أسامة شحادة يكتب: معرفة الخصوم ومكائدهم من علامات الوعي
بعد سلامة المنهج ودقة المعلومة وسلامة التحليل يلزم المؤمن العاقل النبيه معرفة خصومه ومكائدهم، وقد ذكر الله عز وجل ذلك فقال: «وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين» (الأنعام: 55)، وذلك أن أعداء الإسلام عبر العصور يكيدون للإسلام «وقد مكروا مكرَهم وعند الله مكرُهم وإن كان مكرُهم لتزول منه الجبال» (إبراهيم: 46).
ولذلك؛ من يتأمل واقعنا المعاصر على مستوى الدول أو الحركات والمعارضة يجد أن هناك فجوة كبيرة في وعي دولنا وحركاتنا ومعارضتنا تجاه خطط خصومنا ومكائدهم وصفقاتهم ومفاوضاتهم، ويمكن أن نرى هذا بوضوح في كلام د. كامل أبو جابر الذي يقول: “كنتُ في مؤتمر مدريد رئيساً للوفد الفلسطيني الأردني كوزير للخارجية، وسمعت كلاماً في ذلك المؤتمر من شامير، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ورئيس الوفد في مؤتمر مدريد، حيث قال: “سندخل مفاوضات ولو استمرت لعشر سنوات،… قبل أيام بدأت أراجع ما تم الحديث عنه في مؤتمر مدريد العام 1991، ولم أعِ ما قاله شامير تماماً، إلا الآن”!!
وتركيا اليوم تواجه وضعا صعبا بسبب أنها لم تدرك مبكراً -كما تصرح- أبعاد توريط إيران وأمريكا وروسيا لها في سوريا، مما عقّد وضعها الداخلي وأربك دورها المطلوب في سوريا.
وبسبب الغفلة والجهل عن مخططات واستراتيجيات نظام الملالي الشيعي انساقت جماعات إسلامية متعددة وشخصيات فكرية خلف شعارات التقارب والوحدة السنية الشيعية، فاخترق الشيعة أغلب الجماعات الإسلامية وكسبوا ولاء قادة وأفراد فيها انشقوا عن إخوانهم وأعلن بعضهم تشيعه وبعضهم أسس تنظيمات شيعية، وعبر غفلة وغباء هذه الجماعات تنامى الحضور الإيراني في المجتمعات السنية، وباجتماع الغفلة الرسمية والشعبية تمكن الحرس الثوري الإيراني من تكوين الخلايا الإرهابية النائمة في بلاد سنية متعددة وتكوين أحزاب شيعية تهدد السلم والأمن المجتمعي كما في العراق ولبنان واليمن والبحرين.
إن معرفة طرق وأساليب ومخططات الخصوم قضية ليست مستحيلة، ولكنها تحتاج إلى سلامة المنهج أولا، ودقة المعلومة وسلامة التحليل، وثقافة واسعة ومعرفة بالتاريخ وتبصر بمجرياته، ومتابعة للواقع وتطوراته، وعندها تتكشف المؤامرات وتسقط الفخاخ.