من الخطايا الكبرى التي وقعت فيها الغالبية من أبناء ثورة يناير، هو انخداعهم في ثوار اندسوا بينهم، رافعين شعارات مزيفة تحت عنوان الليبرالية الباحثة عن الحقوق والحريات، ثم وما أن بدأت المؤامرة تنسج خيوطها على الثورة، وعلى ما أفرزته من نتائج بوجود حكم مدني للمرة الأولى في تاريخ الدولة المصرية، حتى وجدناهم في طليعة المتآمرين عليه، بل إنهم هم من أنجحوا المؤامرة، وساعدوا في الانقلاب على التجربة بأكملها.
المخرج السينمائي خالد يوسف هو أحد أبرز هؤلاء، وقد رأينا دوره البارز في تزييف صورة الخارجين على الثورة والمؤيدين للانقلاب عليها في 2013.
ستقول لي إن خالد يوسف تراجع عن هذا الموقف وأبدى الندم، ودفع الضريبة بالخروج من مصر إلى أوروبا، سأقول لك إنه رجع في موقفه وعاد مجددا إلى مصر للارتماء في أحضان المتآمرين من جديد، بعد أن أخذوا عليه العهد بعدم الإقدام على هذا التصرف ثانية، بل قدم لهم فروض الولاء والطاعة، ولذلك سمحوا له بالعمل معهم والأكل من كيكتهم، من خلال إخراج بعض الأعمال الفنية بالشركة المتحدة.
لذلك راعني وقوع البعض من أبناء ثورة يناير المخلصين، في فخ الانخداع مجددا، بالتأييد والإشادة بالفيديو الذي بثه يوسف على السوشيال ميديا أمس، ووجهه للسيسي، يطالبه فيه بفتح المجال السياسي أمام المعارضين، والإفراج عن معتقلي الرأي. فهؤلاء الطيبين من الناس الذين عشقوا الوقوع في الفخاخ المنصوبة لهم، وعشقوا خداع الخب لهم طوال الوقت، لم يقولوا لنا، ما الذي تغير في مصر، حتى يٌسمح لخالد يوسف أو غيره من النشطاء السياسيين، أن يقدم على خطوة محفوفة بالمخاطر كهذه، ويطالب بفتح المجال السياسي أمام المعارضين، والإفراج عن المعتقلين، وهذه أصبحت ملفات تجاوزت بعدها السياسي الداخلي، وأصبحت أوراق ضغط يقبض عليها النظام بيد من حديد للتفاوض بها مع دول الإقليم والمجتمع الدولي، لتحقيق مصالحه الخاصة؟
كما أنهم لو دققوا في الفيديو المنشور، سيكتشفون أنه لم يكن عفويا أبديا، بل من الواضح أنه متعوب فيه، ومعمول بحرفية تصوير عالية، تدور فيه عدسة الكاميرا بالتركيز العميق على الوجه (كلوز) ثم تنفتح مجددا فيصغر الوجه، كما أن يوسف كان يقرأ من ورقة مكتوبة أمامه، وكأنه بيان، كان الممكن أن يكتفي بنشره على صفحته الخاصة، دون الحاجة لطلعته البهية، أو لدبكة التصوير والمونتاج.
ثم والأهم من كل ذلك، هل سألت نفسك، من هم هؤلاء السجناء الذين يطالب خالد يوسف بالإفراج عنهم؟ مؤكد أنهم لا يمثلوا حضرتك، وإنما يمثلوه هو وعشيرته ممن شاركوا في الانقلاب على الرئيس المدني المنتخب دكتور محمد مرسي، وهؤلاء هم من كانوا يعتقدون أنه سيكون لهم دور في إدارة الدولة مع الجنرال، ثم أخذوا الصابونة، ونكل بهم الجنرال ووضعهم في المعتقلات، أو ألبسهم الطرح وأجلسهم في بيوتهم.. فلماذا تفرح إذن أيها الخب العزيز بالمبادرة؟