الخميس يوليو 4, 2024
مقالات

أحمد سعد يكتب: تكوين والإخوان المسلمون!

مشاركة:

من الضروري التأكيد على أن مركز «تكوين» الذي تم إنشاؤه مؤخرا بهدف النيل من الدين الإسلامي، هو نتيجة وليس مقدمة، فهو نتيجة لمخطط بدأ منذ عشرات السنين، أما المقدمة فكانت على أيدي مدعي التنوير الأوائل الذين بهرتهم أضواء الغرب فخلعوا لها شرقيتهم، أمثال رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وطه حسين وغيرهم، فهؤلاء هم أول من بدأوا محاولة سلخ الدين من مضمونه، وإلباسه زي التمدين والتحضر والتنوير والتطور، بدعوى أنه -أي الدين- ينتمي للعصور الظلامية المتخلفة، ثم خلف من بعدهم خلف ساروا على نفس نهجهم، وسلكوا ذات طريقهم، إلى أن وصلنا إلى التكوينيين الحاليين عينة إبراهيم عيسى ويوسف زيدان وإسلام البحيري، فبنظرة خلفية مزدوجة بلغة كرة القدم، نستطيع أن نتعرف على المأساة التي وصل إليها مدعو التنوير، حتى صار بهم الحال إلى أن نرى من يتولون مهمة تجديد الدين وتطويره، هم من الموقوذة والمتردية والنطيحة أمثال عيسى وزيدان وبحيري!!

وعلى أية حال فإن هذا ليس موضوعنا الآن، إنما موضوعنا هو البحث عن إجابة للسؤال: ماذا نحن فاعلون أمام هذه الهجمة الجديدة على الإسلام، حتى نواجهها ونرد عليها بل ونقاتلها مثلما فعل أسلافنا في الهجمات القديمة؟

لا شك أن هذه المهمة حتى وإن بدت هينة، إلا أنها خطيرة وثقيلة، ولا يكفي لمحاربتها والتصدي لها السخرية والتهكم من أصحاب «تكوين» على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حتى نقول إننا أدينا دورنا المطلوب تجاه الإسلام، لأن صعوبة وثقل تلك المهمة ليس فيما يقوله التنويريون الجدد ويزيد أو ينقص عما قاله التنويريون القدامى، إنما الخطورة والصعوبة تأتي من منطلق وجود جهات كبيرة وعديدة تمول وتدعم وتؤمّن هذا الكيان وغيره من الكيانات المماثلة، ومن ثم فمهمة مواجهتها والتصدي لها، لا يجب أن تقتصر على البوستات التي ينشرها الهواة من أمثالي على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما يجب أن تتولاها المؤسسات الإسلامية الكبرى المحترفة، التي يعتبر صميم مسؤوليتها هو حمل لواء الإسلام والتحدث باسمه، وهي والحمد لله كثيرة وعديدة ولديها من الإمكانات والأدوات ما يمكنها من مواجهة تلك الكيانات، وإعادة جرذانها إلى جحورهم مرة أخرى، وإذا كان الأزهر الشريف أول مؤسسة تقفز إلى الذهن عند البحث عمن هو مطالب بالدفاع عن الإسلام، إلا أنه وللأسف في حقبة شيخه وإمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب «السياسي والمسيس» فقد هيبته ومكانته، بل ودوره، وبالتالي يُنتظر أن يقع الدور عن المؤسسات الإسلامية الأخرى التي كان لرجالها الأوائل أدوار تاريخية مشرفة في نصرة الإسلام والذب عنه، وعلى رأس هذه المؤسسات تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، فهذا التنظيم وإن كان يمر الآن بوعكة سياسية مؤلمة، إلا أنه مازال قادرا على الوقوف على قدميه، ولديه من الأفراد والمؤسسية ما يجعله قادرا على تقديم عمل منظم للرد على «تكوين» وجرذانه، ولا أخفي أنني كنت أتوقع أن يكون هذا التحرك من الإخوان مبكرا وسريعا، إلا أنهم وإلى الآن لم نر لهم أي رد فعل، يُظهر موقفهم من «تكوين» ورأيهم فيه، وإذا كان التنظيم قد آثر الصمت منذ انقلاب 2013، ولم نر له أي موقف في الكثير من الأحداث السياسية الكبرى التي كانت تتطلب حضوره فيها، إلا أنه حافظ على صمته وابتعاده التام، وهذا وإن كان متفهما ومقبولا من الناحية السياسية لأسباب لا مجال لذكرها الآن، فإن غيابه عن أزمة «تكوين» يمثل لغزا محيرا، ويفرض تساؤلا كبيرا، خاصة وأن القضية هنا ليست مجرد قضية سياسية، تحتمل الموقف وعكسه أو حتى الصمت عليه، إنما القضية، هي قضية دين الإسلام، الذي أنشأ حسن البنا التنظيم من أجله، وإذا لم يتحرك الإخوان الآن للدفاع عن الإسلام، فمتى وفي أي شيء، يمكن أن يتحركوا؟!

Please follow and like us:
أحمد سعد
كاتب صحفي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب