أبو الهيجاء يكتب: تصويبات منهجية
لا يفتي قاعد لمجاهد.. عقبة أمام التفكير ومعضلة في طريق المصلحين وهدر لقيمة العلم ودور العلماء والمجتهدين!
إن الترويج الواسع والعريض لمقولة لا يفتي قاعد لمجاهد يشكل عقبة أمام التفكير، ومعضلة في طريق المصلحين، وسدا أمام المراجعين والمتدبرين، وهدرا لقيمة العلم وتبخيسا لدور العلماء العاملين!
والصحيح أنه لا يفتي جاهل لعالم.. أي لا يفتي جاهل بأحوال واقعة معينة، كما لا يفتي جاهل يفتقد العلم اللازم، لمن هو قائم وعالم بميدان واقعة ما، وهو عالم يمتلك أدوات العلم والفهم والاستنباط.
نعم يمكن للقاعد أن يفتي للمجاهد، كما أفتى ابن حنبل العالم -وهو قاعد- لأهل الثغور.
إن القاعد المقصود والمذموم، هو القاعد عن الجهاد وهو مستطيع له وقادر عليه.
وليس المقصود عموم الأمة ولا خصوص العلماء الذين يقومون بدور شرعي علمي يوجه ويصوب ويرشد المجاهدين القائمين ويحرض القاعدين عن الجهاد.
إن الترديد القاصر والترويج المخل لمقولة لا يفتي قاعد لمجاهد يشكل هدرا لقيمة العلم ومكانة ودور العلماء، الذين هم ورثة الأنبياء في تبيين الحق وتحديد الحلال والحرام، وترجيح ما ينفع الناس ويصرف عنهم الشر، والذين لا يقدر بدونهم المجاهدون والعاملون على ترجيح الواجب عند المحن والفتن والمشتبهات.
لقد شكلت تلك القاعدة الملتبسة منهجا تدين به داعش وأخواتها، حتى بات منهجا يقعد لانحرافها، ويمنع أتباعها الصادقين من البحث العلمي أو الاستماع للعلماء، بل بات تحقير العلماء وكنس العلم صفة لازمة لأتباع داعش الحمقى والأغبياء، والذين صم آذانهم أولياؤهم الضالين من خلال تلك القاعدة المختلة، والتي ليس فيها دلالة على الهدى ولم ترد في الدين!
إن قول الله سبحانه وتعالى (والحق أحق أن يتبع) كاف لإبطال مقولة لا يفتي قاعد لمجاهد، بل إن من دلالات صدق المجاهد وتجرده لله، أنه يتلقف الحق ويبحث عنه في كل موطن دون التوقف أمام حال من نطق بالحق، سواء أكان معه في ميدان المعارك أم كان بعيدا وحالت بينهما المسافات وظروف الواقع .
أبو الهيجاء فلسطين-جنين 23/11/2023