في أول خطاب له بعد حرب الـ12 يوماً، وفي خضم شعوره بالهزيمة والوصول إلى طريق مسدود، لجأ الولي الفقيه، علي خامنئي، إلى استعراض قوة أجوف في محاولة يائسة لحقن الروح المعنوية في شرايين ولايته المنهارة، وتشجيع جلاوزة ومرتزقة نظام الإعدام والمجازر على قمع الانتفاضة ومواجهتها في خضم الأزمات التي تعصف بالنظام.
وقال خامنئي، متحدثاً أمام قادة السلطة القضائية: “لقد دخلنا الحرب بقوة، والدليل الواضح على ذلك هو أن النظام الصهيوني، الذي كان الطرف المقابل في الحرب، اضطر إلى اللجوء إلى أمريكا. أي أنه أدرك أنه لا يستطيع مواجهة الجمهورية الإسلامية”.
ولكي يرفع معنويات مستمعيه الخائفين، أضاف الولي الفقيه لجرعة الأكاذيب زخماً أكبر قائلاً: “هذا يتعلق بالنظام الصهيوني، والأمر نفسه ينطبق على أمريكا. عندما هاجمت أمريكا، كانت ضربتنا المضادة حساسة للغاية. الآن،

قد يستغرق الأمر بضعة أشهر أو سنوات، لا أعرف، حتى تُرفع الرقابة وتتضح الحقيقة. المركز الذي استهدفته إيران كان مركزاً أمريكياً شديد الحساسية في هذه المنطقة. كانت الضربة كبيرة”.
ولكن الحقيقة حول هذه “الضربة الكبيرة” المزعومة لم تكن بحاجة إلى مرور الوقت لتتكشف. ففي ليلة وقف إطلاق النار نفسها، حين كان نظام الملالي يتوسل إلى أمريكا، كشف الرئيس الأمريكي ترامب عن تفاصيل الزمان والمكان وعدد الصواريخ المتفق عليها.
ومن المفارقات أن خامنئي نفسه، بكل ما أوتي من وقاحة، لا يزال يتحدث عن الأمر بشكل عام ومبهم وتحت ستار من الرقابة، وهو الذي نصح في خطابه قادة النظام السياسيين والعسكريين بأن يغلقوا أفواههم ولا يتفوهوا بكلام “ضار”.وحيث قال الولي الفقيه محذراً: “من الضار إثارة الاعتراضات غير الضرورية والنقاش حولها وإحداث ضجة… توجد خلافات في وجهات النظر، وتغليظها ونسبتها إلى هذا الجناح أو ذاك هو أمر ضار”.
وأكد في السياق نفسه: “إذا كان لدى شخص ما اعتراض على مسؤول في قضية عسكرية أو دبلوماسية، فيجب أولاً أن تكون لهجته مقبولة، وثانياً أن يكون اعتراضه مبنياً على تحقيق…”
ومن المهم الإشارة هنا إلي إن خامنئي، الذي يواجه التبعات المريرة للهزيمة وتبدد استثمارات تريليونية وتحطم حلمه في صنع قنبلة نووية وتصدير الإرهاب والتطرف، يحاول بهذه التحذيرات المذعورة لملمة الأزمة الداخلية التي تضرب أركان نظامه. لكن أبعاد الأزمة وتفاقم التناقضات أكبر من أن تحتويها مثل هذه الكلمات.

أما الجزء الأكثر كشفاً في خطاب خامنئي، فكان حين تحدث عن جاهزية “وحدات المقاومة” التابعة لمجاهدي خلق إلى جانب “الملكيين والعملاء والأراذل والبلطجية”، في محاولة متعمدة لتشويه صورة المجاهدين والثوار.
وفي هذا السياق قال خامنئي: “كان حسابهم أنه عندما نهاجم المراكز الحساسة ونُفقِد النظام عدداً من شخصياته، سيضعف النظام بطبيعة الحال. وهنا ستنشط الخلايا النائمة للمنافقين والملكيين والعملاء والأراذل، وسينهون أمر النظام”.
بهذه الافتراءات ضد مجاهدي خلق، يسعى خامنئي عبثاً إلى منح حرس النظام الإيراني والباسيج ورجال المخابرات شعوراً زائفاً بالطمأنينة في مواجهة الانتفاضة والسقوط المحتوم. لكن بالنسبة لأي مراقب واعٍ، تمثل هذه الكلمات اعترافاً واضحاً وصريحاً بخطر الانتفاضة والسقوط الوشيك.
وكما قال قائد المقاومة: “خامنئي سعيد لأنه لم يسقط بعد. لا يمكن الاعتراف بتهديد وجود النظام وسقوطه بشكل أوضح من هذا. على الرغم من الهزيمة السياسية والعسكرية المخزية،
ويقول: كلما دخلنا مواجهة، سواء في الدبلوماسية أو في المجال العسكري، سندخل بيد ممتلئة لنسقط نظامكم .
لذلك، نكرر القول: الليل طويل، وبراكين الانتفاضة متيقظة وتترقب”.أما بالنسبة للشعب الإيراني وشبابه المنتفض من أجل الحرية، فإن السقوط الحتمي لنظام ولاية الفقيه هو المصير الذي ينتظره.