بين جبالها الشامخة ووديانها العميقة، تتردد أصواتٌ لا تصل إلى آذان العالم، وتسكن في قلب كل كشميري مأساةٌ تتكرر كدوامة من الظلم والاحتياط، يسكنون في ظلّ حاكم جائر يختنقون بين أنين الأرض وصمت العالم، تتلاطم أحلامهم وتختفي خلف جدران من قهر وتجاهل كلمة الحرية، والتى باتت كعريشة من ورق يحترق ببطء لينسج التاريخ صمتها على أنقاض أيامهم ولياليهم، فلا أصواتهم تصل، ولا أحلامهم تتحقق، فهم يختنقون في صمتٍ عميق، يصرخون داخلياً، ولكن أصواتهم مكممة، ومعاناتهم تكبر وتتعاظم بلا صدى، لعل العالم يسمع صرختهم العالية، ووثائق قضيتهم التي لن تُمحى.
مؤتمر الحريات
مؤخرا، دعا «مؤتمر شهداء كشمير» بمناسبة يوم شهداء كشمير في بيت كشمير في إسلام آباد، إلى تحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه الأزمة في كشمير، وطالب مؤتمر الحريات، بالتدخل الفوري لوقف انتهاكات النظام الهندي وسد الطريق أمام التصعيد، وذلك تماشيًا مع تطلعات شعب كشمير في الحرية والاستقلال.
جامو وكشمير
وفي بيان صدر عن قادة المؤتمر من سريناغار، أكدوا أن شعب جامو وكشمير المحتلة يواجه ظروفًا قاسية من الرعب والقمع، حيث يسود الإقليم جو من العقاب الجماعي وسط وجود أكثر من مليون جندي هندي يفرضون سيطرتهم على المنطقة.
وأشار القادة إلى أن السياسات التي ينتهجها رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، حولت إقليم جامو وكشمير إلى سجن كبير يعُمل على انتهاك أبسط حقوق الإنسان، مع تصاعد موجة الانتهاكات خلال السنوات الست الأخيرة من دون محاسبة.
اساليب عنيفة
وشددوا على أن الحكومة الهندية استخدمت أساليب عنيفة وقوة مفرطة لقمع حق الشعب الكشميري في تقرير مصيره، حيث تتصاعد عمليات الاعتقال التعسفي والمداهمات العشوائية، بالإضافة إلى انتهاكات متكررة لضوابط الحياة اليومية، بما في ذلك عمليات التفتيش والاعتقالات في ظل قوانين صارمة مثل قانون الأمن العام ومنع الأنشطة غير المشروعة.
وحذر قادة الأحزاب من أن استمرار سياسة القمع ومعاملة الكشميريين بقسوة من قبل حكومة مودي، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مؤكدين أن الشعب الكشميري، رغم كل محنته، لا يزال مصممًا على الدفاع عن حقوقه السلمية، ومواصل مقاومته السلمية ضد الاحتلال.
الجذور التاريخية والصراع المستمر
بدأت القضية الكشميرية منذ تقسيم الهند البريطانية في عام 1947، حيث قررت ولاية جامو وكشمير، ذات الغالبية المسلمة، أن تتبع خيارها إما الاستقلال أو الانضمام إلى باكستان، إلا أن الطموح الهندي فرض السيطرة عليها، مما أدى إلى نزاعات طويلة الأمد وحروب متكررة بين الطرفين. الاحتلال الهندي فرض على المنطقة حالة من التوتر المستمر، وأدى إلى مآسٍ إنسانية لا تُعد ولاتُحصى، مع مئات الآلاف من الضحايا بين مدنيين وجنود.
وفي عام 1989، اندلعت أعمال مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الهندي، زادت من وطأة القمع والمذابح، مع استمرار معاناة السكان على مدى عقود.
القمع السياسي والانتهاكات الحقوقية
طوال السنوات الماضية، مارست السلطات الهندية قمعاً قاسياً على السكان من خلال اعتقالات تعسفية، وفرض حالة الطوارئ، وتقييد حرية التعبير والتنقل.، ووفقًا لتقرير منظمة حقوق الإنسان عام 2023، اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 13,000 مواطن كشميري بشكل تعسفي منذ عام 2010، منهم العديد من الأطفال والنساء.
كما تم توثيق عمليات تعذيب وإخفاء قسري، واستهداف النشطاء السياسيين والصحافيين، مع الإفلات التام من العقاب، الأمر الذي يعمّق من حالة الرعب والخوف اليومي الذي لا يفارق حياة السكان.
الحالة الإنسانية والمعاناة اليومية
بالإضافة إلى القتل والاعتقال، يعاني السكان من نقص في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه النظيفة. يعيش العديد منهم في مخيمات النزوح، حيث تنقصهم أدنى مقومات الحياة الكريمة، وسط حصار مستمر يفرضه الجيش الهندي، مما يحول المنطقة إلى سجن كبير مغلق الأبواب.
أصابت هذه الظروف الأطفال في مقتل، حيث حرِموا من التعليم وأصبحت أحلامهم ببراءة الطفولة تتلاشى، إضافة إلى معاناة النساء من القهر والظروف الصعبة، وكل ذلك يجعل من حياة الكشميريين أشبه برأس جبل جليدي تتلاشى قمته في ظلام القهر والوجع.
شهادات حية وفقا لوكالات أنباء
تقول، ناشطة كشميرية: “نحن شعب يعاني من صمت القبور، أرواحنا تختنق تحت وطأة القمع، نبحث عن صوت يحررنا من حالنا الميئوس.”
و يقول أحد المعتقلين السابقين: “اعتقلوني بلا سبب، وعُذبت حتى فقدت الأمل، لكن قلبي لا ينسى حلم الحرية.”، ومن مخيمات اللجوء يقول أحد الاطفال الكشميريين الحالمين فى الحرية: “أنا لا أريد إلا أن أذهب إلى المدرسة وألعب، لكن الجدران والأسلاك تمنعني.”
وأوضح أحد الأطباء في سرينغر: “نحن ندخل جثث الشهداء، والدم يسيل في الشوارع، ونحن نعيش تحت حالة رعب مستمر، ولكن إرادتنا لا تزال حية.”
ويؤكد طالب كشميري: “لا أريد إلا أن أقول أننا نرغب بالحرية، ولكن القمع يحول كلماتنا إلى أشلاء من الصمت.”
إحصائيات دولية
أكدت تقارير منظمة العفو الدولية، إن قوات الاحتلال الهندي ترتكب انتهاكات جسيمة، تشمل التعذيب والإخفاء القسري، مع الإفلات من العقاب.
وحسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2023، فإن أكثر من 40,000 شخص قُتلوا منذ بداية النزاع، فيما لا تزال الحقوق الإنسانية مصادرة بشكل واسع.
ويعيش أكثر من 13,000 معتقل بينهم أطفال، مع استمرار التعذيب والاعتقالات العشوائية.
كشمير ليست مجرد قطعة جغرافية على الخريطة، بل هي قصة شعب تردد أنينه تحت وطأة الاحتلال الذي يختنق بالظلم والقهر على مر السنين، ومع كل يوم يمر، يزداد الألم، وتتلاشى أحلام الحرية وسط صمت دولي مريب.، فهل ستسمع أصواتهم يوماً، أم ستظل أرض الكشميريين تتلوّن بمزيد من الدم والدموع، في انتظار أن ينهض صوت الحق ليُسمع ويُرى؟