الأثنين مايو 20, 2024
أقلام حرة

أحمد سعد فتال يكتب: اغتيال رَضي موسوي.. مجرم يُزيـح مجرماً

بعد هلاك قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بضربة أميركية قرب مطار بغداد الدولي عام 2020، يُقتل قائد عسكري إيراني جديد خارج الحدود، لكن هذه المرة في سوريا، حيث اغتال الاحتلال الإسـرائيلي المستشار في الحرس الثوري الإيراني، رَضي موسوي، يوم 25/12/2023، بقصف منزله في منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

التلفزيون الإيراني قطع بثه الإخباري المعتاد ليعلن مقتل موسوي، ووصفه بأنه «أحد أقدم مستشاري الحرس الثوري في سوريا»، بينما قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن موسوي كان «أحد رفاق سليماني». ونعى الحرس الثوري موسوي وأفاد بأنه «المسؤول اللوجستي لمحور المقاومة» في سوريا، في حين نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أن موسوي كان المسؤول عن تنسيق التحالف العسكري بين إيران وسوريا.

السلطات الإيرانية على عادتها، لم تتوقف عن التهديد والوعيد منذ وقوع الحادثة، فقد حذر الحرس الثوري من أن «إسرائيل سوف تدفع ثمن جريمة الاغتيال»، وقال وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، إن «اغتيال رضي موسوي سيكون له عواقب وخيمة على إسرائيل». كما قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، «على تل أبيب أن تنتظر العد التنازلي القاسي».

كان رضي موسوي ينفّذ سياسة إيران في سوريا، التي هي جزء من السياسة الدولية (الأميركية) لتثبيت نظام الأسد المجرم وتصفية الثورة، وقد ارتكب في سبيل ذلك العديد من الجرائم في سوريا رفقة صديقه القديم، قاسم سليماني، لكن لم يكن هذا سبب إقدام الكيان المحتل على تصفيته، فهو -أي الكيان- منخرط في هذه السياسة الإجرامية المعادية للثورة، إنما ترتبط حادثة الاغتيال بالحرب الدائرة في غزة، والمناوشات الجارية بين الاحتلال الإسرائيلي وأذرع إيران في لبنان وسوريا والعراق، التي تحاول حفظ ماء وجهها أمام حاضنتها الشعبية بتوجيه ضربات خفيفة للكيان الغاصب لا تغيّر من قواعد اللعبة -وهي أقرب إلى المسرحيات منها إلى الضربات-، ومع ذلك فقد اغتال الاحتلال رضي موسوي لأنه يريد إيقاف هذه المناوشات للتركيز على غزة، مع إدراكه بأن إيران وميليشياتها ليست جادة في حربه، ولا مشروع لديها لتحرير فلسطين وإزالة ما يُسمى بـ«إسرائيل».

إن ما خبرناه من طبيعة النظام الإيراني طيلة السنوات الفائتة يؤكد لنا أنه لن يرد رداً حقيقاً على اغتيال رضي موسوي، فهو أجبن من ذلك، وما التهديدات التي أطلقها ساسة طهران إلا أقوال للاستهلاك الإعلامي، وقد سمعنا مثلها -وزيادة- بعد مقتل قاسم سليماني، حيث قال المرشد الإيراني علي خامنئي وقتئذ إن «الانتقام الشديد ينتظر المجرمين»، كما هدد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الولايات المتحدة بـ«العواقب التي لا مفر منها»، لكن في نهاية المطاف قصفت إيران قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق بعدد من الصواريخ التي لم تقتل جندياً أميركياً واحداً. وقد تم هذا الهجوم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وفق ما كشف عنه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، خلال نوفمبر الفائت.

لا يعد هذا السلوك الإيراني غريباً أو مستحدثاً في السنوات الأخيرة، فإن طهران وحزبها في لبنان (حزب الله) لم يوجّهوا أي ضربة أو يقوموا بأي انتقام من دولة يهود التي اغتالت خلال الأربعين عاماً الماضية علماء نوويين إيرانيين وقيادات عسكرية بارزة في إيران أو في صفوف حزب الله، بينما نرى هذه الدولة الآثمة وتوابعها من أحزاب وميليشيات تصب جام نيرانها على المسلمين، وتستخدم قوتها الفائقة على الشعوب الراغبة بالتحرر من الأنظمة المستبدة العميلة للغرب، كما حصل في سوريا والعراق بالدرجة الأولى.

إن إيران تخدم المخططات الأميركية في المنطقة منذ وصول روح الله الخميني للسلطة سنة 1979، بمساعدة من واشنطن، وفق ما كشفت عنه وثائق الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) عام 2016. وقد صرح محمد أبطحي، نائب الرئيس الإيراني محمد خاتمي، خلال مؤتمر «الخليج وتحديات المستقبل» عام 2004 أن «بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حروبهم ضد أفغانستان والعراق وأنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة».

لكن يجدر بالتنويه، أن إيران ليست وحدها التي تسير وفق السياسية الأميركية، فالدول التي يصنّفها بعضهم على أنها «دول سنية» أو تشكّل «المحور السني» لا تنفك عن تنفيذ أهداف الولايات المتحدة، ومن أبرزها التآمر على الثورات ومحاربة الإسلام والحفاظ على الكيان الصهيوني.

لذلك ينبغي على الثوار ودعاة التغيير في العالم الإسلامي أن يرفضوا التعامل مع كل الأنظمة في المنطقة، وليعتمدوا على ربهم ودينهم والإمكانيات الذاتية للأمة الإسلامية، ففي ذلك الطريق القويم لمن أراد الخلاص.

أحمد سعد فتال/ ناشط سياسي.

منتدى قضايا الثورة

Please follow and like us:
أحمد سعد فتال
ناشط سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب