أحمد يوسف السيد يكتب: وقفة مع المشاهد المؤلمة لسجون بشار الأسد
تتوالى المقاطع والصور المؤلمة للسجون والمعتقلين والجثث المستخرجة من سجون الطاغية بشار الأسد ونظامه الإجرامي،
والأصعب من ذلك أن آلاف العائلات لم تجد أبناءها المعتقلين في سجون الطاغية إلى الآن،
وبدأت الصدور تضيق وتكتئب من هول المشاهد وتشتعل بفطرتها طلباً للثأر والانتقام، وكثير من الناس يعيشون صدمة شديدة من مستوى الشرّ الذي كان عليه هذا النظام المجرم.
وهذه بعض النقاط حول ذلك:
أولاً: أن كل هذا الإجرام كان معلوماً عند دول العالم ومخابراتها ومؤسساتها، ومع ذلك فقد كانت كثير من الدول تتعامل مع هذا الطاغية بحفاوة وتقدير واحترام، وتعترف به وتفتح سفاراتها عنده، وتتهم معارضيه بالإرهاب، فضلا عن مشاركة بعض الدول بجيوشها للدفاع عنه، ومشاركة الميليشيات الشيعية المسلحة بكل ثقلها لتثبيت حكمه ومقاتلة معارضيه.
ثانياً: أن هذا الطاغية كانت له حاشية من المشايخ والدعاة يمجدونه ويمدحونه ويثنون عليه، ويشوهون معارضيه، ومقاطعهم تملأ فضاء اليوتيوب إلى الآن، وحتى في الحرب الأخيرة خرج بعض الشيوخ يطعنون بشباب الثورة ويتحدث البعض عن طاعة ولي الأمر “بشار” -مع كونه طاغية بعثيا نصيريا يحارب الدين صراحة- (وهكذا الحال في بعض مراحل التاريخ تجد علماء سوء بمثل هذه الحال)
ثالثًا: القصاص من المجرمين وشفاء الصدور منهم مطلب شرعي ومقصد قرآني كما قال الله سبحانه: (ويشفِ صدور قومٍ مؤمنين ويُذهِب غيظ قلوبهم)
وقد حضّ الله نبيه على ذلك فقال:
(ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخِن في الأرض)
ونسأل الله تعالى أن يتحقق ذلك قريباً على أيدي الفاتحين الذين تحيط بهم اليوم مسؤوليات كثيرة تنوء بها الجبال،
ولعلهم يوفقون إلى تحقيق هذا المقصد قريباً لتُشفى صدور المكلومين المقهورين المظلومين، ولتأمن سوريا من مكرهم وكيدهم مستقبلاً.
رابعًا: الذي جرى خلال هذين الأسبوعين هو أمر عظيم وحدث تاريخي مهول، ونصر رباني كبير، لا تستوعبه العقول بسهولة،
ولا بد أن نتفكر فيه ونحمد الله عليه حمداً كثيرا، ولا بد أن نحافظ على رؤية النعمة العظمى على الأمة كلها بزوال هذا النظام المجرم الذي هو في ذاته شرّ مطلق من كل الجهات، وزواله خير كبير مهما كان من مشكلات بعد ذلك.
خامسًا: لا بد أن نتأنى قليلا في طلب الكمال في الفترة القريبة القادمة، ونقول الخير ونتعاون،
ولا بد من سعي أبناء البلد وتكاتفهم لبنائه وحمايته، ومحاسبة المجرمين،
وإحقاق الحق وإحلال العدل وكلمة الإسلام؛ فهذا كمال النصر وتمام النعمة.
طغيان وشر وإجرام لبشار الأسد كان يختفي
كل هذا الظلم والجبروت والطغيان والشر والإجرام لبشار الأسد كان يختفي حول البدلة الأنيقة وربطة العنق الفاخرة والصوت الهادئ والحجج المزيّنة والاستقبالات الرسمية الدولية في الوقت الذي كانت مسالخه البشرية وسجونه تفري أجساد السوريين وتقطعها بأبشع أصناف العذاب والنكال الذي ظهر شيء قليل منه مع هذه الصور المتداولة عن السجون بعد سقوطه.
وإذا سمعت مشايخ النظام السوري في حديثهم عنه تحسبهم يتحدثون عن أمير المؤمنين وليس عن أخسّ البشر وأدناهم وأكفرهم.
وإذا سمعت الممثلين والفنانين والمطربين الذين يمجدونه تقول: ما ألطف ذوق هذا الرئيس وإحساسه الذي يحمل كل السلام والخير والنور لعقول السوريين.
ولم يكن هذا الطاغية ليثبت ولا ليظلم ولا ليتجبّر لولا:
– إسناد طائفته العلوية النصيرية أولاً (وهذه حقيقة تاريخيّة ناصعة بيّنة)
– ثمّ أركان جيشه ونظامه (وهو منبثق من الطائفة في الأساس)
– ثـم المؤازرون له من الدول سياسيا أو عسكريا ومن الميليشيات كذلك،
– ثمَّ المدلسون حوله من مشايخ وفنانين وأمثالهم.
والحمد لله على زوال هذا الطاغية الأكبر،
الحمد لله على زوال هذا الشرّ والإجرام والطغيان،
ونسأل الله أن نرى القصاص قريباً من أركان نظامه الذين قاموا بالقتل والتعذيب والاغتصاب.
وأعان الله إخواننا على المسؤوليات الجسام والتكاليف العظام وتكاثر الأعداء وتزاحم الواجبات، وإعادة بناء البلد الطيب الذي دمره شياطين الإنس..
وحق إخواننا علينا الدعاء الصادق، فقد فرحت الأمة كلها بنصرهم، ولا بد أن تعينهم اليوم بكل ما يستطاع والله المستعان.