ناصر صلاح يكتب: وقفات مع الآيات (20)
ما يخطّه قلمي ليس تفسيرًا، فلستُ من أهلِه، وإنما هي وقفات أديبٍ عند بعض المعاني والكلمات.
(سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ) {الفتح: 29}
تأمّلتُ (سيماهم) وهي جمع (سمة)، والسِّمة هي صفة أو علامة تميّز صاحبها.
قالها تعالي جمعا، ولم يقل سيمتهم بالمفرد.
إذن هناك عدّة سمات، وهناك تباين بين كل سمةٍ وأخرى.
وتأمّلتُ (في)، ولم يقل: على، فـ “في” داخل الشيء، وفي عمقه، بينما (عَلَى) تكون سطحية من السهل إزالتها.
إذن السِّمة أعمق من الأثر المرسوم، وإذا وُجِدَت هذه السمات العميقة؛ يصعب أن تزول، لأنها لا تُكتسَب إلا بعد إخلاص العبادة.
شاهدتُ تلك السمات على وجوهٍ كثيرةٍ بين الأحياء، أو عند غسل بعض الموتى..
شاهدتُ الرِّضا والسكينة والأنوار الربانية، ولن أنسى زوج خالتي (رحمه الله)، وكان أسمر البشرة، لكن وجهه كالبدر، ذلك لما كان يقوم به من إخلاص في عاداته، وكان في حاجة أهله ما استطاع.
وما طمأنني أني وجدتُ عند الصحابة الأجلّاء تلك المعاني التي وقفتُ عندها ومنها:
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن).
وقال مجاهد وغير واحد: يعني الخشوع والتواضع. وقال ابن أبي حاتم:…. عن مجاهد “سيماهم في وجوههم من أثر السجود” قال الخشوع
قلتُ: ما كنتُ أراه إلا هذا الأثر في الوجه. فقال: ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون.
وقال السدّي: الصلاة تحسّن وجوههم.
وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل؛ حسنَ وجهه بالنهار..
وقال بعضهم: إن للحسنة نورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس.
اللهمّ ارزقنا الإخلاص في الأمر كله.