بعد أحداث السويداء الأخيرة بسوريا، تعززت معالم المشهد السياسي والعسكري في المنطقة بشكل غير مسبوق، حيث أسقطت مفاهيم قديمة، ووضعت الخريطة الجديدة لمعادلات القوى والحسابات الإستراتيجية -في دمشق والشرق الأوسط بشكل عام- مفتاح الكشف عن نقاط انطلاق جديدة للاستفادة والتخطيط المستقبلي.
مفهوم العدو المشترك
هذه النقطة تشير إلى تفكيك الرواية التي روجت لها بعض الأطراف الإقليمية (خاصةً الدول الخليجية والغرب) بأن إيران هي العدو المشترك الذي يجب توحيد الجهود ضده، بما في ذلك التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت ذريعة “التهديد الإيراني”.
الأحداث في السويداء كشفت أن العدو الحقيقي للنظام السوري ليس إيران-غير مباشر ممكن- بل الاحتلال الإسرائيلي، مما يُضعف شرعية التطبيع ويُظهر تناقضات النظام السوري وحلفائه.
السؤال الاستراتيجي: هل يمكن أن يُعيد هذا تشكيل التحالفات الإقليمية، خاصةً مع تصاعد المقاومة في جنوب
الثورة ليست مجرد خيار
عادت الأمور لتتضح أن الثورة السورية ليست مجرد خيار، بل مسار وحيد لاستكمال التحرير، وتأكيد على أن رسم خارطة الطريق لابد أن يظل مرتبطًا بالمقاومة الشعبية والثورة كوسيلة فعالة لردع الأعداء واستعادة الحقوق.
وتُلمح هذه النقطة إلى أن الأحداث أعادت إحياء فكرة أن التغيير في سوريا لن يأتي عبر التسويات السياسية أو التفاوض مع النظام، بل عبر استمرار الحراك الشعبي والعسكري.
التحدي: هل يمكن للثورة أن تعود بقوة؟ أم أن هذه قراءة متفائلة أكثر من الواقع؟
مصالح استراتيجية
أُعيد تصحيح مراتب العداء، حيث أصبحت أدوات الصراع موزعة وفقاً لمعادلات التهديد المباشرة والمصالح الإستراتيجية، إذ أُعيد الترتيب لتعكس واقع التحولات الميدانية والسياسية بأهمية بالغة.
وتشير المصالح الاستراتيجية التى بنيت بعد ردع العدوان، إلى أن بعض العمليات العسكرية قد تكون مرتبطة بتفاهمات خفية بين الأطراف (مثل صمت روسيا على غارات إسرائيل مقابل تفاهمات في أوكرانيا).
المطلوب: قراءة تحركات القوى العسكرية (مثل انسحابات أو هجمات) ليس كأحداث منعزلة، بل كجزء من صفقات سياسية.
مثال: هل انسحاب فصائل معينة من مناطق في السويداء مرتبط بضغوط إيرانية أو روسية؟
حروب مؤجلة
وضع الست حروب المؤجلة على الطاولة مرة واحدة لفتح ملفاتها (دروز وفلول وقسد وإيران والكيان الصهيوني وأعداء سايكس بيكو ) حيث أصبح واضحاً أن مراكمة الجهد والتخطيط يجب أن يغطي كل الجبهات المفتوحة والمهددة للأمن القومي السوري والعربي.
ردع العدوان
أُعيدت أهمية كشف التفاهمات المسبقة قبل عمليات ردع العدوان إذ بدون معرفة الأطر السياسية والاستراتيجية وتفاصيل الإعلانات المرافقة للحركات العسكرية من خطوات وانسحابات لا يمكن التمييز بين مراوغة سياسية أو نوايا أخرى، فالأعراض والدماء والأراضي كلها شهادات حية على وجود استراتيجيات عميقة تتطلب الفهم والتحليل.
ثقل اهل الشام
أُعيد التأكيد على أن مركز ثقل أهل الشام وعقيدتها العسكرية، يشكل الصورة الحقيقية لمشروعهم الذي يحدد الأهداف السياسية ويعبّر عن إرادتهم في استعادة الكرامة والعزة.
اهمية السلاح
أهمية السلاح وضرورة تكثيف أدوات القوة الوطنية أمام التحديات القائمة، فالأمة الشامية بحاجة إلى نشر الوعي بقوة السلاح وتعزيز القدرات العسكرية والأمنية بما يكفل ردع أي اعتداء.
كما أعادت احداث السويداء التأكيد على أن القدس لا تزال مركزية في رسم السياسات الإقليمية والدولية، فهي المنطلق والموقف الذي يحدد طبيعة التحولات والتوازنات السياسية في المنطقة بأسرها.
الأحداث في السويداء ليست مجرد تفاصيل عابرة، بل صفعة مدويّة لمن يعتقد أن الاستراتيجيات القديمة تصلح لمرحلة جديدة، فالمعركة ليست فقط على الأرض وإنما في العقول والقرارات التي تحدد مصير المنطقة برمتها.
كما كشفت الأحداث في السويداء أن سوريا لا تزال ساحة صراع إقليمي ودولي، وأن أي حل يجب أن يراعي:
فشل المشاريع التقسيمية رغم محاولات إسرائيل وأمريكا.
عودة المقاومة المسلحة كخيار أمام السوريين بعد إغلاق الأبواب السياسية.
حتمية المواجهة مع إسرائيل كعدو استراتيجي، حتى لو اختلفت الأولويات بين الفصائل.
لكن تبقى التحديات كبيرة، خاصةً مع انقسام المعارضة، واستمرار هيمنة النظام، وتوازنات القوى الإقليمية. السؤال الأكبر: هل يمكن تحويل هذه الدروس إلى استراتيجية عمل موحدة، لإحكام سيطرة النظام الجديد وبناء الدولة؟؟