الأثنين مايو 20, 2024
تقارير سلايدر

أمريكا اللاتينية تشهد زيادةً غير مسبوقة في الإحتجاجات ضد إسرائيل

مشاركة:

الأمة    :  تصاعدت معارضة الاحتلال الإسرائيلي في أمريكا اللاتينية منذ بدء عدوانه المتواصل على قطاع غزة، وتُظهر التحركات الاحتجاجية ضد إسرائيل زيادةً غير مسبوقة في نبذها ومقاطعتها، ويُعزى هذا التغيير بحسب الكاتب والمحلل السياسي والمختص في الشأن اللاتيني، علي فرحات، إلى أن “هذه الحرب التي قام بها العدو الصهيوني في غزة كانت الأكثر دموية ووحشية “.

كما يرى فرحات، في حديثه لـ”وكالة قدس برس”، أن “أحد أبرز الأسباب في رؤيتنا لهذا التفاعل غير المسبوق من المجتمع اللاتيني تجاه القضية الفلسطينية هو التغطية الإعلامية خصوصاً لمواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على نقل الصورة بطريقة مغايرة عن السابقة”،

موضحاً أن ” الصورة كانت فيما سبق محصورة بوسائل إعلام منحازة للكيان الصهيوني أما هذه المرة فقد استطاع رواد التواصل الاجتماعي والفئة الشبابية تحديداً من نقل الصورة على حقيقتها بشكل أوضح وبشكل غير منحاز للعدو”.

وتشهد دول أمريكا اللاتينية مظاهرات متواصلة دعماً لفلسطين وتنديداً باستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ومؤخراً انضمت الجامعات البرازيلية إلى الحركة الطلابية العالمية بتنظيم مجموعة من طلبة جامعة ساو باولو(USP)  وهي أحدى أكبر جامعات أمريكا اللاتينية، اعتصاماً مفتوحاً داخل حرمها للمطالبة بوقف العدوان على غزة وقطع الجامعة لعلاقتها الأكاديمية بدولة الاحتلال.

ويعتبر فرحات، أن الوعي الشعبي اللاتيني تجاه التضامن مع الشعب الفلسطيني، تأثر بـ “قوة المواقف الرسمية في بعض الدول اللاتينية التي زادت الوعي داخل الطبقات الاجتماعية وأتت لتشجع وتعيد إثارة هذه القضية داخل المجتمعات اللاتينية وأسست لمرحلة من التضامن من خلال ثقة عدد كبير من الطبقات الشعبية بزعاماتها اليسارية”.

مضيفاً بأن “هذه المواقف أعطتها جرأة كبيرة من خلال التحركات وأخذ المواقف التي لم تكن لتتجرأ على اتخاذها لولا هذه المواقف الرسمية الجريئة التي قدمت استقراء أوضح لما يحدث في فلسطين “.

وقد تميزت كولومبيا بالموقف اللاتيني المناهض للاحتلال الإسرائيلي وكانت سباقة على لسان رئيسها غوستافو بيترو بالتنديد بجرائم الاحتلال المطالبة بتدخلها كطرف في دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية وصولاً إلى إعلان بوغوتا مطلع أيار/مايو الجاري، وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع “تل أبيب”.

ويوضح فرحات، أن ” الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، كان سباقا في دعم فلسطين منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، وكان له مواقف كثيرة مؤيدة للقضية الفلسطينية وهي تنطلق من النظرة اليسارية تجاه دولة الاحتلال”.

وبين فرحات، أن “كولومبيا لها خصوصية إذ إنها دولة كانت تعتبر من الملاك الأمريكي و يُطلق عليها إسرائيل أمريكا اللاتينية، وبالتالي الرئيس بيترو، يحاول التغيير الجذري في السياسات الكولومبية من خلال إبعاد كولومبيا عن الملاك الأمريكي والتدخل الإسرائيلي”.

مضيفاً بأن ” موقف الرئيس الكولومبي من عدوان الاحتلال على غزة يأتي منسجماً مع الرؤية الاستراتيجية للحكومة الكولومبية وللسياسيات الجديدة التي تعتمد على ما تسميه الاستقلال والسيادة الذاتية بعيداً عن الإملاءات الأمريكية“.

أما البرازيل التي طردت السفير الإسرائيلي لديها في 19 شباط/فبراير، وسحبت سفيرها من إسرائيل، احتجاجا على توبيخ “تل أبيب” للسفير البرازيلي لديها، اعتراضاً على تصريحات للرئيس البرازيلي في شباط/فبراير وصف فيها ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة بـ “الإبادة الجماعية” وأنها تشبه “إبادة ملايين اليهود على يد النازيين بقيادة هتلر في القرن الماضي“.

وعادت لتكون من الدول الموقعة على بيان مشترك أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية +17، في نيسان/أبريل تدعو فيه المقاومة لـ” الإفراج فورا عن جميع الرهائن المحتجزين في قطاع غزة”، الأمر الذي رأى فيه البعض تراجعاً في الموقف البرازيلي المتقدم تجاه الفلسطينيين.

إلا أن فرحات، لا يرى فيه تراجعاً بـ”المعنى الكبير لهذه الكلمة وخصوصا أن الرئيس البرازيلي ما زال يكرر مواقفه السابقة بخصوص الإبادة الجماعية في غزة وهو أول من أطلق هذا المصطلح داخل الأروقة الغربية على الحرب الصهيونية على قطاع غزة“.

ويعتقد فرحات، أن ” هناك شيء من التوازن في السياسيات الخارجية البرازيلية اتبعها لولا دا سيلفا، في الحرب الأوكرانية الروسية وهو أيضا يتبع بعض الخطوات المتوازنة كما يراها من وجهة نظره من خلال موضوع غزة وفلسطين،

وعليه فإن توقيع البرازيل على إطلاق سراح الأسرى ينسجم مع توجهات الرئيس دا سيلفا وهي لا تقلل من عمليات الإدانة البرازيلية وحدة موقفها ضد الاحتلال وجرائمه في غزة“.

وبالانتقال إلى الموقف الأرجنتيني الذي وصف بـ”المتطرف” تجاه العدوان على غزة، فمنذ انتخاب خافيير ميلي في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 لرئاسة الأرجنتين، عبّر ميلي باستمرار عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في حرب غزة”، وطالب بـ” الإفراج الفوري عن الأسرى بدون أي شروط”.

وخلال زيارته لـ”تل أبيب” في شباط/فبراير الماضي، أعلن عن نقل سفارة بلاده إلى القدس، معتبرا أنه يريد التعبير عن “دعمه لشعب إسرائيل”. لكن مجلس الشيوخ الأرجنتيني قرر نهاية آذار/مارس، تجميد عملية نقل السفارة من “تل أبيب” إلى القدس المحتلة بعد معارضة مشرعين من الأحزاب اليسارية في الأرجنتين.

ويرى فرحات، أن ” تصريحات الرئيس الأرجنتيني تنم عن جهل كبير في السياسة الخارجية وهو أراد أن يشكل حالة فريدة في الارجنتين وبالتالي ذهب بعيدا في التصريحات السياسية واصطدم بواقع الارجنتين السياسي الداخلي والذي لم يسمح له بتنفيذ هذه السياسيات المؤذية للمصالح الأرجنتينية ولصورة الأرجنتين على المستوى الدولي“.

ويؤكد فرحات، أن ” التطرف في اتخاذ مثل هذه القرارات لا يتناسب مع الواقع السياسي الأرجنتيني وبالتالي فشل الرئيس ميلي في تنفيذ وعوده التي صاغها في حملته الانتخابية“.

وحول تأثيرات حالة التضامن غير المسبوقة في أمريكا اللاتينية مع القضية الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي، يشدد فرحات، أن ” هناك تأثيرات كبيرة على الاحتلال وتحديداً على المستوى السياسي بعد خسارة قطاع كبير من الرأي العام في أمريكا”،

مستطرداً ” أما على الصعيد الاقتصادي فهناك تأثيرات قد لا تكون جوهرية الآن ولكن على المدى البعيد سيكون هناك تأثيرات وارتدادات على المستوى الاقتصادي وخصوصا من خلال تململ قطاعات كبيرة من المجتمع اللاتيني الذي بدأ يرى صورة الكيان الصهيوني على حقيقتها“.

ولليوم 216 على التوالي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 34 ألفا و844 شهيدا، وإصابة 78 ألفا و404 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب