أقلام حرة

أحمد دبور يكتب: قتلوا الجنين من أجل أمن إسرائيل!

لا ندري هل كان يعرف محمد أنور السادات وهو يمسك بيد المجرم مناحيم بيجن رئيس الوزراء الصهيوني يوم 26 مارس 1979 أثناء توقيعهما ما أسمياه (معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل)، أن تأتي الذكرى السابعة والثلاثين لهذه المعاهدة في 2016 والجيش في مصر بدرعه وسيفه يخوض حربًا طاحنة ضد أهالي سيناء، حربٌ تُهدم فيها مساجد وتُفجّر بيوت ويُستشهد شيوخ ونساء وأطفال، ويُقتل جنود وعساكر وضباط، ويُقتل مصريين مُسلحين اختاروا مواجهة الجيش والشرطة بنفس الطريقة -قطع الرقاب وتمزيق الأشلاء- مبررين ذلك بهول وبشاعة ما يلاقونه وسط تعتيم إعلامي وحقوقي مقصود، وتشويه وشيطنة مُتعمدة لهؤلاء الحثالة من الإرهابيين البدو سكان سيناء!

ْ

حربٌ مستعرة راح ضحيتها المئات في الأعوام الأخيرة، وأكبر ضحاياها هم النساء والأطفال؛ الذين جعلتهم الأقدار على حدود الكيان الصه.y.وني، كيانٌ يختار أعداءه قبل أصدقاءه؛ فيختار الأول حنجوري صاحب صوت عالي ليخوض المعركة فيخسرها، فدوره أن يدخل المعركة بكل حماس ودوره أيضًا أن يخسرها بكل نكسة، وبعده يأتي آخر ليباغت بالحرب بلا حماس فهي حرب تحريك لا تحرير، ثم يُحرك القضية لسلام مزعوم كديباجة فاخرة لحقيقة النكبة وعمق النكسة وينتهي دوره، ليأتي بعده الكنز الاستراتيجي لإسرائيل الذي يحافظ على هدأة واستقرار لعشرات السنين؛ يجعل الخضوع التام من أمة العرب والمسلمين خيار استراتيجي، وها قد جاء بطل إسرائيل الصعلوك الصغير بحقارة ودناءة أبلغ وأوقح ليبدأ في خطة الإخلاء؛ إخلاء سيناء وتسليمها جاهزة دون مفتاح حتى!!

ْ

وفي كل مرة ومع كل نكبة ونكسة وخيانة وردة، سيقول لك الزعيم الملهم: هذا من أجل مصر .. تحيا مصر، وكيف تحيا مصر وأبناؤها يقتلون من أجل أمن إسرائيل؟! كيف تحيا والقوات المسلحة في مصر تقتل يوم الثلاثاء 29 مارس 2016 جنين عمره سبعة أشهر في بطن أمه بطلقة غادرة؟! أمه المصرية السيناوية التي عندما خرجت لتجمع الأعشاب لأغنامها لم تكن تنتظر ضرب الرصاص على قدمها وبطنها بخسة وندالة!

ْ

فقد هالنا كمصريين من سكان القاهرة أو الإسكندرية أو أسيوط أو الدقهلية أو مطروح أو غيرها، الصورة الفظيعة المؤلمة التي نشرتها مصادر موثوقة لجنين “بنت” ماتت برصاص الجيش في سيناء!! وهي في بطن أمّها الحامل؛ لتُعلن لنا بوضوح أن في مصر أمن إسرائيل أهم، وأن إتفاقية كامب ديفيد أقوى، وأن نيتنياهو قائد ذو قدرات قيادية عظيمة (حسب قول الفريق السيسي منذ أسابيع)!

ْ

فقد قتلوا الجنين من أجل أمن إسرائيل، وبتتابع الأحداث والأحوال والأهوال تشعر كأن الجيش في مصر مُصمم على تفجير البلاد!، نحن نتفهم أن حكم مصر لا بد له من ثمنٍ، ونتفهم أن كي تبقى النخبة العسكرية في مصر مُسيطرة على السلطة والثروة لا بد وأن تُقدّم قرابين للنظام العالمي ولأمريكا وإسرائيل، لكن فليكن هذا بهدوء وروية وذكاء، بحكمة الأوغاد ومكر الثعالب والذئاب، تعلموا من مبارك الذي خان بكل إتزان والسادات الذي باع بكل ثقة وناصر الذي هُزم بكل فخار، أما أن تخون وتبيع وتفسد وتقتل بغشومية وصلف وعنجهية وغباء؛ فهذا أدعى لحرق مصر وتحولها بين يديك لكتلة من اللهب إن لم يكن غدًا فبعد غد!

ْ

وإن كان الهدف من قتل الأجنة والنساء والأطفال السيناويين تحقيق وعد السيسي بقوله: (لا نسمح أن تصبح سيناء قاعدة أو منطقة خلفية لهجمات ضد إسرائيل)، وعزمه الواضح على جعلها أرض فضاء لا تنمية فيها ولا بشر، فعلينا أن نقف في وجه هذا الخبل ونختار كمصريين بجلاء إما أمن الجنين أو أمن إسرائيل، وكحل إبداعي خارج الصندوق فلا بد بالفعل من إخلاء سيناء تمامًا، ولكن من الجيش والشرطة وملئها بالشعب، أما إخلائها من الناس بقتلهم وتهجيرهم وسحقهم (شبابًا وشيوخًا وأطفالًا ونساءً وأجنةً) فهو انتحار ونهاية لها وضياع!

ْ

كتب في 2016

أحمد دبور

كاتب وباحث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights