مقالات

أسامة حافظ يكتب: وقفات على أعتاب الشيخ الغزالي (4)

في دين جعل من صاحب كلمة الحق في وجه السلطان الجائر سيداً للشهداء كان طبيعياً أن سطَّرت كتب تاريخ الإسلام بحروفٍ من نورٍ سيَر كثير من علمائنا يتصدون بكلمة الحق في وجه تغول الحكام علي شرع الله وعلي حقوق العباد، ولا تقلب صفحات تاريخنا المجيد إلا وتجدها تزينت بأمثال سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل والأمام مالك وابن المسيب والبويطي والعز بن عبد السلام وهم ما بين قتيل ومجلود وسجين في سبيل إعلاء تلك القيمة الربانية العظيمة التي زينت مواقفهم وتضحياتهم في سبيلها.

وكان للشيخ الغزالي القدح المُعَلَّى في هذا المجال في وقت كان ثمن تلك الكلمة باهظا وصوت كلمة الحق خافتا.

لقد حفظت أعواد المنابر وقاعات المحاضرات للشيخ وقفات قلَّ أن تجتمع لشيخ آخر وناله في سبيل ذلك ما ناله.

ففي عهد الهالك عبد الناصر وفي وقت لم يكن لكلمة الحق صوت ولا صديً تصدي بكلمته لرواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» حتي أوقف نشرها وكانت تنشر علي ما فيها من عدوان علي ثوابت الدين علي حلقات في جريدة الأهرام، وتصدي لميثاق عبد الناصر وما فيه من أفكار يسارية مجافية للدين فاستعدى عليه فجار الإعلام وهاجموه، وتصدي في عهد السادات لقانون الأحوال الشخصية المسمى عندئذ بقانون جيهان وقاد بنفسه مظاهرة عارمة بدأت من قاعة محمد عبده بجامعة الأزهر بعد خطبة نارية ألقاها حتي اضطروا لإيقاف ذلك القانون، ولا ننسي موقفه العظيم في قضية اغتيال فرج فودة وقبوله للشهادة في هذه القضية رغم ما ينتاب ذلك من محاذير وقوله كلمة حق لم يبال فيها بأحد الا الله..

وامتلأت كتاباته وخطبه ومحاضراته بالهجوم الشديد علي تغول الحكام ومظاهر الانحراف والخروج علي الدين لم يخف من بطش حاكم ولا من طغيان الإعلام ولقي في سبيل ذلك سجناً في أسوأ سجون مصر، وتشويها من الإعلام الفاسد ونفيا، لم يرده ذلك عن مواقفه وثباته عليها حتي مات رحمه الله في موقف لله في مؤتمر أقامته السعودية ودعته إليه مع مجموعة من المفكرين والكُتاب منهم بعض اليساريين الذين تكلموا كثيرا في الهجوم على ثوابت الدين وطلب الشيخ الكلمة ليرد عليهم ولم يعطها فاشتد انفعاله حمية لدينه ولم يتحمل قلبه ذلك فسقط ميتا رحمه الله

كان يستحضر قول الامام العظيم أحمد بن حنبل في مسيرته الي الله

«إذا تكلم العالم تقية والجاهل يجهل، فمتي يظهر الحق»؟

أسامة حافظ

رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية - مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى