السبت يوليو 27, 2024
مقالات

صلاح الإمام يكتب: مع الحشاشين (1)

أنا لا أشاهد مسلسلات منذ زمن بعيد يصل إلى 30 سنة تقريبا..

لكنى بسبب حبي للتاريخ أنجذب إلى أي عمل فني يجسد شخصية أو مرحلة تاريخية وأكون توّاقا لرؤي الكاتب ومصمم الديكورات والملابس ومخرج العمل في إظهار الأحداث القديمة على الشاشة.

لكن هناك فرق بين عمل درامي يسرد الحدث كما وصلنا في كتب السابقين وبين عمل يكون مستوحى من أحداث تاريخية ويعطى فيها الكاتب مساحة كبيره لخياله فيبدع ويتألق.

السينما المصرية لم تقدم عملا تاريخيا صحيحا ولو بنسبة 70% بما في ذلك الأفلام التي تناولت السيرة النبوية والهجرة.. وبلغت المأساة قمتها في أفلام مؤثرة جماهيريا مثل فيلم «وا اسلاماه» وفيلم «الناصر صلاح الدين»!! فقد بلغت نسبة الأخطاء التاريخية في كلاهما مستوى «الاستهبال والتهريج» وأعتقد أنى تناولت هذا الفيلمان في منشورات لي على صفحتي الأساسية التي أغلقها الفيس منذ أكتوبر الماضي وفندت كل أخطائهما وخيل لي أنهما خلا من مشهد واحد صحيح بل كله من نسج الكاتب والمخرج ولا يمت لوقائع التاريخ بأية صلة.

ما علينا..

دعوني أصل معكم لأصل الموضوع وهو مسلسل «الحشاشين» فأنا بدأت أشاهده من الحلقة الثالثة بعدما قرأت بعض ما كتب عنه.

في العام الماضي كان هناك مسلسل «الشافعي» وكان عملا ليس فقط حافلا بالأخطاء التاريخية بل كانت بعض مشاهده تبدو غير منطقية ولم أستطع مشاهدة حلقة واحدة لآخرها كما لم أستطع مشاهدة أكثر من 5 أو 6 حلقات..

وكان معه في نفس السياق مسلسل اسمه «سره الباتع» وهو حاول أن يقدم عملية مزج بين مقاومة المصريين للحملة الفرنسية وبين ثورة يناير 2011 في إطار عبثي أدنى بكثير مما لو كان هناك تلاميذ في المرحلة الابتدائية قدموه ويعكس جهلا بكثير من الثوابت.. وتقديري أنه من أسوأ الأعمال الدرامية منذ دخل التليفزيون مصر عام 1960.

معذرة على الاستطراد وعودة مرة أخرى لمسلسل الحشاشين..

كاتب المسلسل هو نفسه الذي قدم لنا عام 2010 مسلسل «شيخ العرب همام».. وكان عملا دراميا رائعا لكنه لم يقدم تاريخا حقيقيا فهو مستوحى من شخصية همام الهوارى الذي قدمت قبيلته لمصر من بلاد المغرب وأقاموا بالصعيد مع كثير من القبائل العربية التي أتت إلى مصر واستوطنوا الصعيد واستطاع همام أن يبسط نفوذه على مصر العليا بدءا من المنيا حتى أسوان وأصبح صاحب دولة حتى تمكن على بك الكبير من إسقاط دولته.. وكل أحداث المسلسل (الرائع) أستطيع أن أقول إن 20% منها فقط هي الحقائق والباقي من إبداع الكاتب.

كذلك مسلسل «الحشاشين» هو عمل فنى مستوحى من التاريخ لكن لا أقبل أبدا أبدًا أن يقول أحد أنه يقدم تاريخ شخص أو أشخاص أو مرحلة ذلك أن الكاتب هنا يقدم عملا من صنعه ومن إبداعه لا يمت لوقائع التاريخ بصلة خاصة أن بطل هذا العمل (حسن الصباح) لم يتفق إثنان من المؤرخين على تقييم محدد له وان اتفقت كل المراجع على أنه كان على ضلال فهو ينتمى لأشد فرق الشيعة تطرفا وهى الفرقة الاسماعيلية التي تنسب لإسماعيل ابن جعفر الصادق التي خرج منها القرامطة والدروز والبهرة واليزيديون عبدة الشيطان وغيرهم من الفرق الباطلة الهدامة التي تنشر الضلال والفساد في المجتمع الإسلامي.

المسلسل لو قلت إنه تاريخي فسيكون تقييمه (صفر) لأنه حافل بالأخطاء الجسيمة وأول هذه الأخطاء أنه يقدم باللهجة العامية المصرية المعاصرة رغم أن أحداثه تدور في بلاد فارس وآسيا الصغرى وأشخاصه ليسوا عربا بل فرس وأتراك والمملكة التي عاش في كنفها حسن الصباح هي دولة السلاجقة التي حمت الأمة الإسلامية من غزوات الصليبيين والسلطان ملكشاة الذي عمل حسن في بلاطه هو ابن السلطان السلجوقي العظيم ألب أرسلان..

وللحديث بقية..


‏تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في يوتيوب

تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في واتساب

Please follow and like us:
صلاح الإمام
كاتب صحفي مصري حر مستقل باحث ومحقق في التاريخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب