أحمد سعد يكتب: سيناريوهات خروج السيسي
لا شيء يشغل السلطة في مصر الآن سوى الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام القادم 2024.. يصل الانشغال حد القلق والخوف والتوتر،على الرغم من أنه لا يوجد في الأفق ما يٌثير قلق السلطة من هذه الانتخابات، فالطريق تبدو ممهدة تماما نحو نجاح عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري (2013)واحتفاظه بالكرسي للدورة الثالثة على التوالي..
واللافت في المشهد السياسي الحالي هو أن الاهتمام الذي توليه السلطة بانتخابات هذه المرة يبدو مختلفا عن سابقتيها (2014 و2018) وكأن هناك شيئا ما يدعوا للقلق،هم يعلمونه ولا نعلمه نحن، صحيح الفشل والفساد في إدارة شئون البلاد وصل منتهاه في السنوات الأخيرة، وصحيح أن السيسي ومنظومته الحاكمة باتوا عاجزين عن إيجاد حلول للأزمات الكبرى والصغرى التي تعانيها مصر وعلى رأسها الأزمات الاقتصادية، وصحيح أن المصريين أصبحوا على يقين من أن السلطة الحالية ليس لديها الحلول أو الأفكار أو الإرادة أو حتى الرغبة للإصلاح، لكن ومع كل ذلك لا تزال السلطة تملك ما يُغنيها عن تأييد الشعب وما يٌبقيها في الحكم، ألا وهو آلة البطش والقبضة الأمنية الحديدية والسجون المنتشرة بكل أرجاء البلاد!
وإذا كانت الأمور حتى الآن تٌشير لاستمرار عبد الفتاح السيسي في الحكم، فإن السؤال الذي سيفرض نفسه هنا هو: هل مصر بحالتها التي آلت إليها الآن، مستعدة لتحمل السيسي ست سنوات أخرى؟!!
الإجابة بكل تأكيد، لا،
والسبب في ذلك ليس الفشل فحسب، وإنما في السيسي نفسه، بعد أن أصبح عبئا على البلد وعلى الجيش وعلى مؤيديه وعلى نظامه وعلى داعميه، بل وعلى نفسه أيضا، حتى إن الناس بدأت تسبه وتلعنه جهارا نهارا، وبدأنا نرى القوى السياسية التي وقفت بجواره وأيدته في انقلابه على حكم الرئيس المدني الراحل محمد مرسي، أصبحت ضده الآن وتطالب برحيله!
والمتابع للأوضاع في مصر يكتشف دون حاجة لجهد، كيف أن دائرة السخط على السيسي وعلى طريقة إدارته لشئون البلاد أصبحت تتمدد وتتسع يوميا، وأن حالة الخوف التي كانت تٌسيطر على الناس وعلى كل القوى السياسية في العشر سنوات الأخيرة باتت تتلاشى شيئا فشيئا، وأصبحنا نرى النقد والهجوم على السيسي وعلى طريقة إدارته للبلاد يأتي من داخل مصر، بعدما استمر الخرس لسنوات طويلة، لكن حالة الانهيار التي طالت كل المصريين الغني قبل الفقير والمؤيد قبل المعارض، قتلت الخوف وأطلقت الألسنة!!
يخطئ من يتصور أن السيسي يُمكن أن يرحل بالانتخابات، فمن جاء بالدبابة، يستحيل أن يخرج بغيرها، والسيسي يدرك أكثر من غيره أن هناك عشرات الآلاف من أولياء الدم يتحينون لحظة الثأر والقصاص لذويهم،وأن ما أٌرتكب من جرائم في عهده يستجوب التعليق على المشانق، لذا فموافقته على انتخابات تنافسية شفافة بضمانات إقليمية ودولية كما يتوهم البعض، هو أمر مستحيل، حتى وإن أوحى الحراك السياسي الحالي بغير ذلك، فالسيسي يعي جيدا خطورة الخروج السلمي،سواء بالانتخابات أو بالاعتذار عن عدم خوضها، وهذا ما سيضعنا أمام مجموعة من السيناريوهات التي يمكن حدوثها إذا ما كان هناك إجماع داخل مصر على رحيله؟
السيناريو الأول
هو الخروج الآمن من البلاد، وهذا لا يتحقق إلا في حالة واحدة، وهي أن المؤسسة العسكرية تُقر بضرورة رحيل السيسي واختفائه من المشهد، فمؤسسات الدولة والقوى السياسية يدركون جيدا أن السيسي لن يقبل بالتفريط في الكرسي مهما كانت الأسباب أو الضغوط أو حتى المناشدات والتوسلات، والجميع متفق على أن مؤسسة الجيش هي الوحيدة التي يمكنها الإطاحة به، أو التأثير عليه وإقناعه بالخروج، وساعتها يمكن أن نرى اتفاقا يتم بين الجيش والسيسي يقضي بمغادرته للبلاد بشكل آمن، والذهاب إلى إحدى الدول التي يمكن أن تستضيفه هو وأفراد عائلته، بل وتحميه من الملاحقات القضائية، وهذا تصور وإن كان صعب التحقق نظريا في ظل سيطرة السيسي على مفاصل المؤسسة العسكرية، إلا أنه سيُطرح وبقوة، لأن البديل قد يكون ثورة شعبية تجرف الجميع، السيسي وحاشيته العسكرية..
السيناريو الثاني
هو أن يرفض السيسي الخروج حتى وإن طالبته المؤسسة العسكرية بذلك، وساعتها قد نراه يقاتل من أجل البقاء، بل ويلجأ للمقاومة بالقوة واستخدام السلاح والتحصن خلف القوات الأجنبية الخاصة التي تقوم بحراسته، والاستعانة بالميليشيات العسكرية التي كوّنها ابنه محمود بسيناء تحسبا لهذه اللحظة وهي الميليشيات التي يقودها إبراهيم العرجاني رجل الأعمال السيناوي، عندها ستتحول مصر إلى ساحة حرب، وتعم الفوضى، وتسقط الدولة!
يبقى السيناريو الثالث والأخير
وهو الذي سيُغني عن السيناريوهين السابقين، وهو أن يموت السيسي، إما حتف أنفه، أو اغتيالا، وعندها يكون قد أراح واستراح!!
لا أظن أننا أمام سيناريوهات أكثر من ذلك لاختفاء السيسي من المشهد، أما احتمالية الخروج بالصندوق كما يظن البعض، فهذا مستحيل،
والله أعلى وأعلم.