مصطفى البدري يكتب: حتى نفهم قصة التقويم الهجري
حتى نفهم قصة التقويم الهجري نحتاج إلى ذكر بعض المعلومات باختصار:
– كان الناس يؤرخون حياتهم منذ بدء الخليقة بالأحداث الكبيرة البارزة (هبوط آدم للأرض – طوفان نوح – نار إبراهيم – مبعث يوسف – مبعث موسى – ميلاد عيسى؛ على جميع الأنبياء أفضل الصلاة وأتم التسليم) وهكذا.
– عند العرب -قبل الإسلام- كان التأريخ مرتكزًا على الحروب الكبيرة كحرب البسوس وأيام الفجار وذي قار وأشباهها.
– كانت حادثة الفيل من أبرز الأحداث عند العرب في مكة، فصاروا يؤرخون بها حياتهم، وكانت الشهور القمرية معروفة عندهم آنذاك، وجاء القرءان بتثبيت اعتمادها {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}.
– كما كان معتمدًا عندهم اعتبار ذي الحجة آخر أشهر السنة لمناسبة فراغ العرب من موسم الحج وبداية العام الجديد من المحرم.
– كانت بعثة النبي عليه الصلاة والسلام الحدث الأهم والأبرز عند المسلمين، فكانوا يؤرخون به، كما كانوا يؤرخون بحصار الشعب ووفاة أبي طالب وخديجة والإسراء والبيعة… وهكذا.
– هاجر النبي عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة في بداية العام الرابع عشر من البعثة (قيل في صفر، وقيل في ربيع الأول، وقيل تحرك أواخر صفر ووصل المدينة في ربيع) والبعض يقول إن الإعداد بدأ في محرم؛ ليربط بينه وبين التأريخ الهجري.
– ظل الصحابة يستخدمون موضوع الأحداث الهامة، خاصة الغزوات (بدر – أحُد – الخندق) وصلح الحديبية وعمرة القضاء وفتح مكة وحجة الوداع ووفاة النبي عليه الصلاة والسلام وحروب الردة… وهكذا.
– هذا كله يظهر لقارئ مرويات قصص الأنبياء والسيرة، والكتب التي فصَّلَت في الناسخ والمنسوخ وغيرها؛ وظل هذا هو الطبيعي والمتعارف عليه إلى أن بدأ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- التأريخ السنوي بالهجرة النبوية.
– في عهد عمر ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وكثرة عدد الناس في ظلها ظهرت الحاجة لتأريخ ثابت معتمد من الدولة، وكانت الهجرة هي الحدث الأبرز خلال هذه الحقبة، حيث كانت فاصلة بين مرحلة الاستضعاف ومرحلة التمكين (مرحلة الدعوة / مرحلة الدولة)؛ فاختارها عمر بعد مشاورة الصحابة، وتم اعتماد شهر الله المحرم أول شهور السنة لعدة اعتبارات، منها أنه أمر ثابت مستقر في النفوس لارتباطه بنهاية موسم الحج كما أسلفت هنا.
– بدأ التقويم الهجري يوم ١ محرم في العام السابع عشر من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام.
#تنبيه: لم أقصد هنا ذكر كل الأحداث المستعملة قبل بدء التقويم الهجري، لأن الناس كانوا يختلفون في استعمال الأحداث بحسب أهميتها عندهم وتأثيرها في حياتهم.
والله من وراء القصد.