تمارس إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كل أنواع الضغوط على الاقتصاد الإيراني بهدف خنقه وحرمانه من الإيرادات الدولارية والاستثمارات الخارجية ودفعه نحو الإفلاس والتعثر المالي، ومنع وصول إيران إلى النظام المالي العالمي.
يضغط ترامب بشدة لتفعيل خطة إفلاس إيران عبر حملة “أقصى الضغوط” التي تعهد بإعادة تطبيقها لعزل طهران اقتصاديا وخفض صادراتها النفطية إلى الصفر، والهدف الأول هو منع إيران وبشكل مطلق من امتلاك القدرة النووية وتطوير برنامج نووي، إذ إن امتلاك أسلحة نووية “خطا أحمر” بالنسبة لواشنطن. أما الهدف الثاني فهو كبح قدرة طهران على تمويل الوكلاء الإقليميين في اليمن ولبنان والعراق وسورية.
إذاً، ترامب مصمم على تنفيذ استراتيجية الضغط الأقصى لإفلاس إيران بأسرع وقت ممكن كما يقول هو والمحيطون به، وهو ما يجعل المواجهة الاقتصادية بين البلدين أكثر حدة من أي وقت مضى، فقد هدد ترامب خلال زيارته السعودية يوم 13 مايو الماضي، بدفع إيران إلى الإفلاس إذا تراجعت عن الاتفاق النووي.
وقبلها بأسبوع خرج وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، قائلا إننا سندفع إيران إلى الإفلاس، وأن جعل إيران تفلس سيمثل بداية لسياستنا المعدلة في فرض العقوبات، واعترف بيسنت بأن الولايات المتحدة ستمارس أقصى الضغوط بفرض عقوبات على إيران لتدمير صادراتها النفطية والضغط على عملتها، وستغلق قطاع النفط في إيران وتمنعها من تصنيع المسيرات.
ومن وقت لآخر، تؤتي ضغوط واشنطن ومنها تشديد العقوبات على صادرات النفط الحيوية ثمارها، فقد أظهرت أرقام اليوم تراجع تدفقات النفط الخام والمكثّفات من إيران إلى الصين، مسجلة نحو 1.1 مليون برميل يومياً في مايو/أيار الماضي، بهبوط 20% مقارنة بالعام الماضي 2024. كما تمارس واشنطن ضغوطا على الدول الكبرى المستوردة للنفط الإيراني ومنها الهند وكوريا الجنوبية واليابان.
لا يتوقف الأمر عند تلك الضغوط المباشرة، فوسائل الإعلام الأمريكية والغربية بدأت تتوسع في الحديث عن الأزمات الاقتصادية العنيفة التي يتعرض لها الاقتصاد الإيراني، وانهيار عملته المحلية، وموجات التضخم الجامح، وأن بنوك إيران تتجه للإفلاس في ظل أزمة اقتصادية مستعصية، وأن رجل الشارع غاضب من الغلاء وتآكل المدخرات والفساد المالي.
ورغم أن إيران لوحت باحتمال منح الشركات الأمريكية استثمارات تقدر بنحو تريليون دولار في حال التوصل لتسوية للملف النووي والخلافات المعلقة مع واشنطن، إلا أن هذا لم يشفع لها عند إدارة ترامب التي تريد تركيع طهران سياسيا واقتصاديا لصالح إسرائيل وبعض دول المنطقة.
اللافت أنه في الوقت الذي يهدد فيه ترامب بإفلاس إيران، يخرج علينا واحد من أبرز رموز إدارته هو الملياردير إيلون ماسك ليحذر أمس من إفلاس أميركا ويهاجم الكونغرس، متهماً إياه بقيادة أميركا نحو الإفلاس، ويؤكد أن قرارات الكونغرس المتواصلة التي تؤدي لزيادة العجز الأمريكي ستقود البلاد إلى الهاوية. ويكشف عن ارتفاع عجز الموازنة الأمريكية من 236 مليار دولار في عام 2000 إلى نحو 1.83 تريليون دولار في عام 2024. وتحدث عن مشروع قانون الإنفاق الضخم “والفاحش والمليء بالفساد” الذي أقره الكونجرس ووصفه بأنه عملٌ مُقزز.
ليس هذا هو التصريح الأول من نوعه لماسك، فقد كرر تلك التحذيرات في أوقات سابقة، فيوم 12 فبراير الماضي شدّد ماسك، الذي كلّفه ترامب بقيادة جهود خفض الإنفاق الفيدرالي، على أن الولايات المتحدة “ستفلس” إذا لم تُجرَ اقتطاعات في الموازنة. وانتقد العجز الكبير في ميزانية البلاد، الذي تجاوز 1.8 تريليون دولار في السنة المالية الماضية. ويوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي حذر من أن الاقتصاد الأمريكي على وشك الإفلاس. وقال إن “أمريكا تقترب بسرعة كبيرة من الإفلاس الفعلي”، مستندا إلى مؤشرات خطيرة منها تنامي الديون العامة بشكل غير مسبوق.
الاقتصاد الأمريكي ليس في أحسن حالاته كما يحاول ترامب وفريقه الترويج، وشبح الإفلاس يهدد الولايات المتحدة على المديين المتوسط والطويل، وخفض تصنيف الاقتصاد الأمريكي قبل أيام من قبل وكالة موديز العالمية قد يعد مؤشرا على الأزمة.