“علي بك الكبير”.. مؤسس مصر الحديثة أَم صليبي حاقد على الإسلام؟
علي بك بلاط الكبير
الميلاد: 1728م، أبخازيا (كانت أبخازيا جزءا من جورجيا، وهي دولة مستقلة الآن)
الوفاة: 8 مايو 1773م، القاهرة – مصر
– يقول المؤرخ “ستافرو لانسبان” وكان معاصرًا لـ “علي بك الكبير” وملاصقا له، وبحسب ما ذكره كتاب: (في تاريخ العرب الحديث) للدكتور رأفت غنيمي الشيخ: إن “علي بك الكبير” ابن قسيس رومي أرثوذكسي من قرية أماسيا في الأناضول، وأنه وُلِدَ في سنة (1728م) وتم خطفه في الـ13 من عمره، وبيع في القاهرة للأمير إبراهيم كتخدا، وبدأت معه رحلة التعليم، وحفظ القرآن الكريم، والتدريبات التي يمر بها المماليك، ولكن بعض المؤرخين ومنهم الجبرتي يقولون إنه من مواليد “جورجيا” لعائلة مسلمة، لأنه كان يحفظ بعض سور القرآن الكريم عند بيعه، وقبل قدومه مصر
– كان علي بك، ذكيا بارعا قويا، مدمنا لقراءة كتب التاريخ، والفلسفة، والاستماع للسّيَر الشعبية المصرية، والحكايات التاريخية.. ووضفَ المؤرخون “علي بك الكبير” بأنه كان شديد المراس، عظيم الهمّة، قوي الشكيمة، لا يميل إلى الهزل ولا إلى المزاح.
– نجح في شراء مئات المماليك، واستطاع أن يصبح (شيخ بلد) محافظا للقاهرة، ثم استغل علي بك الكبير فرصة انشغال الدولة العثمانية في حربها مع روسيا، وقام بعزل الوالي العثماني، واستولى على القاهرة، ثم بسط نفوذه على الوجهين البحري والقبلي،
– زادت قوة “علي بك الكبير” بعد أن أصبحت جميع القوى الحربية في يده، وهو أول جيش مصري موحّد في العصر الحديث، ولم تجرؤ الدولة العثمانية أن ترسل واليا لمصر، على مدى 4 أعوام، بل أن علي بك الكبير، منع الأموال المقررة سنويا على مصر إلى (الباب العالي) الدولة العثمانية.
– لم يكتفِ علي بك الكبير بأن بسط نفوذه وسلطانه على مصر، فقد نجح في ضم الحجاز، في يونيو 1770م، بعد حملة “محمد بك أبو الذهب”.. وأصبح الدعاء له على منابر الحجاز، ونُوديَ بـ “علي بك الكبير” في الحرمين الشريفين سلطان مصر والحجاز وخاقان البحرين، وذُكِرَ اسمه ولقبه على منابر المساجد في أرض الحجاز كلها.
– شجّعَ نجاح حملة الحجاز علي بك الكبير، على أن يتطلع إلى إرسال حملة إلى بلاد الشام،
وتمكّن “محمد أبو الدهب”، قائد الجيوش المصرية، من تحقيق انتصارات هائلة، فاستولى على غزة والرملة، ولما اقتربت قواته من بيت المقدس خرج إليه حاكمها وقضاتها وأعيانها ورحبوا بقدوم الحملة المصرية فدخلتها دون قتال، واستسلمت يافا بعد حصار دام شهرين، ثم فتحوا صيدا،
– استطاع محمد أبو الذهب، هزيمة الجيش العثماني في دمشق، ودخلَ دمشق في (22 صفر 1185هـ/ 6 يونيو 1771م).
الخيانة:
انقلب وزير الدفاع “محمد أبو الدهب” على رئيسه “علي بك الكبير”، وأصابه بجراح خطيرة في 26 أبريل 1773م.. طمعا في الحُكم، بعد ازدياد شعبية قائد الجيوش “أبو الذهب” الذي رأى أنه الأحق بالحُكم، فهو قائد الجيوش الذي لم يُهزَم في أي معركة، وصاحب (الشهرة الجارفة) في العالم كله.. رغم أنه زوج ابنته (حسب بعض المصادر) وفارق العمر بينهما 7 سنوات فقط..
(محمد أبو الدهب (1735م – 1775م) مملوك جركسي، اشتراه “علي بك الكبير” والي مصر، في أوائل ستينيات القرن الـ18، وأصبح قائدا للقوات المصرية، بعد تفرّد “علي بك” بالسلطة في مصر، ثم تمرّدَ عليه وقتله، وتولّى حُكم مصر بنفسه.. قامت حياة “أبو الدهب” كلها على الخيانات، وكان طاغيةً يُمثّل بالجثث، وبجماجم الموتى في بلاد المسلمين، ولذا لم تدم مدة حُكمه، ويقول المؤرّخ عبد الرحمن الجبرتي: إن الخائن الآخر “ظاهر العُمر” حاكم فلسطين، وحليف “أبو الذهب” في الخيانات والذي اختلف معه وأصبحا أعداء، وهزمه أبو الذهب ومثّلَ بجثث جنوده، وفرَّ ظاهر العُمر لجبال لبنان، ثم قدّمَ رشوة كبيرة لطبّاخ “محمد بك أبو الذهب”، فوضع له السم في الطعام، ومات في فلسطين، وعمره 40 سنة،، وحملوه إلى مصر بعد أن تعفنت جثته، فاضطر الجنود لحمل آلاف المباخر، لتغطي رائحة البخور على رائحة الجثة الكريهة.. ويوجد مسجد لـ”محمد أبو الذهب” في منطقة الأزهر، لا يُفتح ولا يُصلّى فيه، ربما أراد الله ذلك بسبب نيّة صاحبه الدموي الخائن الذي كان يمثّل بجثث المسلمين.. تحديدا فور خروجك من سلالم نفق الأزهر، ستجد هذا المسجد المميز بطرازه وقبته: مسجد «محمد أبو الدهب» والقريب في تصميمه من الطراز العثماني.)
– رحلَ “علي بك الكبير” متأثرا بجراحه، في (25 صفر1187هـ/ 8 مايو 1773م).
– مات علي بك الكبير قبل أن يكمل 45 سنة
– أشاد المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي بإصلاحات “علي بك الكبير” وإنشاءاته وعمائره، والثورة التي أحدثها في المجتمع المصري، فقد استطاع في 4 سنوات فقط، أن يوحّد مصر كلها، ويبني جيشا جرارا، ويضم الحجاز والشام، ولو عاش بضعة سنوات أخرى، لاستولى على الأراضي الروسية والبيزنطية، كما كان يتمنى…
ولكن الخيانة، والانقلابات؛ آفتان، تصنعان كل مصائب العرب والمسلمين، على مَرّ العصور.
– وما زال المؤرخون يختلفون حول “نـيّة” علي بك الكبير،
هل كان مصريا مخلصًا، أم مجرد مملوك أعجمي خائن ليس له انتماء؟؟
وهل كان مسلما حقا، أم أنه كان يُبطن النصرانية، وعميلا لروسيا، للقضاء على دولة الخلافة الإسلامية؟؟..
الآراء متناقضة، والمصادر متناحرة، ولا يعلم الحقيقة إلا الله.
—————-
المصدر:
(المسكوت عنه من تاريخ مصر – يسري الخطيب )