الأربعاء يوليو 3, 2024
أقلام حرة

أحمد الجوهري يكتب: رسالة الإسلام إلى البشرية

ينبغي أن نتحول من الكتابة القصصية إلى الكتابة العلمية والعملية، تلك الكتابة التي نستند فيها إلى التوصيف والتشخيص والتحليل والرصد ثم تقديم الحلول العملية ورسم التطلعات.

وينبغي أن تكون لدى كتابنا الفكرة الجادة والنية المخلصة والنشاط الدائم لتربية الوجدان وتنمية العقل وتوجيه سلوك المسلم المعاصر إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.

ونحتاج – نحن كتاب الإسلام ومتحدّثيه – إلى نوجه أبصارنا إلى الواقع الذي نحياه والعصر الذي نعيشه وأفكاره وتطلعاته والنزول إليه ومجابهته دون أن ننسى أصولنا وتراثنا بل نستمد من هذا التراث مشروعًا ينهض أبناء الإسلام في الحاضر ويعدهم للريادة في المستقبل.

لقد بنى السلف رضوان الله عليهم – مجد الإسلام في عصورهم، وكذا فعلت أجيال من بعدهم في عصورها، وبقي دورنا أن نفعل مثلما فعل محسنهم: علاجًا للأمراض، وحلًّا للمشكلات، وبناء للآمال، وكفاحًا في سبيل إيصال رسالة الإسلام.

لا يليق بنا أن نكون مجرد ورثة يتباهون بما فعل الآباء فإن علينا واجبًا للإسلام سوف نسأل عنه مثلما كان عليهم!

ولئن قلنا إن واجبات المسلم المعاصر فوق ما كانت واجبات أسلافه الكرام لما عدا هذا القول الحقيقة، لقد كان السلف متفوقين منتصرين ونحن تابعون منهزمون، وهذا يحتم علينا أن نقوم بدورين:

1- دور صد الأفكار الوافدة وتفنيدها وتحصين العقول ضدها، وهذا دور كبير ضخم لا يستهان به فإننا أمام ماكينات متخصصة تصدر إلينا الأفكار بعدد الأنفاس.

2- ودور بناء تلك العقول على الإسلام وتوضيح أفكاره ورؤاه لها ولغيرها وهي مهمة أخرى تقف دونها عوائق وعقبات عديدة ومتنوعة.

من الطريف أن سوق الأفكار الغربي – وقبل هذا سوق الأفكار الشرقي – كان يصدر إلينا – نحن العرب – أفكارًا لها بهرج من الخارج يجذب الأنظار ويشتت الوعي عن الغوص في عمق هذه الأفكار لإدراك ما تتضمنه أو تؤدي إليه من آثار سيئة وتنتجه من ثمار خبيثة.

هذا ما كان منهما في الماضي

أما اليوم فقد صارت الأفكار التي تصدر إلينا أفكارًا ضحلة مكشوفة مفضوحة ومع هذا تروج على أبناء الإسلام يقبلونها لأنها هي الموجودة في السوق ولأن البائع لها هو المركز الفلاني والمروج لها هو اللاعب أو الممثل الفلاني!

لم يعد الأمر يقف عند حد منعنا من عرض أفكارنا الأصيلة، أو أن نعيش على أفكار مستوردة، لقد تخطاه إلى إفساد الذوق عند المتلقي لتكفيه تلك الأفكار التي لا قيمة لها بل التي لا فكرة فيها.

طعن أعداء الإسلام في التوحيد والنبوة والصحابة، شككوا في القرآن والسنة ونقلتهما، رموا بسهامهم نحو علوم الإسلام من أصول وفقه وعربية وغيرها ونحو علمائها من مفسرين ومحدثين وفقهاء.. ولم ييأسوا إلى اليوم من ترديد قديم هذا واستحداث الجديد فيه.

وكل ذلك بفضل الله تعالى لم يؤتهم ثمرة إلا كشعرة بيضاء في رأس شعرها كله أسود أو كشعرة واحدة سوداء في رأس شعرها كله أبيض!

وعندما يوفق الله تعالى عالمًا ثقفًا لقنًا لتناول هذا الجانب -رد الطعون وتفنيد الشكوك ورد السهام- يسقط عمل قرون في ساعات وينسف شغل فريق أودعه موسوعات ومجلدات بجرات قلم في سطور.

والحمد لله رب العالمين.

Please follow and like us:
أحمد الجوهري
مصنّف ومحقّق، يدرّس علوم الشريعة، ومدير معهد في الأزهر الشّريف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب