مضر أبو الهيجاء يكتب: النقد النافع والوجيه قبل المعارك أم خلالها يكون؟
إضاءات منهجية دعوية حركية سلوكية
إن النقد بمفهومه الشرعي مختلف عن تصوره في الفكر الغربي، فالنقد في ديننا مبني على قاعدة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ينطلق من مفهومي الغيرة على الحق والانحياز للمؤمنين، الأمر الذي يوجب النقد الناصح.
إن النقد بمفاهيم التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو دين له ميزان يضبطه شكلا ومضمونا بحيث يبني الخير ولا يهدمه، ويهدم الباطل ولا يعززه.
أما عن التفريق بين جواز النقد قبل المعارك ومنعه أثنائها، فهو انعكاس للعقلية العربية الجاهلية، وليس انعكاسا للصورة القرآنية والسيرة المحمدية التي تجسدت في كل معارك المسلمين.
إن أهم أهداف النقد قبل المعارك هو منع السقوط في الفخاخ، أما عن أهم أهداف النقد أثناء المعارك فهو إنقاذ من وقع في الفخ من الغرق فيه، والحيلولة دون وصول العدو إلى نقطة النهاية التي يستهدفها.
إن غياب النقد بصورته الشرعية والموضوعية العلمية قبل المعارك سبب رئيس في الوقوع في الفخ، وأما منع النقد أثناء المعارك، فهو سبب في غرق وموت وانتهاء فاعلية من سقط في الفخ.
إن أمارتي المدرسة الجاهلية التي تؤصل لمنع النقد، أولا أنها تجيد الحديث في الظني وتبتعد عن الحديث والنظر في اليقيني، أما الأمارة الثانية، فهي أنها تجيد النظر والتدبر في عالم الغيب، فيما تعمى عن عالم الشهادة وتعطل العقل!
إن النقد شريعة ودين وليس ترفا فكريا أو مادة للتشهي، وكما أن صلاح النية والقصد في الأولى سبب للتسديد والأجر، فإن فساد النية في الثانية سبب للإثم وغياب الإصلاح وقبح الوجه.