مع تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، أطلقت أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي للتحرك الفوري، في ظل انتشار المجاعة وازدياد معاناة المدنيين المحاصرين.
الوضع تجاوز حدود الأزمة
وأكدت المنظمات أن الوضع تجاوز حدود الأزمة ليصل إلى مرحلة “الإنذار الأحمر”، محذّرة من أن التأخير في الاستجابة قد يؤدي إلى موت جماعي واسع النطاق، لا سيما بين الأطفال والمرضى.
في تحذير دولي متصاعد، دعت أكثر من 100 منظمة إنسانية وحقوقية من مختلف أنحاء العالم إلى تحرك عاجل لوقف المجاعة المتفشية في قطاع غزة، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر والهجمات المتواصلة التي أدت إلى تدمير البنية التحتية وشلل تام في سلاسل الإمداد الغذائي.
وقالت المنظمات، من بينها أوكسفام، وأطباء بلا حدود، وهيومن رايتس ووتش، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان مشترك، إن نصف سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وإن عشرات الآلاف يواجهون خطر الموت جوعاً، لا سيما الأطفال والمسنين والمرضى.
وأضاف البيان أن استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات، إضافة إلى استهداف المستشفيات ومخازن الأغذية، أدى إلى “كارثة إنسانية ممنهجة”. ودعت المنظمات مجلس الأمن الدولي والأطراف المؤثرة إلى الضغط الفوري على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بدخول المساعدات دون شروط.
وأفادت تقارير ميدانية من الأمم المتحدة بأن أكثر من 30% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، وأن حالات الإغماء في الشوارع والمستشفيات تتزايد بسبب الجوع الشديد.
كارثة غير مسبوقة
من جانبها، أكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي أن غزة دخلت المرحلة الخامسة – وهي الأعلى – من “مستويات المجاعة”، محذّرين من أن الوضع قد يتحول إلى “كارثة غير مسبوقة في القرن الـ21” إذا لم يتم التدخل فوراً.
ويأتي هذا النداء في ظل تقاعس دولي عن فرض وقف دائم لإطلاق النار، مع استمرار القصف والغارات، مما يعقّد جهود الإغاثة ويزيد من معاناة السكان المدنيين الذين يعيشون بالفعل تحت وطأة الإبادة الجماعية والحرمان الكامل من أبسط مقومات الحياة. وفق بيان مشترك صادر عن المنظمات.
نداء المنظمات يشعل ردود فعل دولية واسعة
أثار البيان الصادر عن أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية موجة واسعة من ردود الأفعال على المستويين الدولي والإنساني، وسط تصاعد التحذيرات من مجاعة وشيكة قد تودي بحياة الآلاف في قطاع غزة. المنظمات التي أطلقت النداء أكدت أن الوضع لم يعد يحتمل مزيدًا من الانتظار،
وأن الصمت الدولي بات شريكًا في معاناة المدنيين، ما أثار اهتمامًا وقلقًا في الأوساط السياسية والحقوقية العالمية.
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يحذّران من كارثة غير مسبوقة
في الأمم المتحدة، وصف المتحدث الرسمي الوضع في غزة بـ”الكارثة غير المسبوقة”، مؤكدًا أن ما يجري ليس فقط أزمة إنسانية بل انتهاك صارخ للقانون الدولي، وأن هناك حاجة فورية لفتح ممرات إنسانية دون شروط. الاتحاد الأوروبي عبر عن “قلق بالغ”،
بينما أيدت دول مثل النرويج وإيرلندا وبلجيكا ضرورة التحرك العاجل، مشددة على وجوب وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات.
أما الحكومة الإسرائيلية، فقد تجاهلت التحذيرات واعتبرت البيان منحازًا، في محاولة لتبرير استمرار العمليات العسكرية رغم آثارها الكارثية على المدنيين.
خبراء إنسانيون: المجاعة مصنّعة ويمكن وقفها
خبراء ومختصون أبدوا بدورهم آراءً صارخة، تعكس حجم الكارثة. يان إيغلاند، الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي، قال إن “المجاعة في غزة مصنّعة بالكامل ويمكن وقفها بقرار سياسي واحد، لكن العالم يختار التفرّج”
. ومن جانبه، أشار أستاذ القانون الدولي بجامعة جنيف، ماركوس هيلر، إلى أن “ما يجري في غزة يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، وأن مسؤولية وقفها تقع على الدول التي تملك أدوات الضغط ولا تستخدمها”.
أما ريبيكا كارتر، المتخصصة في الأمن الغذائي، فأكدت أن بيانات الميدان تشير إلى أن الوضع في غزة أسوأ من بعض أكثر المجاعات شهرة في العالم، مثل تلك التي حدثت في الصومال واليمن، محذرة من أن الأطفال هم أكثر الفئات عرضة للانهيار والموت.
لحظة اختبار حاسمة للمجتمع الدولي
في ظل هذه التصريحات والتحذيرات المتلاحقة، يبدو أن العالم أمام لحظة اختبار أخلاقي وإنساني، ستحدد مدى مصداقية الخطاب الحقوقي الدولي في مواجهة واحدة من أكثر الأزمات مأساوية في العصر الحديث.