أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مخاوف بشأن احتمال إعادة احتلال قطاع غزة والعودة إلى الحكم العسكري، وهو تحول كبير منذ الانسحاب من القطاع الفلسطيني في عام 2005.
وتعززت هذه المخاوف بسبب إصرار نتنياهو على الحفاظ على السيطرة على ممر فيلادلفي على الحدود بين غزة ومصر، وأوامره للجيش بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين في غزة.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، تتولى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية توزيع المساعدات الإنسانية وسط المجاعة في القطاع بسبب الهجوم والحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات.
وفي الأشهر الأولى من الحرب، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مراراً وتكراراً أن إسرائيل لن تعيد احتلال غزة، أو إعادة بناء المستوطنات هناك، أو إعادة فرض الحصار.
لكن هذا التأكيد يتعارض مع رفض نتنياهو اقتراح خطة ما بعد الحرب في غزة، وإصراره على الحفاظ على الوجود العسكري الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا، وأمره للجيش بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما يعني عملياً البقاء في غزة.
الحكم العسكري
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن نتنياهو أصدر تعليماته للجيش بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، بدلا من المنظمات الدولية على الأرض وقالت الصحيفة إن الجيش “أثار مخاوفه بشأن الفكرة التي تهدف إلى كبح الضغوط الدولية ضد إسرائيل”.
ونوهت الصحيفة إن مكتب نتنياهو درس خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من الخيارات لتحسين الوضع الإنساني في غزة وأضافت أن أحد الحلول الممكنة هو “تعيين جنرال يتولى مسؤولية الملف الإنساني في غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية. وفي كلتا الحالتين، فإن هذا قرار معقد للغاية وليس بالضرورة قابلاً للتطبيق”.
وعلقت الصحيفة على ذلك قائلة إن تعيين جنرال للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة “يعني أن مسؤولية إسرائيل في قطاع غزة ستستمر وربما تتوسع خلال السنوات القليلة المقبلة”.
وبحسب الصحيفة الصهيونية، فإن العميد إيلاد غورين سيتولى التعامل مع القضايا التكتيكية اليومية، مثل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإصلاح البنية التحتية المحلية التي دمرت في الحرب، والحفاظ على الاتصال مع المنظمات الدولية.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، أن إصرار نتنياهو على الحفاظ على الوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا “قد يؤدي إلى خطة إسرائيل الحقيقية في غزة، وهي العودة إلى الحكم العسكري”.
وأوضحت القناة أن “رئيس الأركان هيرتسي هاليفي عارض في المناقشات الأخيرة توزيع المساعدات من قبل الجنود، بدعوى أن ذلك يعرض قواتنا للخطر بشكل غير ضروري، وبالتالي لا ينبغي للجيش أن يشارك في توزيع المساعدات، لأن المنظمات الدولية مسؤولة عن ذلك”.
وأشارت أيضاً إلى تحديات إضافية، بما في ذلك أن “السيطرة العسكرية على ممر فيلادلفيا تثير قضية تتعلق بالقانون الدولي، لأن السيطرة على الطريق هي في الواقع مسؤولية غزة، وهو أمر مهم”.
محادثات وقف إطلاق النار
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن الحكم العسكري في غزة سيكلف نحو 40 مليار شيكل (10.7 مليار دولار) سنويا وقال الجيش الإسرائيلي “سنلتزم بكل قرار تتخذه القيادة السياسية”.
وكان نتنياهو قد صرح في مناسبات عديدة سابقا أنه يعارض عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة أو استمرار وجود حماس وأكد أيضاً أن الحفاظ على السيطرة على ممر فيلادلفيا أمر حيوي لأمن إسرائيل.
ويرى زعماء المعارضة وعائلات الرهائن الإسرائيليين في غزة أن موقف نتنياهو المتشدد بشأن الممر يعوق الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة واتفاق تبادل الأسرى مع حماس.
محاولات التوصل لاتفاق
منذ أشهر، تحاول الولايات المتحدة وقطر ومصر التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس لضمان تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكن جهود الوساطة تعثرت بسبب رفض نتنياهو تلبية مطالب حماس بوقف الحرب.
هذا وقد أدت الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة إلى مقتل نحو 40.900 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 94.300 آخرين، بحسب السلطات الصحية المحلية وأدى الحصار المستمر للقطاع إلى نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المنطقة.
وتواجه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية بسبب أفعالها في غزة أمام محكمة العدل الدولية