انفرادات وترجماتسلايدر

أحمد طنطاوي .. هل الرهان علي الدعم الشعبي كاف لمواجهة السيسي وهزيمة الدولة العميقة ؟

حينما يستعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للترشح لولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في ديسمبر ، بدعم من الجيش ومؤسسات الدولة، فإن المرشح الرئاسي اليساري أحمد طنطاوي لا تردعه القيود المفروضة على حملته.

وبهذه الكلمات رسم موقع ميدل أيست أي صورة المشهد الانتخابي له في تقرير “ترجمته جريدة “الأمة الإليكترونية حيث لفت لإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي مواعيد الانتخابات المقرر إجراؤها في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر، على أن يتم تأكيد الترشيحات للانتخابات في الفترة من 5 إلى 14 أكتوبر.

ووفقا للموقع البريطاني  الشهير وبحسب ضوابط الهيئة، يشترط لقبول المرشح كمرشح رئاسي أن يحظى بموافقة ما لا يقل عن 20 عضواً من أعضاء مجلس النواب، أو أن يحظى بدعم ما لا يقل عن 25 ألف مواطن في 15 محافظة، ممن لهم حق التصويت. بحد أدنى 1000 من كل محافظة.

لكن طنطاوي، أبرز مرشحي المعارضة، اتهم الحكومة بمنع أنصاره من تسجيل تأييدهم، وحمل السيسي المسؤولية وقال أمام حشد من أنصاره في دمياط: “كل يوم، يصطف أنصارنا أمام موظفي التسجيل، من الصباح حتى المساء، ويعودون إلى منازلهم دون أن يتمكنوا من تقديم ترشيحاتهم.

التجيز للسيسي والتضييق علي طنطاوى

وفي الوقت نفسه، تظهر الأدلة أن حملة السيسي تجبر الناس، بما في ذلك الملايين من موظفي الخدمة المدنية والمستفيدين من المزايا الحكومية، على تأييد السيسي لمنصب الرئيس، وفقًا لشهادات تلقتها ميدل إيست آي في حين يواجه طنطاوي، النائب السابق البالغ من العمر 44 عامًا، مضايقات مستمرة منذ قراره بالعودة من منفاه الاختياري في لبنان في مايو للترشح للرئاسة.

ومنذ إعلان طنطاوى  عزمه الترشح تم اعتقال أفراد عائلته ومتطوعي حملته ومحاميه في حملة نددت بها جماعات حقوق الإنسان باعتبارها ذات دوافع سياسية. بالإضافة إلى ذلك، تم اختراق هاتفه المحمول عدة مرات بين مايو وسبتمبر، وهو الأمر الذي نسبه مختبر سيتيزن لاب ومقره جامعة تورونتو إلى الحكومة المصرية.

وعرف طنطاوي، الرئيس السابق لحزب الكرامة الناصري، بانتقاده الصريح لحكومة السيسي في السنوات الأخيرة، خاصة خلال فترة عمله عضوا في مجلس النواب من 2015 إلى 2019.

في أغسطس 2022، استقال من حزب الكرامة بعد أقل من عامين من توليه قيادة الحزب  ثم انتقل بعد ذلك إلى بيروت لمدة ثمانية أشهر، بسبب ضغوط من الأجهزة الأمنية التي هدفت إلى إسكات منتقدي حكومة السيسي ومن هنا يدرك طنطاوي وفريقه المخاطر المرتبطة بعملهم، لكنهم يقولون إنهم وضعوا نصب أعينهم هدفًا مهمًا.

الانتخابات الرئاسية في مصر 2024

واعترف عبد الرحمن، أحد أعضاء الحملة من الإسكندرية، بالخطر، قائلاً لموقع ميدل إيست آي: “بالطبع، نحن ندرك أننا تحت المراقبة المستمرة وأن الاعتقال يمكن أن يصيبنا بسهولة. حتى أن البعض منا توقف عن الإقامة في منازلنا”. خوفاً من الاعتقال والمضايقات التي تتعرض لها عائلاتنا وكأننا مجرمين.

وأضاف: “نحن نحلم على نطاق واسع، ونأمل في حدوث تغيير تحويلي ووقف القمع الذي أدى إلى إفقار الشعب المصري بشكل منهجي لصالح قلة مختارة”.

وبحسب السيرة الذاتية للمرشح المحتمل فقد ولد طنطاوي عام 1979، وينحدر من محافظة كفر الشيخ بدلتا النيل. درس المحاسبة في جامعة المنصورة ثم حصل على دبلوم إدارة نظم المعلومات من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، ودبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، ودرجة الماجستير في العلوم السياسية.

وفي عام 2009، دخل طنطاوي الساحة السياسية عندما أصبح أمينًا لحزب الكرامة بقرية قلين، وانتخب عضوًا في المكتب السياسي للحزب عام 2012. كما ساهم في جريدة الحزب حيث ترأس قسم السياسة.

لكن طنطاوي اختلف مع رئيس الحزب حمدين صباحي عام 2014، عندما ترشح الأخير للانتخابات. اعتُبر التصويت على نطاق واسع على أنه يفتقر إلى معارضة حقيقية للسيسي، واعتبره طنطاوي بمثابة خدعة لم تؤدي إلا إلى إضفاء الشرعية على الانقلاب العسكري عام 2013 والتقليل من عواقبه العنيفة، وفقًا لمصادر قريبة منه.

طنطاوي :أنا لا أحب الرئيس

وفي عام 2015، انطلق طنطاوي في حملة برلمانية في قلين وفي مدينة دسوق، وكلاهما تقع في محافظة كفر الشيخ وقد وضعته محاولته الانتخابية في مواجهة الأسر الثرية الموالية للحكومة التي كانت تمتلك موارد مالية كبيرة لسنوات، مما يضمن تمثيلها في السلطة التشريعية، سواء من خلال الحزب الوطني الديمقراطي في عهد الرئيس حسني مبارك أو الذراع السياسية للسيسي، حزب مستقبل وطن

خلال هذه الحملة، تواصل طنطاوي مع الشباب المحرومين، وكذلك أصحاب الأراضي الصغيرة وأصحاب الأعمال. وتغلب طنطاوي على الهياكل السياسية الراسخة والعلاقات العائلية القوية، ونجح في تأمين مقاعد لمؤيدي ثورة 2011 في البرلمان الذي تعرض للانتقاد لكونه هيئة منزوعة من أي معارضة ..

ومع ذلك، فقد كان اكتساب الاعتراف خارج قلين الفقيرة والمهمشة بمثابة تحدي.

حيث لعبت مهارات طنطاوي الفعالة والهادئة في التحدث أمام الجمهور دورًا محوريًا في هذا الصدد، حيث تمت مشاهدة خطاباته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك أثناء البث المباشر للجلسات البرلمانية.

ولاقت مواقفه بشأن القضايا الحاسمة، مثل معارضة التطبيع مع إسرائيل، وإعادة توزيع الثروة، وزيادة الضرائب، والصفقات المستمرة مع صندوق النقد الدولي، صدى لدى جمهور متزايد من الشباب وأعضاء المعارضة. ومع ذلك، أثارت هذه المواقف أيضًا العداء من الصحافة الموالية للحكومة وغيرها من النواب المؤيدين للدولة.

الازمة الاقتصادية في مصر

 

ويذكر في هذا السياق أن طنطاوي كان أحد أعضاء البرلمان القلائل الذين أدانوا علنًا اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين تيران وصنافير، والذي شهد تخلي الحكومة المصرية عن السيادة على الجزيرتين للمملكة العربية السعودية.

وكذلك عارض بشكل صريح  التعديلات الدستورية لعام 2019، والتي مهدت الطريق أمام السيسي للترشح لولاية ثالثة، جعلته أكثر المنتقدين صراحةً للرئيس داخل المناصب البرلمانية

وأعرب في إحدى الجلسات عن عدم رضاه عن الرئيس، قائلا: “أنا لا أحب الرئيس، ولا أثق في أدائه، ولست راضيا عنه، وهذا حقي كمواطن مصري قبل أن أكون عضو في البرلمان.”

ويتعاون سعيد، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول لأسباب أمنية، مع طنطاوي منذ أن أصبح نائبا، وقال إن أعضاء الحملة ينظرون إليه على أنه “شاب مصري آخر شاركهم في كل انتصاراتهم وهزائمهم منذ عام 2011”.

“ومن مميزات  طنطاوي بحسب تقرير “ميدل إيست أي ” أنه لا ينحاز إلى أي جماعة أيديولوجية معينة، سواء كانت إسلامية أو عسكرية، ويفتقر إلى الموارد المالية لشراء الدعم. وأضاف سعيد أنه ينحدر من خلفية منخفضة الدخل

كما اتهم طنطاوي السيسي بنشر الأكاذيب وتكديس “العمارات الشاهقة والمدن والقصور المبنية في الصحاري، حتى لو كان ذلك على حساب المواطن البسيط  وحقه في الحياة الكريمة والتعليم”.

توكيلات طنطاوى

طنطاوي وفي إطار هجوم علي السيسي  أن “الحكومة” جردت المواطنين من الحماية الاجتماعية، مما ترك ثلثي المصريين يعيشون تحت خط الفقر وحوله، في حين تدهورت أوضاع معظم الثلث المتبقي بشكل خطير”.

في هذه الإجواء القاسية ووفقا للموقع البريطاني ستجرى الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي تعاني فيه مصر، التي يقطنها أكثر من 109 ملايين نسمة، من أزمة اقتصادية حادة أدت إلى خسارة الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار، مما أدى إلى تضخم قياسي ونقص في العملات الأجنبية ففي اغسطس وصل معدل التضخم السنوي إلى ما يقرب من 40%، وفقاً للأرقام الرسمية، مما دفع المصريين نحو خط الفقر أو تحته.

في حين أن الأزمة المالية لها مجموعة من الأسباب، بما في ذلك جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، فقد وجهت شخصيات معارضة ومحللون اقتصاديون أصابع الاتهام إلى قبضة الجيش المتزايدة على الاقتصاد بعد انقلاب السيسي 2013بالمسئولية عن هذه الأوضاع الكارثية ..

 طنطاوي واستخدام الوسائل الدستورية

ويصر نشطاء طنطاوي على أنهم يسعون إلى تحدي السيسي بالوسائل الدستورية، على عكس العديد من أصوات المعارضة التي تشكك في شرعية وجدوى العملية برمتها.

وقال سعيد للموقع نحن نحترم الانتخابات والدستور، لكننا نتحدى الحكومة والرئاسة باعتبارهما خصومنا السياسيين لاسيما إن شرعيتنا تأتي من العمل السياسي المحلي الذي لا يعتمد على رأس المال ولا على العلاقات في الدولة العميقة

وعلى الأرض، يواجه أنصار طنطاوي تحديات كبيرة في سعيهم للتواصل مع الجمهور الأوسع إذانتقد سعيد ما اعتبره “تحيزًا صريحًا” داخل مؤسسات الدولة، خاصة لصالح مرشحين معينين، في إشارة إلى السيسي. واستطرد قائلا: “بمجرد أن يعلم أحد مسؤولي الدولة بانتمائنا لحملة طنطاوي، فإنه غالبا ما يعرقل جهودنا، سواء كانوا قضاة، أو موظفين استقبال في الفنادق، أو حتى عمال المقاهي داخل المؤسسات الحكومية.

وعلى الرغم من هذه العقبات، أكد سعيد أن الحملة ثابرت، وحاولت تنظيم جولات للدوائر الانتخابية في صعيد مصر في أوائل يوليو. ومع ذلك، فقد واجهوا انتكاسة، حيث تم إلغاء جميع حجوزات إقامتهم بشكل غير متوقع

وقد أثرت هذه العوامل، إلى جانب القيود الإدارية، بالفعل على جهودهم. ومع ذلك، فإنهم يظلون دون رادع، حيث يقومون بحملات توعية واسعة النطاق من خلال السفر إلى ما يصل إلى أربع أو حتى خمس محافظات في يوم واحد للتواصل مع الجمهور وحشد الدعم.

توكيلات أحمد طنطاوى

وبينما لم يكشف طنطاوي رسميًا بعد عن برنامجه الانتخابي، فقد حدد سعيد أركانه الأساسية، التي تشمل الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، والإصلاح التشريعي والمؤسساتي، وحقوق الإنسان، والحريات العامة، فضلاً عن الأمن القومي والمصالح الوطنيةمشددا  على أن هذه ليست مجرد شعارات فارغة ولكنها أهداف ملموسة جزء لا يتجزأ من حملتهم.

وقال أحد أعضاء حملة طنطاوي في المنصورة، الذي اختار عدم الكشف عن هويته، إن قوتهم تستمد من الجهود الشعبية: “السلطات تخشى الحملة لأنها ترتكز على حركة شعبية تتمتع بدعم الآلاف من الشباب والعمال والطلاب”. والمتقاعدين والأفراد الذين كانوا لا يفضلون الانخراط في السياسة  في السابق ولكنهم أدركوا الآن أن سبل عيشهم معرضة للخطر إذا لم يتقدموا إلى الأمام.

وعلى الرغم من الدعم الشعبي، أشار المتطوع إلى أنه لم تتواصل الصحف أو المواقع الإلكترونية أو البرامج التلفزيونية المملوكة للدولة أو التي يسيطر عليها القطاع الخاص مع طنطاوي لإجراء مقابلات أو تصريحات، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الحملة في اكتساب الظهور الإعلامي

تحفظات معارضين علي مواقف طنطاوى

وبالإضافة إلى الدعم الشعبي المتزايد من الجماعات الشعبية، حظيت حملة طنطاوي بدعم العديد من الشخصيات، مثل المؤرخ الشهير خالد فهمي، والأكاديمي يحيى القزاز، والسياسي حمدين صباحي، وحزب تحالف الشعب الاشتراكي، وحزب الكرامة لكن بعض المؤيدين، الذين أكدوا أهمية عمله السياسي في تحدي البنية العسكرية، أبدوا بعض التحفظات حول برنامجه.

على سبيل المثال، استنكر خالد فهمي بعض تصريحات طنطاوي المتعلقة بالحقوق الشخصية. وفي مقابلة مع موقع المنصة المصري المستقل، ألمح طنطاوي إلى أنه كرئيس ملزم باتباع الدستور والقانون، حتى لو كان بوسعهما تقييد الحريات الجنسية والدينية للآخرين

وقال فهمي، مستشهداً بحملة القمع والحد من حرية البهائيين والمثليين جنسياً: “كان من الواضح أن طنطاوي كان يكرر فكرته العامة والصورة التي يريد الناس رؤيته بها… [كموظف حكومي دوره هو الالتزام”. بالدستور وتنفيذ القانون. لكنه لا يسأل نفسه عن دوره كرئيس عندما يرث قوانين ظالمة قد تكون مخالفة للدستور

كما أبدى مثقفون وناشطون آخرون تحفظات بشأن صحة الانتخابات وفعالية مشاركة طنطاوي وكذلك  تساءل الروائي المصري علاء الأسواني عن سبب إصرار المرشح اليساري على الترشح، على الرغم من تجاهل الدولة لمطالبه بضمان إجراء عملية انتخابية نزيهة وغير متحيزة.

السيسي واعلان الترشح

الانتقادات الأخرى التي واجهها طنطاوي جاءت من نشطاء حقوق المرأة الذين أشاروا إلى أنه في أغسطس 2016، خلال فترة عمله كعضو في البرلمان، رفض طنطاوي الحكم على الأطباء الذين يقومون بإجراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بالسجن .

وفي ذلك الوقت، قارن ختان الإناث بعملية استئصال اللوزتين. ومع ذلك، ففي مقابلة أجريت معه مؤخراً، بدا وكأنه يتراجع عن أقواله، ووصف هذه الممارسة بأنها “خاطئة وضارة”، وأكد أنه كان يقصد أنه إذا كانت هناك حاجة طبية أو جراحية لإجراء هذه العملية، فلا ينبغي للقانون العام أن يحظرها متابعا من الممكن أن أكون قد ارتكبت خطأً ولا أخجل من الاعتراف بأنني كنت مخطئاً… لدي ثلاث بنات لم يخضعن للختان أبدا.

لكن فهمي، رغم تحفظاته، قال: “طنطاوي ليس متعاليا، فهو يقف مع الناس كتفا بكتف فضلا عن كونه  مستعد للاستماع والتعلم ومراجعة أفكاره.”

كما أقر بأن طنطاوي “مستعد للعمل الجاد لبناء حملة مدنية: فهو يخرج إلى الشارع، ويلتقي بالناس، ويدرب الشباب والشابات على تنظيم الجهود لجمع توكيلات  الترشيح، ويبني فريقًا من الخبراء لمساعدته في صياغة برنامجه..”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى