محمد العنبري يكتب: الوحدة ركيزة الهوية والأزهار
الوحدة الوطنية في اليمن أساس الهوية والانتماء وتعتبر الركيزة الأساسية التي تقوم عليها هوية اليمنيين وانتماؤهم لوطنهم لقد كانت ثمرة نضالات مريرة وجهود جبارة بذلها اليمنيون على مدى عقود طويلة في مواجهة الاستبداد والاستعمار الوحدة الوطنية ليست مجرد مفهوم سياسي، بل هي حقيقة اجتماعية وثقافية تجمع اليمنيين تحت راية واحدة، مانحة إياهم شعورًا مشتركًا بالمصير والتاريخ
شهد اليمن عبر تاريخه الطويل فترات من الانقسام والتشتت وقد عانى اليمنيون من الاستعمارين العثماني والبريطاني، بالإضافة إلى حكم الأئمة في شمال اليمن والنظام الاستعماري في الجنوب هذه الفترات العصيبة من التاريخ اليمني دفعت بأبناء اليمن إلى مقاومة الاستبداد والكفاح من أجل التحرر والوحدة
بدأت حركة المقاومة اليمنية تأخذ شكلًا أكثر تنظيمًا مع منتصف القرن العشرين، حيث توحدت الجهود للإطاحة بالنظام الإمامي في شمال اليمن والاستعمار البريطاني في جنوبه كانت ثورة 26 سبتمبر 1962 في الشمال وثورة 14 أكتوبر 1963 في الجنوب نقطتين فارقتين في تاريخ اليمن الحديث، حيث شكلتا البداية الحقيقية لمسيرة الوحدة الوطنية
في 22 مايو 1990، تحققت الوحدة اليمنية رسميًا بإعلان قيام الجمهورية اليمنية، بعد اتفاق بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب والجمهورية العربية اليمنية في الشمال كان هذا الإنجاز حلمًا تحقق بعد سنوات طويلة من النضال والتضحيات، حيث تمكن اليمنيون من تجاوز الخلافات والوقوف صفًا واحدًا لبناء مستقبل مشترك
الوحدة الوطنية ليست مجرد إنجاز سياسي، بل هي الأساس المتين لبناء دولة قوية ومستقرة وهي التي تضمن لليمنيين حقوقهم وتحقق لهم الاستقرار والازدهار بدون الوحدة الوطنية، تصبح اليمن عرضة للفوضى والانقسامات، مما يعرض حياة اليمنيين للخطر ويهدد مستقبل الأجيال القادمة
تعتبر الوحدة الوطنية حجر الزاوية في أي عملية تنموية فهي توفر بيئة مستقرة وآمنة، تمكن الدولة من تنفيذ مشاريع تنموية تسهم في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين كما تعزز الوحدة الوطنية من قدرة اليمن على الاستفادة من موارده الطبيعية والبشرية بشكل أكثر فعالية
تسهم الوحدة الوطنية في تعزيز الهوية الوطنية اليمنية، حيث يشعر اليمنيون بالانتماء لوطن واحد يجمعهم بغض النظر عن اختلافاتهم المناطقية أو القبلية هذا الشعور بالانتماء يعزز من التضامن والتماسك الاجتماعي، مما يسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك
على الرغم من أهمية الوحدة الوطنية، إلا أن اليمن يواجه تحديات كبيرة تهدد هذه الوحدة من بين هذه التحديات النزاعات المسلحة والصراعات السياسية التي تفاقمت بعد 2011 كما أن التدخلات الخارجية تلعب دورًا كبيرًا في زعزعة استقرار البلاد وتقويض وحدتها
منذ بداية الألفية الثالثة، شهد اليمن تصاعدًا في النزاعات المسلحة، حيث اندلعت حرب أهلية أودت بحياة آلاف اليمنيين وأدت إلى نزوح الملايين هذه النزاعات تسهم في تفكيك النسيج الاجتماعي وإضعاف الوحدة الوطنية
تعاني اليمن من تدخلات خارجية تهدف إلى تحقيق مصالح أجنبية على حساب مصلحة اليمن ووحدته هذه التدخلات تزيد من تعقيد الوضع الداخلي وتفاقم من حدة الانقسامات والصراعات
يلعب المجتمع الدولي دورًا حيويًا في دعم الوحدة الوطنية في اليمن يجب على الدول والمنظمات الدولية تقديم الدعم اللازم لليمنيين من أجل تجاوز تحدياتهم وتحقيق الاستقرار يمكن أن يكون هذا الدعم من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، والمساهمة في جهود السلام، ودعم الحوار الوطني الشامل الذي يضمن مشاركة جميع اليمنيين في بناء مستقبل بلدهم
تعتبر المساعدات الإنسانية والتنموية ضرورة قصوى لدعم اليمن في هذه المرحلة الحرجة على المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم لتحسين الأوضاع الإنسانية المتدهورة وتعزيز البنية التحتية والتنمية المستدامة هذا الدعم يسهم في بناء بيئة مستقرة تساعد في تعزيز الوحدة الوطنية
تعتبر جهود السلام والمصالحة الوطنية من أهم الوسائل لتحقيق الاستقرار والوحدة في اليمن يجب على المجتمع الدولي دعم مبادرات السلام التي تهدف إلى إنهاء النزاعات المسلحة وإحلال السلام الدائم في البلاد يتطلب ذلك دعم الحوار الوطني الشامل الذي يضم جميع الأطراف اليمنية بدون استثناء، لضمان التوصل إلى حلول توافقية تلبي تطلعات الشعب اليمني
الوحدة الوطنية هي العمود الفقري الذي تقوم عليه هوية اليمنيين وانتماؤهم. هي ثمرة نضالات وتضحيات طويلة، وتحقيقها كان ولا يزال الهدف الأسمى لكل يمني الحفاظ على هذه الوحدة يعتبر واجبًا وطنيًا لكل اليمنيين، ويشكل الضمانة الوحيدة لتحقيق الاستقرار والازدهار في البلاد يجب على اليمنيين الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة التحديات والعمل معًا لبناء مستقبل مشترك ينعم فيه الجميع بالأمان والتنمية فقط من خلال الوحدة يمكن لليمن أن يحقق طموحاته ويستعيد مكانته بين الأمم.