حدد رئيس الوزراء السوري أحمد الشرع خارطة طريق للمرحلة المقبلة في إدلب، قائلاً إن المرحلة الثورية انتهت ويجب العمل بعقلية الدولة. ووصف الشرع تقسيم سوريا بأنه “مستحيل”، وحدد خطط حكومته للسويداء وحزب الله والاقتصاد وإعادة الإعمار.
التقى رئيس الوزراء السوري أحمد الشرع وفدًا رفيع المستوى من مسؤولي محافظة إدلب، لتسليط الضوء على تجربة إدارة إدلب خلال السنوات الأخيرة كأساس لبناء مستقبل سوريا. وأكد الشرع أن التفاهم بين السلطة والشعب كان مفتاح النجاح، ويجب الآن تعميم هذه التجربة على كامل القطر.
من الثورة إلى الدولة؛ تغيير العقلية
قال رئيس الوزراء السوري المؤقت إن البلاد دخلت مرحلة جديدة ولم يعد الوقت مناسبا للعمل بعقلية ثورية بل يجب استبدالها بعقلية بناء الدولة.
عندما وصلنا دمشق، قلتُ إن الثورة انتهت بالنسبة لنا. قد يكون هذا سيئًا للبعض، لكنني أعني أن شؤون الدولة يجب أن تُدار بعقلية جديدة ومختلفة.
وحذر قائلاً: “إن أخطر ما في الأمر هو السعي لتوزيع السلطة والإنجازات والقول: قدّمنا تضحيات، وكل شيء لنا. هذه ليست عقلية الدولة”. وشدد على ضرورة تجنب الخطاب الذي يُشجع الطائفية، لأن بناء الوطن يتطلب عقلية جماعية، لا تهميشًا ودكتاتورية.
“تقسيم سوريا مستحيل”
وحول الشائعات والدعوات حول تقسيم سوريا، رفضها أحمد الشرع بشدة ووصفها بـ”الأحلام السياسية والجهل”.
لا أعتقد أن سوريا مُعرَّضة لخطر التقسيم. صحيح أن البعض يُريد التقسيم وإنشاء كانتونات، لكن هذا مُستحيل منطقيًا وسياسيًا وعرفيًا. تغيير خريطة العالم الحالية صعبٌ للغاية، والمجتمع الدولي لن يسمح بذلك.
وتأتي تصريحات الشرع في وقت لا تزال فيه حكومته لا تملك السيطرة على كامل الأراضي السورية.
وقال الشرع إن “كل من يدعو إلى التقسيم في سوريا هو إما جاهل سياسياً أو حالم لأن أسباب التقسيم غير موجودة في سوريا والمجتمع السوري نفسه لا يقبل التقسيم”.
حل سلمي للسويداء وحزب الله
كشف أحمد الشرع عن سياسة حكومته تجاه الأوضاع في محافظة السويداء والمناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مؤكداً على ضرورة الحل السلمي.
قال الشرع: “وحدة الأراضي السورية وجمع الدولة للسلاح خطان أحمران”. وأضاف أن إسرائيل تتدخل بشكل مباشر في السويداء لإضعاف الدولة. وتسعى الحكومة الحالية إلى تهدئة الوضع، وإعادة اللاجئين، والعمل على تحقيق المصالحة الاجتماعية بين الدروز والبدو.
لأول مرة منذ عشر سنوات، هناك اتفاقٌ تتفق عليه سوريا وحزب الله وتركيا والولايات المتحدة. نعمل على آلية تنفيذه، وقد أبدى حزب الله استعداده لتطبيقه.
صندوق التنمية والاستثمار بقيمة 28 مليار دولار
وفي إشارة إلى الوضع الاقتصادي في البلاد، قال الشرع إنهم ورثوا بلداً مدمراً وبنكاً فارغاً، لكن لديهم خططاً لإنعاش الاقتصاد.
وأضاف: “لم أكن أرغب في أن تعيش سوريا على مساعدات وديون طويلة الأمد تُهدد السيادة السياسية للبلاد. لذلك اعتمدنا على قدرة السوريين ومواردهم، وفتحنا الباب أمام الاستثمار الأجنبي”.
وقال الشرع إن “قيمة الاستثمار المباشر في سورية خلال الأشهر السبعة الماضية بلغت 28.5 مليار دولار”، متوقعاً أن يصل إلى 100 مليار دولار بنهاية العام.
وقال إنه سيتم إطلاق صندوق تنموي قريبا لجمع التبرعات من السوريين في الداخل والخارج لإعادة إعمار البلاد، وستكون المهمة الأولى إعادة بناء البنية التحتية في المناطق المدمرة، وكذلك دعم الزراعة والصناعة.
إعادة إعمار إدلب هي أولويتنا
رداً على طلب وفد إدلب بالاطلاع على المناطق المحررة من المحافظة التي دمرتها الحرب، أكد أحمد الشرع للحضور أن هذا الملف سيكون من أولويات الحكومة.
كان من أهم أهداف حرب التحرير إعادة الناس إلى ديارهم. لقد حققنا الإنجاز الأكبر، وما تبقى أسهل. مع أننا لا نستطيع إعادة بناء كل منزل، إلا أننا نعيد بناء البنية التحتية واستعادة الخدمات.
ودعا الشرع إلى المقاومة من كل الأطراف، قائلاً إن بناء الدولة عملية طويلة وسبعة أشهر لا تكفي لتقييمها بل تحتاج إلى وقت وتعاون من كل أطياف الشعب السوري.
