سيول – الجمعة 18 يوليو 2025
في كوريا اليوم، لم تكن السماء تبكي وحدها، بل شاركها آلاف الكوريين دموع الخوف، والحزن، وفقدان الأمان.
في مشهد إنساني مؤلم، تعيش كوريا الجنوبية أيامًا عصيبة تحت وطأة أمطار غزيرة متواصلة، حولت الشوارع إلى مجارٍ للمياه، والمنازل إلى أطلال، وأجبرت أكثر من خمسة آلاف مواطن على ترك منازلهم والاحتماء في ملاجئ الطوارئ، هربًا من خطر الغرق والانهيارات الأرضية.
وزارة السلامة الكورية أعلنت صباح اليوم الجمعة عن مصرع أربعة أشخاص على الأقل حتى الآن، بينما لا تزال فرق الإنقاذ تبحث بين الأنقاض والمياه عن مفقودين، في وقت تُواصل فيه الطبيعة توجيه ضرباتها دون رحمة.
المأساة تتصاعد في المناطق الجنوبية، حيث سجلت محطات الرصد الجوي معدلات هطول غير مسبوقة تجاوزت 400 ملليمتر خلال 24 ساعة فقط، وهو ما يفوق قدرة أي بنية تحتية على التحمل. الطرق انهارت، المنازل غمرتها المياه، والمزارع باتت بحيرات موحلة، وسط صرخات المواطنين المطالِبة بالمساعدة.
هيئة الأرصاد الجوية الكورية جددت تحذيراتها، مؤكدة أن الخطر لا يزال قائمًا، وأن المناطق الغربية والجنوبية ما زالت تحت التهديد حتى يوم السبت، داعية السكان إلى البقاء في أماكن آمنة، وتجنب المناطق المنخفضة والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية.
وفي وقت تتجه فيه الأنظار إلى عدد الضحايا والخسائر، يبقى الجانب الإنساني هو الأكثر قسوة. آلاف العائلات فقدت منازلها، وأطفال صغار ينامون على أسِرّة مؤقتة في مراكز الإيواء، يتطلعون إلى غدٍ لا يبلله المطر ولا يُغرقه الحزن.
هذه الكارثة الطبيعية، التي تضرب كوريا لليوم الثالث على التوالي، تفتح الباب مجددًا للحديث عن آثار التغير المناخي، ومدى استعداد الدول لمواجهة الظواهر الجوية المتطرفة التي باتت تتكرر في السنوات الأخيرة بوتيرة مقلقة.
وبينما تواصل السلطات جهودها لإنقاذ الأرواح والتقليل من الأضرار، تبقى الحاجة ملحّة إلى تضامن إنساني داخلي ودولي، يُعيد للمنكوبين بعضًا من الأمان، ويمد يد العون لمن هُجِّروا قسرًا عن بيوتهم تحت وطأة المطر.