أسامة شحادة يكتب: لماذا يعادون الإسلام الصحيح؟
منذ اللحظة الأولى للبعثة النبوية بعد نزول جبريل عليه السلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله “اقرأ” وذهاب خديجة رضي الله عنها بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ورقة بن نوفل، فكشف له ورقة طبيعة العلاقة بين الكفار والمستكبرين والإسلام بقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: «لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودِي» رواه البخاري.
وفعلا، وبرغم أن الرسالة المحمدية لم تنازع قريشا على الملك أو المال أو الجاه إلا أنهم حاربوا النبي صلى الله عليه وسلم، وعادوه، رغم أنه لم يطلب منهم ما يضر بهم أو يشق عليهم!
فلماذا؟
لأن الإسلام جاء لإرساء العدل ورفع الظلم، وبهذا يتضرر الظالمون والمستبدون والطغاة، فقد جاء الإسلام بعقيدة التوحيد التي تنبذ الشرك بالله عز وجل “إن الشرك لظلم عظيم” )لقمان: ١٣)، إذ أن إنكار خلق الله عز وجل للكون أو أن نجعل معه أربابا شركاء في ذلك ظلم ينافي العدلوالحق، وصرف شيء من العبادة والطاعة لغير الله عز وجل من آلهة باطلة ظلم مضاد للعدل والحق، والتعدي على حق الله عز وجل بالملك والحكم والتشريع ظلم يجانب العدل والحق “قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس” (الناس: ١-٣).
ولأن الإسلام جاء ليمنع ظلم الناس للناس بالعدوان على أرواحهم أو أبدانهم أو أموالهم أو حريتهم وكرامتهم، فإنه حرم القتل الظالم بكل صوره ومنها وأد البنات،وأكل أموال الناس بغير حق ومنه تحريم الغش والربا، وحرم الإسلام استرقاق الأحرار وسهّل وحض على تحرير الأرقاء، وحرم الزنا والفواحش ومنها تحريم الخمر وما يماثله من المخدرات.
وجاء الإسلام ليمنع الإنسان من ظلم نفسه باتباع الشهوات والمنكرات أو الكفر والشرك ونبذ الإيمان، إذ نتيجة ذلك أنه يصبح أسيرا للجهل أو الخرافات والشعوذات، أو تتسلط عليه الآفات والمصائب البدنية والنفسية نتيجة ارتكاب المخالفات لأنها محرمة لما تسببه من أذى أصلا!
هذه حقيقة الإسلام وهذه حقيقة العدل الذي جاء به، والتي متى آمن بها الناس عرفوا ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وبذلك تتهدم حصون الظالمين وأغلالهم التي فرضوها على الناس بالجور والظلم والعدوان.
هذا هو منبع عداوة أهل الباطل للدين الحق:
فالإسلام يمنع الإنسان عن لذاته العاجلة والمهلكة في نفس الوقت، والتي أصبحت اليوم شعار عصرنا بلأضحت المضمون الأول الذي تحشى به عقول الناس عبر وسائل الإعلام، فبعضهم يظن أن تحريم ومنع الإسلام للسّكر والإدمان والفواحش من الزنا والشذوذ والمقامرة والربا والتبرج والعري وأمثال ذلك هو عدوان وتطاول عليه بينما الحقيقة هي أن الإسلام يمنعه من ظلم نفسه أصالة ثم ظلم مجتمعه.
ومما يلبّس على الناس ما يقوم به المفكرون والساسة والمثقفون والتجار من ترويج لأمثال هذه المنكرات والفواحش والكفر والشرك بحجج شتى من الحرية والتقدم والحضارة والمدنية، بينما الحقيقة بخلاف ذلك تماما، إذ أن شيوع هذه الأفكار الضالة والسلوكيات المنحرفة هي من أهم وسائل تحقيق المكاسب والمنافع المعنوية من السلطة والجاه والنفوذ أو المادية من الأموال والمجوهرات وغيرها.
فكلنا يعلم أن أساطين تجارة المخدرات في العالم ومروجيها لا يتناولونها! حتى ينعموا بالملايين والمليارات العائدة ممّا ينفقه العاطلون عن العمل والفقراء لينسوا همومهم!
ومعلوم كم يجني تجار الجنس والفن من مليارات عبر دغدغة مشاعر وعواطف الناس بالأفلام والأغاني والحانات والملاهي،ومعلوم ما يرتكب في سبيل ذلك من جرائم خطف للبنات والفتيات واغتصابهن وإجبارهن على الإدمان والفجور ثم ينظّرون علينا بحقوق المرأة وهم إنما يبحثون عن حرية الوصول للمرأة.
ومعلوم أن تراكم المليارات في أرصدة القلة القليلة إنما هو نابع من تسخير مقدراتهم المالية في حملات دعائية لغرس ثقافة استهلاكٍ طاغية عند الجماهير التيتتبضع أشياء لا حاجة لها أصلا سوى جشع الرأسماليين الكبار للاستيلاء على أموال الفقراء.
والساسة ينتفعون بلهاث الجماهير خلف النزعات الاستهلاكية والشهوات الفانية ومتابعة برامج الفن والطرب فيخلو الجو لتمرير ما شاءوا متى شاءوا.
لهذا كان الإسلام الصحيح يحرر الإنسان من عبوديته للأشياء أولا فتتحرر إرادته الاقتصادية والسياسية ثانيا، ومن هنا يحارب هؤلاء الظالمون الإسلام الصحيح، لأنه يمنعهم من ظلم أنفسهم لأنفسهم ومن ظلمهم لغيرهم من الجماهير.
ومن مظاهر محاربة الإسلام في واقعنا اليوم تكرار تجربة دعم التصوف المنحرف ليكون ممثلا للإسلام بدلا عن صحيح الإسلام.
فمعلوم أن التصوف المنحرف يدعو لحصر التدين في القلب ويهوّن من ارتكاب المعاصي، كما أن التصوف المنحرف يدعو لتقبل العدوان والظلم واعتبار ذلك من الرضا بقضاء الله!
ومن عجيب حال هذا التصوف المنحرف أنه ينسب للزهد واشتهر بلبس الصوف، لكن هذا التصوف الذي يروج اليوم له هو من فئة الخمس نجوم فرموزه من المترفين زوار حفلات الفنادق والسفارات ونجوم في الإعلام والسياسة وضيوف على مراكز الدراسات الغربية!وفي هذا توظيف رخيص للإسلام لصالح الأعداء والشيطان ويحقق للظالمين دوام ظلمهم وعدوانهم دون إزعاج، بل سيجعل الناس تحقق كل أهداف الأعداء والشيطان وهي تظن أنها تطيع الله عز وجل.
هذه باختصار حقيقة عداوة الظالمين للإسلام الصحيح، لما يحققه من تحرر وكرامة للشعوب.