أحمد هلال يكتب: في ذكرى صاحب الظلال
عندما يتم مساومة عملاق على حياته قبل إعدامه بلحظات قليلة.
مجرد كلمة يؤيد بها طاغية، في مقابل ان يحيا وزيرا للمعارف.
عندما يسأله من معه هل تراك كم سيحكمون علينا من السنين ؟!، فيرد عليه ضاحكا هل تراك سرقنا معزة حتى يحكموا علينا ببضع سنين في السجن؟!،
عندما يأتيه شيخ ليكمل المسرحية ليلقنه الشهادة، فيقول له يا هذا وهل ترانا نموت إلا لله، وما أراك تأكل الخبز إلا بالله؟
عندما يتفرد بالظلال لينساب ذكره في العالمين عندما يبدع حيا وميتا، يأتي بعض الأقزام اليوم ليسخروا من طريق دعوة الاخوان المسلمين.
ويعتقدون بجهلهم المطلق أنهم حريصون علي حياة المعتقلين التي تذهب سدي دونما مقابل، يغيب عن هؤلاء الجهلاء إما عمدا لتشويه معالم الطريق، أو جهلا لقليل علمهم بطبيعة المعركة.
يعتقد هؤلاء أنهم أكثر فقها ووعيا وتنظيرا ممن سبقهم على طريق تلك الدعوة المباركة، هذا الطريق كل من سلكه إنما عقد صفقة مع الله ودخل في تجارة معه لا مع بشر أيا كان فضله وأيا كان سبقه، إننا مع توارث أجيال قادرة على العطاء، تستوعب فقه ومتطلبات دعوتهم.
إن جيلا عملاقا سبق في العطاء وغرس بدمائه تلك الدعوة لتملأ الآفاق نورا وتنتشر في العالم دعوة عالمية
لن يثنيها قول جهلاء لم يعقدوا صفقتهم بعد مع ربهم
وعلي مراحل تلك الدعوة المباركة لا تجد من يضحي ويثبت علي الطريق إلا من هو أكثر فقها وعلما.
اسألوا السجون كم حوت من علماء في الطب و الهندسة و الجيولوجيا و السياسة و التربية، كم هي مكانتهم العلمية ورؤاهم الفكرية التي لا يشكك في قدراتها غير من يشكك في طلوع الشمس في رابعة النهار.
الأكثر فقها وعلما هم الأكثر ابتلاء وصبرا وثباتا
جمعوا كل خصال الخير من دنيا ودين فامتلكوا الدنيا بأيديهم.
وامتلكت عليهم دعوتهم شغاف قلوبهم، رجال أعمال وشباب في عمر الزهور يدركون جيدا أنهم ليسوا في صراع يوزن بميزان الكسب والخسارة، بل هي تجارة لن تبور.
السجون اليوم تشهد أيضا بأن كل من فيها رجال من الطراز الأول فقهاء في علوم الحياة وعلوم الدين
تراك من وجهة نظرك هؤلاء سفهاء حتى يصبرون على البلاء، ويعرض عليهم ما تم عرضه سابقا علي سيد قطب واخوانه؟!
لا تلومن من وقف في وجه الظالم على وقفته ثم تتحدث أنه أضاع نفسه وغيره هباء، ولكن صوب سهام لسانك على من ظلمهم ولا يتراجع عن ظلمه
لسنا اليوم امام معركة سرقة معزة (انقلاب عسكري من أجل حكم مصر)، إننا امام معركة عقيدة وحرب متكاملة على الدين الحنيف.
والذين يقفون وحدهم في الميدان هم من وقفوا منذ تسعون عاما
ولا يزالون حتى يكون الدين كله لله.
إلي المثبطين والمرجفين لستم بأحن علي عائشة خيرت الشاطر من أبيها، ولستم في ميزان عقل باسم عودة عندما يفضل السجن على الوزارة.
ولستم في رجولة الطهطاوي عندما أبي أن يخرج ويترك رئيسه قيد الحبس وحده.
ولستم في عقلية حازم أبو إسماعيل عندما يقرر السير في طريقه حتى نهايته دون أن نتلقى منه رسالة اعتذار أو استغاثة.
بل لستم في نبل الوزير وزير العدل أحمد سليمان عندما قال قولة الحق في وجه مجرم فحبسه
ومع كل ذلك يقررها من قررها (ولأ صحاب الرخص بيننا مكان).
هي دعوة تحتاج إلى رجال يفهمون مراميها وأبعادها
بعيدا عن فلسفات الفراغ القاتل، التي تحاول عبثا إخراج القضية من عمقها وجذورها.
لا نعشق السجن ولا نحبه ولا نلجأ الي اصطناع بطولات زائفة ولا يميل كل هذا الجيل إلى طلب الاستعطاف عبر الاستضعاف.
ولن يبلغ تيار مهما حاول أن يحوي بداخله كل تلك الطاقات الهادرة
لا تلومن من وقف في وجه الظالمين أنه يلقي بنفسه في التهلكة
لوموا كل المتقاعدين عن نصرة الحق حتى بكتاباتهم المتخاذلة
فما كان لهؤلاء أن يكونوا في هذا المكان إلا بتخاذل من ينصحوهم بالتراجع أو الانسحاب.
ابحثوا عمن باع وقبض الثمن وكفوا أيديكم عن الرجال
وفي ذكري الشهيد سيد قطب
دعوة للجميع أن يقرؤوا لسيد قطب حتى يفقهوا لعلهم يدركون طبيعة طريقهم
والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون