صبغة الله الهدوي يكتب: عن الوجه الآخر لصحيفة ماتربهومي
نعم. الليل يبدو لأمتي أبدا كأن وعد الصباح راح سدى، في كل زاوية تنبح الكلاب وفي كل نادية تختفي الذئاب فاغرة الأنياب، ولكن الإسلام سيبقى صامدا دون التحديات والغطرسة ولا يزال مقبلا على الصعاب والهضاب، ولكن العجب، أنه توحشت في دولة شعارها العلمانية أطياف الكراهية والعنصرية الخالصة، ومضت في سعيها رافضا كل الحقوق الإنسانية ودائسا جميع الأهداف الخيرية، دائما يقوم الدين في محكمة الجرائم ويقدم عرائض العفو والمآثم حتى أمحت مآثر السلام ومشاعر الراحة والتضامن، وقد اصطفت في تلك الصفوف..
صفوف العداء المظلم من كانت تتحلى حلة الأمان والمساواة وأصبحت اليوم منبرا ومحرابا ضد الدين الأصيل والمعتقد الجميل، ماضيها عداوة وحالها خدعة وأما استقبالها؟…
اعلم أن الرغوة فوق الصريح. وأن استقامتها في اعوجاجها ثم كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟ نعترف أنها تفتخر بكثرة قرائها وأنها تنتمي إلى الدوريات القيادية والمجلات السائدة، وأنها تدري كيف يوقع الأمة في أخطبوط الجهالة وتعلم كيف تجتالهم في أخدود الضلالة، وقد ربحت تجارتها وبدأت في حصادها منذ السنين، وأسالت وقود العصبية والنخوة الجاهلية ولم تلبث حتى فرقت الأمة ودعمت في هدم البنية الإسلامية من فوقها وتحتها وإشاعة التحزبية وإساءة صفوة الإسلام وإقامتها في مسرحيات الجور وضيق جدرانها…
نعم. كيرالا هي ولاية مباركة، تلتزم الأمن والأمان والسلام القومي، تاريخها مفعم بمشاعر الأخوة ونشأتها سايرت مع البذل والعطاء، ولكن متى فشت رسائل العنصرية والطائفية والشعوبية، ومن قادت تلك الحركة الهدامة وقامت في طليعتها وأرسلت لجامها، إنه واضح أن كيرالا لقد نسيت أمسها الباسم وتناست عن هدفها القويم حتى اهتز كيانها واجتث من جذورها ما لها من قرار، فتلاشت المودة التي كانت رمز شعبها واحتلت في مكانها أفاعي العدوان، مع أن ماضيها أيام الهيمنة والهدوء، لقد استضافت هذه الولاية من كان يحبها ويحييها وفتحت حضانتها لكل من يلتجئ إليها ويستغيث بها، وهي مزدانة بجمال بيئتها ومزركشة بعزة شعبها وإباء مجتمعها، هدئت حتى لو اضطرب العالم وتحركت الدنيا واطمأنت رغم الرغبات الفاسدة، وامتازت هذه الولاية بفرديتها من بين الولايات والعلاقات، وتفرد مسلموها بقوة الإرادة والتزامية الوطن والتضامن والتحباب، في جوهم أريج الحضارة المشرقة وأصالة التراث الغالي، تحيي ضيوفها بالمساجد والهياكل والكنائس وبالهلال والصليب والوثن، لكنها تضرب قيثارة المجد والعزة الخالدة والأخوة الخالصة.
الاتجاه الجديد في الأدب المليالمي
الأدب المليالمي ينتمي إلى التراث القديم العريق، وهي ثرية بقوة تأثيرها وسعة نطاقها، وقد أنجبت هذه اللغة تأثيرا بالغا في تنمية الثقافة المستنيرة وتقوية فكرة الوطنية، ولكن بعد استقلال الهند من المملكة البريطانية تولدت هناك خواطر العنف والشراسة بين الأقوام، وارتفعت حيطان الفرقة بين الهند وجارها، حتى انفجر سيل من الكتب الأدبية والروايات الهندية التي تشير إلى كوارث الفرقة وحوادث الاستقلال حتى اتسع الخرق على الراقع وانتشر الغبار على الواقع، فأصبح تاريخ الهند مشوها وتراثها مموها، وتركتها مقسمة بين الصقور والثعالب، ولكن مهما كانت الأمور بقيت كيرالا بمعزل بعيد عن هذه الضجات المتمردة ونائية عن هذه الصرخات المشوشة، لأنها جرت في درب الأمن والهدوء بدلا عن مسايرة أشقتها في سبيل الموت والحروب الفاحشة،
وفي مرور الأيام تعرضت الهند لعديد من الفسادات المدمرة التي خرجت في مختلف الولايات الهندية، وضجت مدنها وأقاليمها بشعارات تدعو إلى إبادة المسلمين وإلى تشريدهم من عقر دارهم ونفيهم من أوطانهم، وقلت المنابر والمحاريب التي تدفع هذه ا لأمة عن هذه النكبات الجريحة وتطلقهم من كوابيس الظلام، فاستغل بغضهم وتوغلوا في قضايا الأمة وأبدوها بكل عين حاقدة، ومثلوا حالاتها التعسة مع أقصى المجازفة والتجوز، وأطفأوا كل قبس في منبعه وأخمدوا كل شعلة في تنورها، وهيئوا لأجلها أفلاما ومسلسلات تبدي عن سوءات الأمة وتضعها أمام الشاشات والتلفزة، كلها تثير الجدل والتشاحن وجهزوا لأجلها أرباب العمائم واللحى يصدرون قرارات لا تليق بمعتقد الإسلام ويفتون على أس الأهواء ثم يروجونها ترويجا باهرا حتى وهن الحق دونها واغتر الخلق بلونها، وامتصوا دماء الشباب ورجولتهم وجلعوهم ملازمي الشهوة والخلاعة، وعملت هذه المجلة كهمفر يطل إلى الأسرار.
وأما في كيرالا، كانت الأمور على انعكاسها، حيث ترددت الأصداء على مقاطعة، مقاطعة ولدت بعد طلق شديد وألم وبيل، مقاطعة مالابرم، حيث طلب الزمان وجودها ونادى إلى أهميتها وضرورتها، وكانت سنة 1969 يونيو16 عيدا مباركا بالنسبة للمسلمين حتى فتك عليهم من كان يرتصد في الكمائن واستخدموا جل جهدهم في إسقاط هذا الحمل.. بالمسيرات والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات ولكن العزم الصامد والبطل القائد أمير الأمراء سي إتش محمد كويا أول مسلم احتل رئاسة الوزراء أفحمهم وأبطل كيدهم وسحرهم، وفي هذه اللحظة الحاسمة كانت مجلة ماتربهومي تمكر تحت جنح الليل البهيم عن إساءة المسلمين وتهويل هذه المقاطعة سطرا سطرا، ومهدت سبل الانتقاد والرد الفاحش، وبينت عبر ملفها أن هذه المقاطعة تسبب لولادة باكستان صغرى، وأنها تقوم بالبغي والطغيان في الوطن إلى أن ادعت أنها سفارة باكستان، وبهذه السطور المسمومة استطاعت لها لتقدم تهديدات للهنادك ومن وراءها لبث حبات يانعة لولادة حزب أسس على العنف والكراهية، وإنه لحق بأن السنوات المسلسلة بعد ولادة مالابرم عجلت في سير عجلات هذا الحزب الظالم، وفازت في السيطرة على قلوبهم بسهام التحزب والتعصب، وفي كل انتخاب اصطادوا سمكا جديدا وأدركوا أن هذه البضاعة ستكون رائجة في هذا السوق المفتوح، وكيف لا يكون، تدعمهم مجلة قيادية لها آلاف القراء، فأصبحت ساعيا أو بريدا في تحمل رسالتها الزائفة، ولم يتوقف عنفها حتى في أيام قضية مسجد بابري، تفردت من بين الدوريات بشذوذها الجنسي، وحاولات في تمزيق الأمة من أصلها واجتياحها من عروقها، وفرحت حينما أسبل المسلمون دموعهم ولم تندب ريثما صبت دماء الأبرياء في شتى البقاع، ومايلت نحو الطرف العدواني عندما تكدرت بومباي وغجرات بالفتنة والصراعات الداخلية، وأنها أقبلت في تشويه وجه الأمة بجلب قضيات جدلية مثل المرأة وحريتها والطلاق ونكاح الصغار وتعدد الزوجات، حيث استقطبت أفكارها في افتراس أبنائها وعلمائها، ونبحت كلما ارتفعت قضية قانون المدني الموحد وأعلت أصواتها ضد الشريعة واللغة العربية مع أنها تحلت بالمساواة والعدالة القومية.
