في خطوة وُصفت بأنها تحول في طريقة التعامل مع المساعدات الإنسانية الموجهة إلى قطاع غزة، أعلنت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (كوغات)، وهي وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي مسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات، أن إسرائيل قررت السماح بدخول البضائع إلى غزة بشكل تدريجي وخاضع للرقابة، من خلال مجموعة محددة من التجار المحليين المعتمدين.
فصل جديد في إدارة المعابر
وبحسب البيان الصادر عن “كوغات”، فإن القرار جاء بمصادقة مباشرة من المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، ويتضمن تفعيل آلية جديدة لاستئناف إدخال البضائع التجارية إلى قطاع غزة، بعد توقف أو تقييد دام شهورًا، وسط ظروف إنسانية صعبة يعيشها سكان القطاع.
ووفقًا للبيان، تم اختيار عدد محدود من التجار المحليين بناءً على معايير صارمة وتقييمات أمنية دقيقة. وسيُسمح لهؤلاء التجار باستيراد بضائع محددة تشمل: المواد الغذائية الأساسية، أغذية الأطفال، الفواكه، الخضروات، ومستلزمات النظافة. ويُشترط أن تُجرى عمليات الدفع الخاصة بهذه البضائع عبر التحويلات البنكية فقط، ما يشير إلى رغبة إسرائيل في تتبع حركة الأموال المرتبطة بهذه التجارة عن كثب.
تقليص الاعتماد على الأمم المتحدة
وتضمن التصريح الرسمي من الوحدة الإسرائيلية إشارة واضحة إلى نية تقليص الاعتماد على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في إدارة تدفق المساعدات إلى القطاع. وذكرت:
“تهدف الآلية إلى زيادة حجم المساعدات الداخلة إلى غزة، مع تقليص الاعتماد على منظمات الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية”.
ويأتي هذا التوجه في وقت تشهد فيه عمليات الإغاثة في قطاع غزة انتقادات متبادلة بين إسرائيل والمنظمات الإنسانية الدولية، بشأن تعطيل دخول المساعدات أو تعقيد إجراءاتها.
رقابة مشددة على جميع البضائع
أكدت وحدة تنسيق أعمال الحكومة أن جميع البضائع التي ستدخل إلى قطاع غزة ستخضع لفحص دقيق من قبل هيئة المعابر البرية الإسرائيلية، قبل السماح لها بالمرور. ولم تُحدد الوحدة بعد جدولًا زمنيًا لبدء التطبيق الكامل للآلية، ولا حجم البضائع المتوقع دخوله يوميًا.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الآلية إلى فرض مزيد من السيطرة على المساعدات، وتوجيهها عبر قنوات تجارية محلية خاضعة لرقابتها، بما يضمن عدم وصول الإمدادات إلى فصائل فلسطينية تعتبرها “معادية”، وعلى رأسها حركة حماس.
سياق سياسي واقتصادي معقد
تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل بشأن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، والتي تفاقمت مع استمرار الحرب الدائرة، وما نتج عنها من دمار واسع للبنية التحتية ونقص حاد في الغذاء والمياه والدواء.
ويرى بعض المحللين أن الاتجاه نحو إدخال المساعدات عبر تجار محليين، رغم القيود، قد يسهم في خلق حركة اقتصادية محدودة داخل غزة، ولكن في إطار مشروط يخدم أهداف إسرائيل السياسية والأمنية، أكثر مما يخدم سكان القطاع.
ردود الفعل.. ترقب وحذر
حتى الآن، لم تُصدر الفصائل الفلسطينية أو المنظمات الإنسانية الدولية تعليقات رسمية واسعة حول الآلية الجديدة، في وقت يسود فيه الترقب بشأن كيفية تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع، وحجم المساعدات التي ستُسمح فعليًا بدخولها، ومدى شمولها لاحتياجات السكان.
ومن المرجح أن تثير هذه الخطوة جدلًا دوليًا، خصوصًا في ظل الانتقادات المستمرة لإسرائيل بسبب منع أو تأخير دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال الأشهر الماضية.