الخميس يوليو 4, 2024
مقالات

أحمد هلال يكتب: طوفان الأقصى والمستحيل

مشاركة:

أصبح في حكم المستحيل علي جيش المحتل تحقيق مكاسب عسكرية تعيد للجيش الصهيوني المنهزم شيئا من سمعته المهدورة وأسطورته التي تحطمت وتهشمت.

وفي نفس اليوم السابع من أكتوبر انتهت المعركة عسكريا وانهزم الجيش الصهيوني شر هزيمة عبر تاريخ تلك الدولة المزعومة،وما نراه بعد ذلك اليوم ليس إلا عربدة وقتل وإبادة للمدنيين.

ومن هنا كان واجب الشعوب العربية والإسلامية وكل الشعوب الحرة الأبية التي تتمتع بالإنسانية أن تقف في وجه العنصرية واللاإنسانية التي أعطت لها الولايات المتحدة الأمريكية الضوء الأخضر ومن دون خطوط حمراء في سحق المدنيين انتقاما لكرامتهم واستردادا لهيبتهم التي بعثرها ألف من المجاهدين الأبطال!!

ووفقا لتصريحات المتحدث العسكري الملقب بالملثم فإننا نشعر بارتياح كبير من وراء كلماته وفكره السياسي المنضبط وكلماته المتزنة التي تبعث رسائل عديدة في اتجاهات مختلفة.

لم تكن الضربة الإستباقية التي أعطت حماس اليد الطولي في ساحة المواجهة مجرد ضربة صادمة فيها نوعا من المغامرة أو المقامرة أو التهور غير المدروس؛ بل ضربة ناتجة عن حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وقضيته؛والتي طواها النسيان أو كادت أن تغيب؛ بل إن تلك الضربة نتاج جهد كبير في سجن كبير على مدى سبعة عشر عاما كاملة من الحصار اللاإنساني صنعت منه المقاومة الإسلامية المستحيل وتسارعت قوتها في تطور مطرد وخرجت بمعجزة عسكرية سوف تستمر تداعياتها لسنوات طويلة وتدرس نتائجها وتكتيكها في الكليات العسكرية في العالم.

وأما عن همجية إسرائيل والهيستيريا التي أصابتها فإن ذلك من طبيعتها في التعامل مع الشعب الفلسطيني وليس بجديد عليها؛ حيث أن ما تفعله ناتج عن عقيدة واعتقاد وليس مجرد رد فعل لتلك الضربة الإستباقية!!

إنما في عقيدتهم المحرفة أن العرب مجرد حيوانات يجب التخلص منهم والقضاء عليهم. وكانت المجازر على مر الزمان في مراحل الصراع الممتد.

ويدعم ذلك ويؤكده الانحياز الكامل للمحتل من الولايات المتحدة ودول أوروبا والانبطاح والتخاذل من الحكومات العربية.

 كل الولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل الرئيس ووزير الخارجية؛ وزير الدفاع وقائد الأركان وجنرالات الجيوش وأكثر من ٢٠٠٠ مقاتل من قوات النخبة الأمريكية وحاملتي طائرات عملاقة بطائراتها وجسر جوي ينقل ذخائر وصواريخ وبارجتين بريطانيتين وطائرات مقاتلة بطياريها وأسلحة فرنسية وطائرات مسيرة وأسلحة ألمانية ودعم سياسي أطلسي و٧ أجهزة مخابرات عالمية.

 حرب عالمية على غزة وحدها

ورغم ذلك لم تحصل إسرائيل على أي نصر عسكري يرمم الوجه القبيح لأمريكا وأوروبا.

هناك عوامل ستة تتحدد بها العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وإسرائيل

ثلاثة عوامل من عقيدة إسرائيل وهي:

1- القوة العسكرية

2- كراهية العرب

3- التأصيل الديني للصراع

بينما علاقة حماس بإسرائيل ترتكز علي محاور ثلاثة:

1- المقاومة

2- المشروع الإسلامي

3- رفض الاعتراف بإسرائيل.

 

العوامل الثلاثة الأخيرة تحكم العلاقة إلى درجة كبيرة

وهي عوامل قابلة للتغير بحسب درجة تمسك حماس

بوصفها ثوابت عقدية وسياسية للقضية الفلسطينية

فكلما تراخت الحركة في التمسك بهذه الثوابت كلما تقلصت المسافة الفاصلة بينها وبين الكيان الصهيوني

وفي حالة الافتراض الجدلي بتلاشي

هذه العوامل الثلاثة فإن المسافة بين الحركة والكيان

سوف تتضاءل إلى حدها الأدنى

ولكنها لن تتلاشى أبدا بالنظر إلى العوامل الثلاثة المتعلقة بالكيان والتي لن يتنازل عنها.

ومن باب الحشد المعنوي للجنود الإسرائيليين أعلنها نتنياهو حربا دينية عبر تذكير الجنود بنبوءة دينية؛

هذه هي نبوءة أشعياء التي تحدث عنها نتنياهو ويريد تحقيقها :

«هَا هُوَ الرَّبُّ قَادِمٌ إِلَى مِصْرَ يَرْكَبُ سَحَابَةً سَرِيعَةً، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ فِي حَضْرَتِهِ، وَتَذُوبُ قُلُوبُ الْمِصْرِيِّينَ فِي دَاخِلِهِمْ. وَأُثِيرُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ فَيَتَحَارَبُونَ، وَيَقُومُ الْوَاحِدُ عَلَى أَخِيهِ، وَالْمَدِينَةُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالْمَمْلَكَةُ عَلَى الْمَمْلَكَةِ، فَتَذُوبُ أَرْوَاحُ الْمِصْرِيِّينَ فِي دَاخِلِهِمْ، وَأُبْطِلُ مَشُورَتَهُمْ، وَتَنْضُبُ مِيَاهُ النِّيلِ وَتَجِفُّ الأَحْوَاضُ وَتَيْبَسُ. وتُنْتِنُ الْقَنَوَاتُ، وَتَتَنَاقَصُ تَفَرُّعَاتُ النِّيلِ وَتَجِفُّ».

وان التصريحات الدينية لم تغيب عن قادة إسرائيل في وقت من الأوقات؛ولم تكن تلك الضربة الإستباقية إلا بعد أن تطورت حالة التعدي علي المسجد الأقصى وبدأت الشعائر الدينية تأخذ منحى خطير يكشف عن النية لهدم المسجد الأقصى بعد النفخ في البوق واستدعاء البقرات الحمراء والتعدي علي المرابطين في المسجد الأقصى ومنع الصلاة فيه استعدادا لمرحلة خطيرة!

لكن كان طوفان الأقصى يبعثر الأوراق ويهدم الأسطورة ويسحق الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وينهى تلك الأسطورة للأبد.

 وكما يقول الملثم

إننا قد هشمنا كبرياء هذا الجيش في أهم وحداته العسكرية وهي غرفة وكتيبة غزة فقد قضوا عليها بالكامل!!

لقد أسقطت تلك الضربة الإستراتيجية أقنعة كثيرة وأساطير مزعومة ودول مأزومة؛ وحضارة غربية زائفة خدعت الكثير من النخبة وصدقها من تعايش في سرابها؛ وتمخضت عن عصابة تحكم العالم لا يعنيها الإنسان بقدر الطمع والجشع والسيطرة والتوحش والدموية!!

لقد سقط الحكام العرب وأمراء دول وظيفتهم الأساسية وشروط بقائهم حراسة هذا الاستثمار في المنطقة والحفاظ علي تواجده وحمايته ولم يرتقوا في أخلاقهم ونبلهم أخلاق الجاهلية الأولى التي كانت تتمتع بالشرف والنجدة والمروءة والشهامة.

وسقطت أوروبا وأمريكا أخلاقيا وإنسانيا ولم يتضح منهم غير الأسس التي قامت عليها حضارتهم من قتل وإبادة في مقابل السيطرة والسيادة.

لقد أيقظت تلك الضربة الموجعة شعوب العالم الحر ووصلت إليهم الحقيقة كاملة بعد روايات كاذبة حول شيطنة الحركة الإسلامية؛ وأصبحت للقضية الفلسطينية صوتا إعلاميا مسموعا وقويا ومؤثرا رغم المليارات التي يتم إنفاقها علي التضليل.

لقد وضعت تلك الضربة الموجعة والمؤلمة حدا فاصلا سيتغير العالم من بعد السابع من أكتوبر انتهت حقبة ما قبل ذلك التاريخ وبدأ تاريخ آخر جديد في المنطقة العربية والإسلامية.

وحسب ما يدعو إليه إسماعيل هنية قائلا: على المحللين السياسيين أن يتحدثوا عن مستقبل المنطقة ما بعد تلك الضربة الموجعة والمؤلمة.

وكما صرح نتنياهو يؤكد ذلك ويعيد تكراره من أن المنطقة سوف تتغير فإننا نلتقط منه نفس التصريح ونؤكد أنه سيكون هناك تغيير كامل للمنطقة وليس في إتجاه ما يتم ترتيبه الآن ؛ إنما في اتجاه ما سيقرره الملثم وكل الذين التفوا حوله من شعوب العالم الحر!!

وإن غدا لناظره قريب

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أحمد هلال

 حقوقي وكاتب مصري

Please follow and like us:
أحمد هلال
حقوقي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب