الأمة/ التوترات بين الهندوس والمسلمين ليست بالأمر الجديد، لكنها أضحت أسوأ في ظل إدارة مودي للبلاد، وحزبه الحاكم “بهاراتيا جاناتا”، الذي يحمل أيديولوجية تتغنى بالوطنية الهندوسية.
وذكرت أسوشيتد برس في تحليلها إلى أنه ومع اقتراب مودي من ولاية ثالثة تدوم خمس سنوات، في انتخابات تظهر نتيجتها في يونيو، يبدو الواقع أمام السياسيين والمواطنين المسلمين “مشؤوما”.
وتقدم مودي، الثلاثاء، بأوراق ترشحه لشغل ولاية ثالثة في الانتخابات العامة التي تجرى بمدينة فاناراسي شمالي البلاد.
ويأمل مودي الاحتفاظ بمقعده البرلماني في المدينة الهندوسية، دائرته الانتخابية، والتي خاض منها الانتخابات، وفاز فيها لأول مرة عام 2014، ثم الولاية الثانية في 2019.
وبدأت الانتخابات العامة الهندية، التي تستمر 6 أسابيع، في أبريل، ومن المقرر أن تستمر حتى الأول من يونيو المقبل قبل فرز الأصوات في الرابع منه.
وهناك حوالي 970 مليون شخص مؤهلون للتصويت، ما يجعلها أضخم انتخابات ديمقراطية في العالم.
استطلاعات الرأي
تظهر معظم استطلاعات الرأي تقدم مودي وحزبه، بهاراتيا جاناتا، في السباق على مقاعد البرلمان على أقرب المنافسين وهو تحالف معارض يقوده حزب المؤتمر الوطني وأحزاب إقليمية قوية، ولم يعلن هذا التحالف عن مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، وفق ما نقلته أسوشيتد برس في وقت سابق.
يميل مودي إلى الأغلبية الهندوسية في البلاد، والتي تشكل 80 بالمئة من سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.
وأشرف مودي على نمو اقتصادي سريع خلال الأعوام الـ10 التي قضاها في السلطة، ويعتبره أنصاره صاحب الفضل في تحسين مكانة الهند عالميا.
لكن منتقديه يقولون إنه قوض ديمقراطية الهند ومكانتها كدولة علمانية من خلال الهجمات التي شنها قوميون هندوس على الأقليات في البلاد، وتقلص المساحة المتاحة للمعارضة ووسائل الإعلام الحرة.
وأثار خصومه السياسيون تساؤلات حول السجل الاقتصادي لحكومته، مشيرين إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم على الرغم من ارتفاع معدلات النمو.
وقبل تقديم أوراق ترشحه، قاد مودي حملة ترويجية في المدينة، الاثنين، اجتذبت آلاف الأنصار، الذين هتفوا قائلين: “السلام على مودي!”، بينما كانت سيارته تشق طريقها في الشوارع.
كان في استقبال مودي أنصار حزب “بهاراتيا جاناتا”، الذين اعتمروا قبعات زعفرانية اللون ولوحوا براية الحزب. كما ألقوا الورود على رئيس الوزراء بينما كان يبتسم للحشود.
أعداد المشرّعين المسلمين تتقلص
ولم يكن الخطاب الرافض للإسلام، والذي شهدته حملات مودي الانتخابية هي السبب وحده، فمنذ صعود حزب “بهاراتيا جاناتا” إلى السلطة منذ أواسط الثمانينيات بدأت أعداد المشرعين المسلمين في البرلمان والدولة تتضاءل.
وانخفض تمثيل المسلمين في الحزب الحاكم وغيره أيضا من أحزاب المعارضة إلى النصف، وفق أسوشيتد برس.
فعندما تولى مودي منصبه لأول مرة عام 2014، بلغ عدد المشرّعين المسلمين في البرلمان 30 شخصا، وأحدهم كان من حزب “بهاراتيا جاناتا”. أما اليوم، يحظى المسلمون بـ 25 مقعدا من أصل 543 ولا ينتمي أي منهم للحزب الحاكم.
في أوساط الثمانينيات، كان المسلمون يشكلون 11 في المئة من سكان الهند، وكانت لديهم 9 في المئة من المقاعد البرلمانية، أما اليوم تشكل نسبتهم 14 في المئة من السكان في حين يملكون أقل من 5 في المئة من المقاعد.
وتسعة من أصل عشرة أعضاء في البرلمان هم هندوس، الذين يشكلون 80 في المئة من سكان الهند البالغين 1.4 مليار نسمة.
وتنوه أسوشيتد برس إلى أن التمثيل السياسي للمسلمين على مستوى الولايات يعد أفضل حالا، فالهند تملك أكثر من 4 آلاف مشرّع عبر 28 ولاية، ويحظى المشرّعون المسلمون بحوالي 6 في المئة من تلك المقاعد.
وأشار تقرير حكومي، في عام 2006، إلى أن المسلمين تراجعوا عن الهندوس والأقليات في الدولة بالتعليم والدخل. ورغم تسجيل بعض التحسن، لا يزال هناك تفاوت كبير وفقا لعدد من الدراسات المستقلة.
وقال علي خان محمود أباد، أستاذ العلوم السياسية والمؤرخ في جامعة أشوكا في نيودلهي، إن الهند تحولت من دولة يتم فيها تهميش المسلمين إلى حد كبير إلى دولة يتم فيها “استبعادهم عن عمد”.
وأضاف محمود أباد لأسوشيتد برس “بدون تمثيل، لن تتمكن من طلب الموارد من الدولة والتعبير عن نوع احتياجات المجتمع من أجل التقدم، سواء كان التعليم أو الوظائف أو الصحة أو البنية التحتية الأساسية”.