في ظل استمرار التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الضوء على قلق تل أبيب المتزايد من قدرة طهران على تنفيذ “انتقام عنيف” قد يتجاوز توقعات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، رغم الهجمات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت منشآت حيوية داخل الأراضي الإيرانية خلال الأيام الماضية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المخاوف الإسرائيلية لا تنبع فقط من حجم الصواريخ الإيرانية، بل من التطور اللافت في تكتيكات الإطلاق، وتنوع الأسلحة المستخدمة، ما يصعّب عملية التصدي الكامل لها. فبينما شنّت إسرائيل غارات جوية استهدفت منصات صواريخ ومخازن أسلحة في طهران، لا تزال التقديرات العسكرية تشير إلى أن إيران تحتفظ بمئات الصواريخ القادرة على إصابة العمق الإسرائيلي.
ترسانة صاروخية ضخمة وتكتيكات متطورة
ووفق خبراء عسكريين نقلت عنهم الصحيفة، يعتقد أن لدى إيران ما يصل إلى 2000 صاروخ، بعضها مزوّد برؤوس متفجرة تزن من 300 إلى 700 كيلوجرام، وقد تصل بعض الرؤوس الحربية إلى طن واحد. وأوضح الخبير الإسرائيلي في الشؤون الصاروخية تال إنبار أن إيران استخدمت في الهجمات الأخيرة نمط “الدفعات المتزامنة”، وهو تكتيك مصمم لاختراق الدفاعات الجوية عبر تشتيت قدرات الاعتراض.
وكشف إنبار عن رصد إسرائيل لصاروخ جديد يستخدم لأول مرة في المواجهة الحالية، يعرف باسم “حاج قاسم”، يعمل بالوقود الصلب ويصل مداه إلى 1600 كيلومتر، ويمكن إطلاقه خلال دقائق من مخابئ تحت الأرض، ما يزيد من صعوبة تتبعه أو تدميره قبل الإطلاق.
سباق التسلح وتكثيف الإنتاج
بدوره، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن طهران رفعت وتيرة إنتاجها الصاروخي بشكل كبير، وتسعى لصناعة ما يصل إلى 300 صاروخ باليستي شهريًا، واصفًا كل صاروخ بـ”حافلة مليئة بالمتفجرات تتجه نحو المدن الإسرائيلية”.
تبادل الضربات وتنامي الخسائر
منذ فجر الجمعة، شنّ الجيش الإسرائيلي عدة هجمات جوية على منشآت حيوية في العاصمة الإيرانية، أبرزها منشآت نفطية، ضمن ما وصفه نتنياهو بمحاولة مواجهة “تهديدين وجوديين”: البرنامج النووي الإيراني، وترسانة الصواريخ المتطورة.
وردّت إيران بإطلاق أكثر من 200 صاروخ باليستي وعشرات الطائرات المسيرة المتفجرة نحو أهداف في الداخل الإسرائيلي، مما أدى إلى تضرر 17 موقعًا على الأقل، بينها مناطق في تل أبيب وحيفا، حسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.
وفي تصريح لافت، اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين بأن منظومة الدفاع الإسرائيلية “من بين الأفضل عالميًا”، لكنها “ليست محصنة بالكامل”، في إشارة إلى صعوبة التصدي الكامل للضربات الإيرانية المتلاحقة.
خطر التوسع الإقليمي
وتخشى الأوساط الإسرائيلية والغربية من احتمال توسع رقعة المواجهة، خاصة مع لجوء إيران إلى تنفيذ الهجمات من جبهات متعددة، وربما بدعم من حلفائها في المنطقة. وقد دعت طهران على لسان الرئيس مسعود بزشكيان، دول الجوار – ومن بينها العراق – إلى منع إسرائيل من استخدام أجوائها، في مؤشر على استعداد طهران لتوسيع رقعة الاشتباك إن استدعى الأمر.
وساطات دولية وتحركات دبلوماسية
في السياق، أبدى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب “انفتاحه” على وساطة روسية يقودها فلاديمير بوتين لاحتواء التصعيد، فيما تتزايد الدعوات الدولية للتهدئة وسط قلق متصاعد من انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة لا تُحمد عواقبها.