وشاركت في كل عملية تتوجه ضد الإسلام وأهاليه بتجريح فتاوي العلماء وتعريض مواقفهم بدون أي إنصاف، بل أعسفت في المشاريع الإباحية والمخططات الجنسية كأنها تدعو إلى الخلاعة والفجور، فلا غرو إذا تورط الإسلام في حبائلها وصلت كلما اضطربت مليبار في القضايا وتجسست في ولاية المحلات والقضاة وأعلنت إصداراتها على وجه غير صحيح، وأما المحلات مع أنها معاقل الإسلام وحصون الدين المؤيد كانت محراكا قويا في انتصار الإسلام واتحاده رغم التحديات والمعضلات، وبها تفردت كيرالا ومسلموها من كل الولاية وتحركت عجلاتها في تنسيج الدعوة الإسلامية وإنشاء الخلايا الدعوية، وأسرعت في ميدان الطباعة والنشر والمجلات، وقامت في المستوى الأعلى وارتفعت درجة المدارس الثانوية والعالية والكليات الأكاديمية والجامعات المشهورة، ولكن الخدعة التي جربتها هذه المجلة ومن والاها لا بد أن تظهر في المنظر العام، حيث عدت المحلات علاقات موازية لدستور الوطن وان قواعدها تناوئ أحكام جرائم الدولة، ولأجها ملأت خاناتها بسوء الظن وفحش القول
ثم إذا وجهنا نحو تلك الجريدة، التي استعدت بدون أي وجدان ولا، على إساءة الرسول وأمهات المؤمنين حتى استعفت واستغفرت وتابت، ولكن الزبد فيذهب جفاء، ولم ترض بوجود جامعة عربية ولا مدارس تفتح قبل أون المدارس الحكومية ومدت يديها إلى أسرار النكاح والطلاق وأبشع في تقديم حسابها تحت سمع العالم وبصره.
همفر من جديد لكن مع التفنيد
أما همفر، الشخصية التي أبهرت العالم بخدعته ثم اعترفت بعدما أنتجت ثمرته واستحق حصادها، كأن تاريخ العدوان يتسلسل ولم يتوقف جريانه، في كل مقالة رائحة كريهة وفي كل سطر رشحة الفضيحة، لقد أطلت إلى كلية فاروق، وحركت شهوتها في قضية المساواة الجنسية، وأتت إليهم كسفير العدالة أو رسول السلام، مع أنها كلية تحكي بطولات أمة ترعرع في قالب الإيمان واسترداد مجد مفقود عند غفلتها، ولكنها غلبت على كيدهم ومكرهم وراقبت العدوفي دارهم وقصرهم، والأعجب، أن هذه الخدعة مصبوغة بالمساواة والسلوك والآداب، ولديهم مئات الكتاب والمؤلفين والمثقفين الذين اندفعوا في زهرة المادية وفي نكبة الإسلامية ثم مدت رأسها في إيقاد السراج التقليدي الهندي(نلولك)، بل تطاولت في شأون وزارة التربية لولاية كيرالا، حقا إنها أعور وأحول، بل هي كفيف ضلت في الطريق.
وقد أتانا اليوم خبر جديد بحزن شديد، أن الروائي المليالمي المشهور الكاتب سنتوش اتشكانم عرض رواية تحت عنوان(برياني) تحكي عن إسرافات مليبار بمناسبة الزفاف ووضعها في غلافها كأنها رواية حسناء اوحكاية غناء، ولكن..بعد سلسلة العدوان والمكر هلا اكتفت هذه الورقة كي تتوقف عربتها من الإسلام وتنخلع من رقبتها وتتنازل عن منصات السلام، ولكن وما يوم حليمة بسر، إن كل جريدة تجري تحت إشراف غير الإسلاميين تتطلع إلى إصدار عدد أو إنشاء قضية تتعلق بالإسلام، ويحدقون في تحريرهم كي يلقي الضوء عليها ويدعو المسلمين للاستنهاض والاستيقاظ، في بلاطهم أدباء يتحدثون عن الإسلام وشيوخ يصدرون الفتوى حسب التخيلات والهوى، عدتهم مجرد التعاند والتكابر، ولا يستريحون إلا إذا نفخت كور العدوان من بين أثافيها.
ولكن بعد مطلع القرن الواحد والعشرين، تحولت رؤية مليبار ومالت إلى شبه العنف ضد هذه التموجات المجرحة، وأحييت المدن والشوارع بمظاهرات شديدة اندفعت فيها وساوس الفاشية والعيون الحاقدة، حتى تعرضت تلك المجلة لإنكارات شديدة وأحرقت علنا وانخفضت في التسويق والترويج، واجترأت بعض المحلات لحظرها ورفضها وإبادتها، هكذا ردت الأمة ضد هذه الأيادي المؤلمة وأبدت رجولتها دون هذه الإجراءات المحرجة.
إلى متى تصبر الأمة هذه الحمولة الثقيلة وتقوم خضعانا بين أيديهم وتقدم لهم صدقة وتتحرك معها يمينا وشمالا، وتقتبس منها موقفها ورأيها، فلا بد من إعادة صمودنا وإبادة خمولنا وجمودنا حتى نوحي وعيا إسلاميا لا غبار عليه ونصطلي من مشكاتنا رغم الأعاصير والعواصف ونرسل إلهامات لها تأثيرات عريقة وانعكاسات عميقة الجذور معكم نصر الله ألا إن نصر الله قريب.
وأما الثبات دون مثل هذه الأزمات لا بد لها حصاد كبير وحاصل مثير، نعم وأنتم على المجرب.