مقالات

أحمد سعد يكتب: طوفان الأقصى بين الجميل والقبيح!!

هناك مثل هندي شهير يقول «أكبر المحيطات في العالم يتكون من قطرات صغيرة من الماء» وعندنا نقول « أول الغيث قطر»

والذي تفعله حركة حماس في الصهاينة المغتصبين للأرض الفلسطينية منذ يوم الجمعة الماضي السابع من أكتوبر في العملية العسكرية الكبرى «طوفان الأقصى» هو بداية الغيث، وطاقة الأمل الجديدة التي بثت في الأمة العربية والإسلامية روح النصر، في وقت كاد اليأس يتمكن من الجميع، وكدنا نقول إن القضية الفلسطينية في طريقها للموت والتكفين، وفي ظل تخاذل عربي مهين وتطبيع غير محدود وهرولة لا تعرف التوقف نحو الارتماء في أحضان الصهاينة، والتضخيم من حجمهم.

زاد من الأمل أن العملية العسكرية، كانت بنفس الأدوات والأسلحة البسيطة التي تمتلكها حماس، والتي كانت ولازالت مسار سخرية الكثيرين من النخب في مواجهة السلاح والطيران الإسرائيلي المتطور جدا!!

كل الخطابات التي كنا نسمعها قبل انطلاق «طوفان الأقصى» كانت تدعو لليأس والإحباط ، بل والكفر بإمكانية هزيمة إسرائيل، إلا أن ما حدث يوم الجمعة والأيام التالية من ضربات عنيفة وجهتها حماس لإسرائيل، وحصيلة القتلى (700 قتيل حتى كتابة هذه السطور) والجرحى (2000 جريح حتى الآن) والأسرى (150 أسيرا الآن) قلب كل الموازين وغير كل المفاهيم، وأعاد النظر إلى الأمور على حقيقتها وليس المنقولة عبر الخطاب الإعلامي الصهيوني الموضوع بعناية، والذي يتركز دائما على المبالغة في قوة إسرائيل وأنا لديها جيش لا يُقهر، حتى صدقناه، بل إن فجائية العملية وقوة تأثيرها ونجاحها المبهر، كشف بجلاء عن مدى هشاشة وعجز أجهزة المخابرات الإسرائيلية، فقد أظهرت العملية أن المخابرات الإسرائيلية كانت واثقة كل الثقة بأنه لا يوجد ما يُقلقها أو يستوجب الحذر والاستعداد، حتى أننا رأينا مجاهدي حماس يصلون إلى غرف نوم الجنود والضباط الإسرائيليين، ورأينا الأسرى بعضهم بملابس النوم، والبعض الأخر بالملابس الداخلية..

وبقدر النجاح المدوي الذي حققته العملية في أيامها الأولى، جاء الاحتفال بها واسعا داخل الأمة العربية (استثني الأنظمة) وخارجها، بل إننا رأينا جماهير بعض البلدان الأجنبية يحتفلون بها أيضا، من ذلك مثلا جمهور نادي سليتك الإسكتلندي أثناء مباراة فريقه الأخيرة أمام كليمارنوك بالدوري الإسكتلندي، حيث هتف الجمهور لفلسطين ورفع علمها..

قارن بين هذه المشاهدة الرائعة المنيرة، والمواقف الرسمية السوداوية المخزية لبعض البلدان العربية لتكتشف أن الصهاينة الحقيقيين بيننا وليس في فلسطين، من هذه مثلا ما قاله مسئول مخابراتي مصري لوكالة الأنباء (أسوشيتد برس) والذي لم يجد حرجا في الاعتراف بأن المخابرات المصرية حذرت قرينتها في إسرائيل من عملية «طوفان الأقصى» قبل حدوثها، وأعترف في تصريحات نشرها موقع (عربي 21) نقلا عن (أسوشيتد برس) أن مصر نبهت إسرائيل من أن شئيا كبيرا سيحدث دون خوض في التفاصيل، لكن الإسرائيليين لم يعيروا هذه التنبيهات أي اهتمام، وأضاف فيما يشبه الحسرة بأن أعين إسرائيل لا تبتعد كثيرا، حيث طائرات المراقبة بدون طيار تحلق باستمرار للاستطلاع، والحدود شديدة التأمين مليئة بالكاميرات الأمنية والجنود الذين يحرسونها، وتعمل وكالات الاستخبارات على مصادر وإمكانات سيبرانية لاستخلاص المعلومات، لكن يبدو -الكلام للمسئول المخابراتي- أن عيون إسرائيل كانت مُغمضة في الفترة التي سبقت الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس، بل وصلت به الحقارة للحد الذي يصف فيه المجاهدين بالإرهابيين، والهجوم بالوقح، بقوله إن حماس نجحت في اختراق المنظومة الأمنية الإسرائيلية وأرسلت مئات الإرهابيين لتنفيذ هجوم وقح أدى إلى مقتل «أكثر من 700 شخص وإصابة أكثر من 2000 شخص».

هكذا قال المسئول المخابرات المصري الذي يفترض أنه يمثل البلد الأكثر تضررا من الوجود الإسرائيلي، ويمثل الجيش الذي بذل رجاله الجهد والعرق والدم والدموع في مواجهته.

تحية للأبطال، ولا عزاء للخونة.

أحمد سعد حمد الله

كاتب صحفي مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights