أحمد الجوهري يكتب: منهاج الدعوة والدعاة
ينبغي أن نتحول من الكتابة القصصية إلى الكتابة العلمية والعملية، تلك الكتابة التي نستند فيها إلى التوصيف والتشخيص والتحليل والرصد ثم تقديم الحلول العملية ورسم التطلعات.
وينبغي أن تكون لدى كتابنا الفكرة الجادة والنية المخلصة والنشاط الدائم لتربية الوجدان وتنمية العقل وتوجيه سلوك المسلم المعاصر إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.
ينظر المرء حوله فيجد الثغور كثيرة، ويجد المرابطين عليها قلة، وليتهم متفرغين لرباطهم، إن من حولهم ناسًا يناوشونهم في مسائل صغيرة ويأخذون بحجزهم عما وقفوا أنفسهم له.
والمصيبة أن هؤلاء المناوشين يفعلون ذلك بدعوى العمل للإسلام!
فهم عدونا أن من أعظم أسباب تخلفنا: بقاءنا في خانة الدفاع عن أنفسنا، فأنشأ مراكز بحثية مهمتها إلقاء الشبهات علينا في الأصول والفروع، على النصوص ورواتها وفقهائها، على قيمنا وتاريخنا.
ومما زاد الطين بلة: أنهم نقلوا المعركة إلينا، تولاها بعض المسلمين بالأسماء – مثل: إبراهيم عيسى وإسلام بحيري ومصطفى راشد وغيرهم – أو من ارتدوا عن الإسلام مثل رشيد حمامي وغيره!
وربما دخلنا – ونحن لا ندري – إلى مرحلة ثالثة بدخول فرقتي الحدادية والمداخلة على الخط!
نعم، إنني أنادي بضرورة وعي المسلم المعاصر بدينه، واهتمامه بتعلمه، وعنايته بالسؤال عنه والقراءة والمطالعة فيه، والرقي بذوقه والتنمية لمؤهلاته من أجل الاقتدار على فهمه.
مثلما أنادي بضرورة معاصرة الداعية لزمانه وعيش العالم في واقعه، وعدم استغراقهما في الماضي والتراث من دون تطوير أدواتهما التي تقدر على فهم الواقع وتشخيص أمراضه ووصف الدواء لها.
فهما أمران متكاملان:
– تبليغ الوحي بأدوات العصر.
– وتربية المتلقي لبلوغ مستوى هذا الوحي.
من كان يتوهم أن الغرب وأذنابه – علماني يضع المناهج، أو وقح يسن القوانين، أو وكيل لهم يدير الأمور – يجري معنا على مبدأ “دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر” وأن بإمكان الواحد منّا أن يَسلم من هؤلاء إذا انكفأ على نفسه وراعى علاقته بربه وعلاقته بنفسه وكفى خيره شره كما يقال!
إنهم لن يتركوه – ولن يتركوا أسرته – لا في عبادة ولا في عقيدة، وسوف يسعون بكل وسيلة – إغراء وإكراه – إلى فرض مناهجهم ورؤاهم عليه في كل صغيرة وكبيرة.
فليس الحل مع هذا الوافد ومن يسعون إلى تمكينه فينا وتحكيمه في رقابنا – بوعي أو بغير وعي – التعايش معه ونحوه.
إنما الحل في مواجهته والعمل على هدم مشروعه والسعي الجاد لبناء مشروع خاص بأمتنا يمثل عقيدتنا ويرسخ لعبادتنا ويبث قيمنا ومفاهيمنا ويغرس أخلاقنا ويربي سلوكياتنا على أساس من ديننا.