تشهد العلاقات بين روسيا وأذربيجان توتراً غير مسبوق، عقب حملة اعتقالات جماعية استهدفت مواطنين أذريين داخل الأراضي الروسية. ورغم أن السلطات الروسية بررت الإجراءات بأنها جزء من ملاحقات جنائية تستهدف متورطين في جرائم، فإن هذه التبريرات لم تُقنع الجانب الأذري، مما أثار شكوكاً حول الدوافع السياسية وراء هذه الخطوة وتوقيتها.
ويشير محللون إلى أن هذه الأزمة تعكس تحولاً مهماً في توازنات القوى داخل الفضاء السوفيتي السابق، حيث تبرز قوى إقليمية – من بينها أذربيجان – كلاعبين أكثر استقلالية في مواجهة النفوذ الروسي التقليدي. وكمؤشر على حجم التوتر، ألغى الرئيس الأذري إلهام علييف مشاركته في موكب النصر السنوي بموسكو، في خطوة اعتُبرت رسالة سياسية واضحة للكرملين.
وفي هذا السياق، يرى مكسيم ترودوليوبوف، الباحث في معهد كينان بواشنطن، أن استعداد باكو لتحدي موسكو “يعكس تغيراً جذرياً في موازين القوى الإقليمية”، مضيفاً أن أذربيجان تسعى لترسيخ دورها كفاعل مستقل على الساحة الدولية.
من جانبها، حذّرت وسائل إعلام روسية ومحللون سياسيون بارزون من أن سلوك باكو يسير على “خطى السيناريو الأوكراني”، الذي اتسم بتدهور العلاقات مع موسكو والتوجه نحو مواجهة محتملة، بعد تقويض الروابط السياسية والثقافية التاريخية.
ويرى مراقبون أن هذه الأزمة تفتح فصلاً جديداً في علاقات روسيا مع دول الاتحاد السوفياتي السابق، وسط تصاعد النزعة الاستقلالية لدى عدد من هذه الدول وسعيها إلى إعادة صياغة علاقاتها مع الكرملين بما يخدم مصالحها الوطنية.