أي صراع عسكري بين الكيان الصهيوني وإيران، سواء كان مباشراً أو غير مباشر، يمكن أن تكون له آثار خطيرة على المنشآت الثقافية والآثار في البلدين، وإن كانت هذه الآثار تختلف من حيث طبيعتها واحتمالات وقوعها حسب نوع المواجهة ومداها الجغرافي والسياسي.
أولًا: في إيران
المنشآت الأثرية الإيرانية (مثل آثار برسبوليس، إصفهان، شيراز، طهران، وغيرها) تقع في مناطق غالبًا بعيدة عن البنية العسكرية، لكن في حال حدوث ضربات جوية واسعة النطاق أو حرب شاملة، قد تتعرض:
لأضرار غير مباشرة بسبب اهتزازات القصف أو تلوث الهواء.
أو تتأثر بسبب تحويل بعض المواقع التاريخية إلى مواقع عسكرية أو ملاجئ، مما يزيد من احتمالية استهدافها.
المنشآت الثقافية كالمتاحف والمكتبات قد تتأثر إذا أصبحت طهران أو المدن الكبرى أهدافًا مباشرة، ما قد يؤدي إلى تدمير أو فقدان تراث تاريخي وفني ثمين.
ثانيًا: في الأرض المحتلة
فلسطين تضم مواقع تاريخية وأثرية بارزة تعود للعصور الكنعانية واليهودية والرومانية (مثل القدس، قيسارية، مجدو، صحراء النقب).
في حالة الرد الإيراني بصواريخ بعيدة المدى أو استخدام الميليشيات (مثل حزب الله أو جماعات في سوريا)، يمكن أن تقع بعض هذه المواقع ضمن نطاق الأذى.
أيضًا، بعض المنشآت الثقافية في المدن الكبرى (مثل تل أبيب والقدس) قد تتعرض للضرر في حال القصف، خاصة إن وقعت بالقرب من مراكز مدنية أو قواعد حكومية.
تأثير الحرب على الثقافة والتراث يتعدى الأضرار المادية
توقف الأنشطة الثقافية والفنية، وتعليق المعارض، ووقف الفعاليات التراثية.
تهريب أو سرقة القطع الأثرية بسبب الفوضى.
تحوّل بعض الرموز الثقافية إلى أدوات دعاية أو رموز سياسية.
خلاصة:
رغم أن الدولتين تحتفظان عادة بمواقع الآثار بعيدًا عن الجبهات، فإن أي تصعيد واسع النطاق قد يؤدي إلى خسائر غير قابلة للتعويض في التراث الإنساني. وهذا يجعل حماية الثقافة والآثار أحد الجوانب المسكوت عنها في تغطية الحروب، لكنها في الحقيقة تمثل ذاكرة الشعوب وجوهر حضارتها.
الآثار في إيران
1. العصر العيلامي (حوالي 3000 ق.م – 539 ق.م)
من أقدم حضارات إيران.
أهم المواقع: سوسة (شوش)، أنشان.
سمات الآثار: نقوش طينية، أختام أسطوانية، معابد من الطين المجفف.
2. الإمبراطورية الأخمينية (550–330 ق.م)
أهم فترات المجد الإيراني.
أبرز المواقع:
برسبوليس (تخت جمشيد): مدينة القصور والنقوش البارزة.
نقش رستم: قبور ملوك محفورة في الجبال.
المواد: حجر منحوت بدقة، نقوش سياسية ودينية.
3. العصر الساساني (224–651 م)
فترة ازدهار في العمارة والنحت.
أهم الآثار:
قلعة فخريكا، قصور في فيروزآباد وكرمانشاه.
نقوش باسيروك: مشاهد المعارك وحفلات التتويج.
4. الحقبة الإسلامية (من القرن 7م فصاعدًا)
تنوع فني ومعماري: العمارة الصفوية، السلجوقية، القاجارية.
أهم المدن: أصفهان (قبة الصخرة، المساجد الزرقاء)، شيراز، يزد.
فنون: الخط، البلاط المزجج، الزخارف الهندسية.
الآثار في فلسطين المحتلة
1. العصر الكنعاني والبرونزي (حوالي 3000 – 1200 ق.م)
حضارات مدن مستقلة (أريحا، مجدو، حاصور).
آثار: أسوار، أدوات فخارية، معابد.
2. العصر الحديدي (1200 – 586 ق.م)
فترة مملكة إسرائيل ويهوذا.
أهم المواقع:
القدس القديمة: أساسات هيكل سليمان.المزعوم
تل دان، تل بئر سبع.
آثار: نقوش عبرية، أسلحة، تحصينات.
3. الفترة الفارسية والهلنستية (539 – 63 ق.م)
تداخل حضاري فارسي ثم يوناني.
آثار: نقوش، مدافن، معابد على النمط الهلنستي.
4. العهد الروماني والبيزنطي (63 ق.م – 636 م)
تشييد مدن كبرى: قيسارية، بيت شيعان، جداريا.
آثار: مدرجات، حمّامات، طرق رومانية.
في القدس: بقايا الهيكل الثاني، حسب زعم الصهاينة، وطريق الآلام.
5. الفترة الإسلامية (636 – 1917 م)
العهد الأموي ثم العباسي ثم العثماني.
معالم إسلامية مهمة:
قبة الصخرة (691م)، المسجد الأقصى.
الزوايا والمدارس والقباب الإسلامية في القدس وصفد وعكا.
ملاحظة مهمة:
فلسطين وإيران غنيتان بمواقع مسجّلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
والآثار فيهما ليست مجرد بقايا، بل شاهد حيّ على صراع الهويات والحضارات.
لمتاحف في البلدين ليست مجرد مبانٍ تعرض القطع الأثرية، بل هي مراكز حيوية لحفظ الهوية الثقافية والتاريخية لكل أمة. وفيما يلي عرض لأهم المتاحف في كل من إيران وإسرائيل، من حيث:
أولاً: المتاحف في إيران
- المتحف الوطني الإيراني (طهران)
أهم متحف أثري في البلاد.
يضم قاعات متخصصة للعصور: ما قبل التاريخ، العيلامي، الأخميني، الساساني، والفترة الإسلامية.
معروضات: تماثيل، أختام، فخار، أدوات حجرية، نقوش أخمينية (مثل نقش دارا الأول)، مصاحف نادرة.
- متحف رضا عباسي (طهران)
يضم مقتنيات من العصور الساسانية، الإسلامية، والصفوية.
يشتهر بمجموعته الفريدة من المخطوطات، المصغّرات، والمجوهرات.
- متحف الفن الإسلامي (طهران)
معروضات: بلاط خزفي، مصاحف، منابر، سجاد، أدوات نحاسية وخطوط مذهبة.
يغطي فنون العهدين الصفوي والقاجاري.
- متحف برسبوليس (شيراز)
يقع قرب موقع تخت جمشيد.
يعرض مكتشفات أثرية من القصر الأخميني، مثل المنحوتات الأصلية والعملات.
- متحف إيران القديمة (جزء من المتحف الوطني)
يغطي عصور ما قبل التاريخ حتى دخول الإسلام.
ثانياً: المتاحف في فلسطين المحتلة
- متحف (القدس)
أهم متحف وطني.
يشمل:
مخطوطات البحر الميت (في مزار الكتاب).
آثار من العهد الكنعاني، والعصور الرومانية، والبيزنطية.
معروضات من الثقافات الإسلامية، والمسيحية، واليهودية.
- متحف برج داوود (القدس القديمة)
يقع داخل قلعة تاريخية.
يعرض تاريخ القدس من العصر الكنعاني حتى العصر العثماني.
- متحف الأرض
يركّز على الآثار، العملات، الفخار، وأدوات الحياة اليومية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي.
- متحف قيسارية الأثري
في موقع مدينة قيسارية الرومانية القديمة.
معروضات: فسيفساء، أعمدة، تماثيل رومانية وبيزنطية.
- متحف الآثار الإسلامية في القدس
معروضات من العصور الأموية، العباسية، المملوكية، والعثمانية.
يضم أيضًا ساعات أثرية نادرة.
خلاصة:
متاحف إيران تبرز تراثًا إمبراطوريًا وإسلاميًا فنيًا يغلب عليه الزخرف والرقي الفارسي.
أما متاحف فلسطين المحتلة فتجمع بين الآثار العالمية التي مرّت عبر أرضها، إلى جانب بعض الفن الإسلامي.
أشهر الكنوز في متاحف إيران
- المتحف الوطني الإيراني (طهران)
رأس تمثال دارا الأول (Darius I)
من الحجر الجيري، يعود للإمبراطورية الأخمينية (القرن 5 ق.م).
يظهر ملامح ملكية صارمة وتفاصيل دقيقة على اللحية والتاج.
ألواح الطين المسمارية من برسبوليس
تحتوي على سجلات إدارية واقتصادية من عصر دارا الأول.
مكتوبة بالإلـامية والبابلية والفارسية القديمة.
تمثال الرجل السومري من شوش
مصنوع من الديوريت، يمثل تأثير حضارة ما بين النهرين في غرب إيران.
- متحف رضا عباسي (طهران)
مصحف بخط الكوفي من القرن 8م
مزخرف بشكل مذهل، مكتوب على رق الغزال.
قلائد ذهبية ساسانية
بتفاصيل دقيقة من النقوش الملكية والزخارف الزرادشتية.
مصغّرات فارسية من العصر الصفوي
لوحات دقيقة منمنمة، ترسم مشاهد من الأدب الفارسي (مثل الشاهنامة).
- متحف الفن الإسلامي (طهران)
باب مسجد من العصر القاجاري
محفور بدقة، مزين بالخط الفارسي والزخارف الهندسية.
سجادة كرمان الفاخرة
من القرن 17م، تضم مئات الآلاف من العقد، وتُعد من أثمن السجاد في العالم.
أشهر الكنوز في فلسطين المحتلة
- متحف (القدس)
مخطوطات البحر الميت (Dead Sea Scrolls)
من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين.
تعود للقرن الأول ق.م، وتشمل نسخًا من التوراة ونصوصًا دينية.
مجسم القدس في القرن الأول الميلادي
نسخة ضخمة ثلاثية الأبعاد للقدس
حجر تل دان (Tel Dan Stele)
نقش آرامي يعود للقرن التاسع ق.م، يذكر “بيت داوود”، أول دليل أثري خارجي على وجود الملك داوود.
- متحف برج داوود (القدس القديمة)
سيوف وأسلحة صليبية
من الفترة الفرنجية (القرن 12م)، وُجدت في الحفريات حول القلعة.
نقوش عثمانية على بلاطات
تحكي عن ترميم سور القدس في عهد السلطان سليمان القانوني.
- متحف الفن الإسلامي (القدس)
ساعة نابليون الميكانيكية
من مجموعة الساعات الأثرية النادرة، سُرقت واستُعيدت لاحقًا.
مصاحف وزجاجيات من العصر المملوكي
مزخرفة بدقة وزينة ذهبية، تبيّن مهارة الفن الإسلامي في بيت المقدس.
خلاصة:
إيران تفتخر بتحفها الأخمينية والصفوية، التي تمثل قوة الدولة وفنها الراقي.
فلسطين المحتلة تعرض وثائق دينية فريدة (مثل المخطوطات) وآثارًا من حضارات متعددة (كنعانية، رومانية، إسلامية).