أعمل في جمع الضرائب على التبغ.. هل هذا العمل حلال أم حرام؟
تستمر دار الإفتاء الليبية، بالدور الدعوي والرد على أسئلة الجمهور فيما يتعلق بأحكام الشريعة الإسلامية.
وعبر صفحتها على موقع ” فيس بوك” نشرت دار الإفتاء سؤالًا لأحد الأشخاص جاء فيه :” أعمل في قطاع الصحة، وقد كلفت بمهمة مكافحة التدخين وتجارة التبغ في ليبيا، بالتعاون مع الجهات العامة والدولية، ومن الخطط المتبعة لمكافحة التدخين: زيادة الضريبة على بيع الدخان ومشتقاته، فسأكون ممن يسعون لزيادة الضرائب على بيع التبغ والاتجار به، وممّا أعلمه أنّ الضرائب مِن أكلِ مالِ المسلم بغير حق، فهل عملي ضمن هذه الخطط مباح؟ علمًا أن القانون الليبي يجعل الضرائب على التبغ مصدرًا لمرتبات التضامنِ الاجتماعي.
وجاء الجواب كالتالي:” الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإنّ حرمةَ الأموال كحرمة الدماء والأعراض، وقد جاءت الآيات والأحاديث النبوية بذم المكوس (الضرائب)، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾[النساء: 29]، وقال النبي ﷺ) :لا يحلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلا بطيبِ نفسٍ منه)[البيهقي: 11545]، وقال ﷺ :(إنَّ صاحبَ الـمَكْس في النار)[أحمد:17464]، وقال ﷺ في المرأة التي زَنَتْ ثم تَابَتْ: (والذي نفسي بِيَدِه، لقد تابتْ توبةً لو تابَها صاحبُ مَكْس لغُفِر له)[مسلم:3208]، قال أبو العباس القرطبيr: “صاحب الـمَكْس: هو الذي يأخذُ من الناس ما لَا يلزمهم شرعًا من الوظائفِ المالية بالقَهْر والجَبر، ولا شك في أنه من أعظم الذنوب، وأكبَرِها، وأفحشها، فإنَّه غصب، وظلمٌ، وعَسفٌ على الناس، وإشاعةٌ للمنكر، وعملٌ به، ودوامٌ عليه”[المفهم: 5/99]، والضرائب التي تؤخذ على الدخل كلها من هذا القبيل، لا تحلُّ في بلادنا لعدم توفر شروط فرضها.
والمقصدُ وإن كان حسَنا مشروعًا، فوسيلته يجبُ أن تكون مشروعة، فالغاية لا تبرر الوسيلةَ إلا بدليل، وعليه، فلا يجوز العمل على مكافحة التدخين بفرضِ الضرائب والمكوسِ، بل الواجب على الجهاتِ المسؤولة في الدولة محاربةُ التدخين بمنع استيراده، وسنّ القوانين لحظرِ الاتجارِ به، كما هو الحالُ في المخدراتِ والمسكراتِ، وأن تخصص نفقات التضامن من ميزانية الدولة كسائر نفقات القطاعات الأخرى، والله أعلم.