأجنبي والضغوط الخارجية.

وختاماً:

نحن هنا حاولنا إماطة اللثام عن زيف تصريحات عماد جاد، وبينا خطأ وخطورة مطالبته لرئيس الجمهورية بإلغاء حكم القضاء المصري الصادر من محكمة استئناف الإسماعيلية، وهنا أؤكد دعمي لحكم القضاء المصري الوطني ودعمي لتأييد رئيس الجمهورية لهذا الحكم ورضاءه به ودفاعه عنه.

اللهم: احفظ مصر وشعبها وانتقم ممن أراد مصر وشعبها بشر.