قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تخطط “للسيطرة على كامل قطاع غزة”، بينما ستستأنف إدخال مساعدات “محدودة” إلى القطاع، واصفًا المجاعة المحتملة في غزة بأنها “خط أحمر” قد يكلف إسرائيل دعم الولايات المتحدة.
وفي مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، قال نتنياهوبحسب تقرير للواشنطن بوست ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية : “نحن نستخدم قوة هائلة للسيطرة على كامل قطاع غزة… لكن لا يمكننا الوصول إلى نقطة المجاعة، لأسباب عملية ودبلوماسية”.
وأوضح أن “أقرب أصدقاء إسرائيل في العالم”، بمن فيهم سياسيون أميركيون لم يسمهم، لكنه قال إنهم “داعمون لإسرائيل بلا تردد منذ عقود”، أبلغوه بأنهم مستعدون لتزويد إسرائيل بالسلاح والدفاع عنها في مجلس الأمن، “لكنهم لا يستطيعون تحمّل صور المجاعة الجماعية”
وتُعد هذه المرة الأولى وفقا لـ “الواشنطن بوست ” التي تعترف فيها إسرائيل بأن الجوع في غزة يقترب من حدّ الأزمة، رغم التحذيرات المتكررة من خبراء الجوع العالميين بأن القطاع على شفا المجاعة.
لكن الفلسطينيين في غزة يقولون إنهم يخشون من أن الكمية المحدودة من المساعدات التي وُعدوا بها لن تكون كافية للتخفيف من عمق الأزمة الإنسانية التي يحاولون النجاة منها.
وكانت إسرائيل قد أوقفت إدخال المساعدات والأدوية والوقود والطعام في الثاني من مارس، في أطول حصار إنساني منذ بدء الحرب.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين إن السلطات الإسرائيلية تواصلت معها “لاستئناف محدود لتوزيع المساعدات”، وأن النقاشات جارية حول كيفية استئناف المساعدات في ظل الوضع القائم على الأرض.
كما شنت إسرائيل غارات وقصفًا على خان يونس ليلًا، ما جعل من الصعب بشكل كبير إدخال الشاحنات مجددًا، وفق ما قاله مسؤول في مجال الإغاثة لصحيفة واشنطن بوست، طالبًا عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى الإعلام.
وكانت وكالة الأمم المتحدة قد أفادت الأسبوع الماضي بأن “المخزون نفد، المخابز توقفت، المطابخ المجتمعية تُغلق يوميًا، والناس يتضورون جوعًا”.
وجاء تحوّل نتنياهو المفاجئ في الداخل الإسرائيلي استجابةً لضغوط علنية وخلف الكواليس من إدارة ترامب، التي تحث إسرائيل منذ عدة أسابيع على إنهاء الحرب في غزة.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد صرّح خلال جولة له في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي — والتي لم تشمل إسرائيل — أن “الكثير من الناس يتضورون جوعًا” في غزة، في جولة وقع خلالها صفقات تقدر بتريليونات الدولارات.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 53,000 فلسطيني خلال 19 شهرًا من الحرب، وهي لا تميز بين المقاتلين والمدنيين، لكنها تقول إن معظم القتلى من النساء والأطفال. وفي الأيام الأخيرة، كثفت إسرائيل من قصفها الجوي، ما أسفر عن مقتل المئات الإضافيين.
وقد تعهد نتنياهو بمواصلة توسيع العمليات العسكرية والسيطرة على مناطق جديدة، قائلاً إن ذلك يمنح إسرائيل ورقة ضغط في مفاوضات وقف إطلاق النار، بينما يمهد أيضًا الطريق لحملة عسكرية أوسع في حال فشل المفاوضات.
ويوم الاثنين، دعت القوات الإسرائيلية إلى إخلاء مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدن غزة، في أكبر أمر إخلاء منذ استئناف الحرب في منتصف مارس. وطُلب من السكان التوجه إلى منطقة المواصي التي تضم خيامًا للنازحين، استعدادًا لـ”هجوم غير مسبوق”.
لكن في المواصي، التي تعرضت في الأسابيع الأخيرة لهجمات متعددة استهدفت الخيام، لم يعد هناك متسع.
وقال مالك الشيباري، وهو مهندس معماري نازح مع أطفاله إلى المنطقة: “المشهد مرعب، كأنه من أهوال يوم القيامة”. وأضاف: “الناس يفرّون إلينا من كل مكان، لكن لا أماكن فارغة”، مشيرًا إلى أن الوافدين الجدد يأتون سيرًا على الأقدام حاملين بعض المتاع الأساسية، دون خيام للنوم.
وقال الشيباري إن الهجوم الليلي على خان يونس تخلله غارات من طائرات حربية ومروحيات، واصفًا الضربات بأنها “غير مسبوقة”.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن قوات خاصة دخلت خان يونس متخفية بزي نازحين فلسطينيين، رغم اختلاف الروايات حول ما إذا كانت عملية لتحرير رهينة أو لاعتقال قائد ميداني.
وأعلنت كتائب الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية، أن أحمد سرحان، أحد قادتها، قُتل في الغارة الصباحية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين أن سلاح الجو استهدف خلال 24 ساعة مضت ما لا يقل عن 160 “خلية إرهابية، ومنشآت عسكرية، ومنصات إطلاق صواريخ مضادة للدروع، ومبانٍ مفخخة”. وخلال نفس الفترة، قُتل 126 شخصًا، بحسب زاهر الوحيدي، مدير مركز المعلومات بوزارة الصحة في غزة.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الفلسطينيون وصول المساعدات بترقب شديد، ضربت غارة إسرائيلية مستودع الأدوية في مستشفى ناصر بخان يونس، بحسب منظمة “الإغاثة الطبية للفلسطينيين” البريطانية، التي تدعم المستشفى وشاركت صورًا للدمار مع صحيفة واشنطن بوست.
وفي خطابه المصور يوم الاثنين، قال نتنياهو إن إسرائيل ستبدأ خلال الأيام المقبلة بتنفيذ آلية إنسانية بديلة بدعم أميركي، تتضمن قيام الجيش الإسرائيلي بتأمين مراكز توزيع تديرها شركة أميركية خاصة تُعرف باسم “مؤسسة غزة الإنسانية”، لتجاوز المنظمات الأممية التي كانت تتولى توزيع المساعدات حتى الآن.
وأوضح أن هذه المراكز مخصصة للمدنيين الغزيين فقط، وليس لحماس، التي تتهمها إسرائيل مرارًا بنهب المساعدات الإنسانية والاستفادة منها ماليًا، بينما تزعم أن خطر المجاعة “مفتعل من قبل حماس”. (لكن جماعات الإغاثة وبعض المسؤولين الأميركيين ينفون ذلك، ولم تقدم إسرائيل أدلة على سرقات بهذا الحجم