أقلام حرة

مهند سعيد يكتب: متى التمام يا أهل الشام؟

يقول المتنبي:

وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً

 كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ

يا أهل الشام، يا حراس الإسلام، لقد ابتُليتم وأحسنتم البلاء، وصبرتم وتابعتم الصبر، ووفقكم الله إلى نصر كان بعيداً فقربه إليكم،

وصيد كان عزيزاً فيسره لكم، وشتات مع الضيق الشديد فآواكم إلى أرضكم، فاعلموا أن تمام الأمر أن تجعلوا سلطانكم في أيديكم لا يسلبه منكم أحد، وتمام الأمر وكماله أن تجعلوا السيادة للشرع، فلا يكون سلطانكم تبعاً لأهوائكم،

ولا ضائعاً في لجة ضغوط أعدائكم، بل يكون خاضعاً لشرع ربكم ومقتفياً طريق رسولكم محمد عليه الصلاة والسلام.

لقد فرض الله تعالى عليكم الحكم بما أنزله على رسوله وهو الحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجعل أداء هذا الفرض وفق طريقة محددة، ببيعة على كتاب الله وسنة رسوله لمن ترضونه من رجالكم بشروط وأحكام مفصلة.

فهذا التمام الذي ينتظركم، وهذا المشروع الذي ادّخره الله لكم، فما كانت محن أهل الشام ولا كانت الابتلاءات العظام والتضحيات الجسام إلا لصقل نفوسكم وبناء شخصياتكم استعداداً لقبول الحق وتطبيق الحق ونصرة دين الحق في إقامة الدولة الإسلامية،

هذا هو ابتلاء المؤمنين وزلزلة الصادقين المخلصين حتى يكونوا أهلاً لتحمل المسؤولية والفوز بالجائزة.

قال تعالى:

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

هذا تمام الأمر وكماله، ومع الأسف -وكما نرى- بقي نظام الحكم جمهورياً وجاء إعلان دستوري مؤقت يتبنى العلمانية ويسعى ليؤسس الدولة العلمانية على مقاس مصالح الغرب وشروطه.

ولعلاج هذا النقص بأسرع وقت فإنه يتوجب علينا العمل مع حزب التحرير للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير أي إلى الإسلام، استجابة لأمر الله سبحانه:

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُم أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُم أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَن فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنَا، فَإِن يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِن أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا»

وهكذا المجتمع المسلم، فيه الصالحون والفاسدون، المستقيمون والمنحرفون، فلو أن أهل الصلاح تركوا ما أمرهم الله تعالى به من التناصح والتوجيه والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهلك المجتمع جميعاً؛ لعموم الفساد فيه، وتغلُّبِ أهل الفسق على أهل الإيمان، أمَّا لو قاموا بما أمرهم الله تعالى به لاضمحل الفساد وأهله، وانتشر الصلاح والخير وأهله، فإلى تمام الثوة وكمالها ندعوكم أيها الأبرار الأحرار.

مهند سعيد/ ناشط سياسي.

منتدى قضايا الثورة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى