قال الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، كان الأزهر على مرَّ تاريخه -ولا يزال- الحارس الأمين على الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقًا، وكانت هيئة كبار العلماء قديمًا وحديثًا القلب النابض في الأزهر الشريف، توجه لبناء نسق إسلامي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، وذلك على عدَّة محاور، منها ما يتعلق ببناء الإنسان السوي الصالح، ومنها ما يتعلق بصياغة مناهج علميَّة تتخذ من العقيدة والأخلاق والشريعة مرتكزًا لهذه المناهج الأزهريَّة، ومنها ما يتعلق بخطاب دعوي يوحِّد الصفوف، ويفنِّد الشبهات، ويرسِّخ القيم والمبادئ والمثل العليا، وبينما تقوم هيئة كبار العلماء بهذه المهمة التوجيهيَّة فإنها لا تنشغل عن مهمة أكبر وأعظم تتعلق بمعالجة القضايا العصريَّة، وتقديم الاجتهادات الفقهيَّة.
وأكد فضيلته خلال الجلسة الختامية بالمؤتمر الذي تقيمه كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر بعنوان: “نحو شراكة أزهرية في صناعة وعيٍ فكريٍّ آمن: رؤية واقعية استشرافية”، أن المتابع لما تموج به الساحة من رؤى فقهيَّة جديدة، أو أطروحات لفكر فقهي جديد -بغض النظر عن سلامة هذا الطرح أو فساده- يجد أنَّ هيئة كبار العلماء كانت على قدر المسئوليَّة في تلبية حاجة العالم الإسلامي، بما يضمن قدرته على التجاوب مع معطيات العصر، دون المساس أو التفريط في ثوابت الدين، وأصوله.
واستعرض فضيلته خلال الورقة البحثية التي قدمها تحت بعنوان «التغيرات العصريَّة وقضايا الاجتهاد» رؤية هيئة كبار العلماء في معالجة التغيرات العصريَّة، وجهود هيئة كبار العلماء في بناء وعي فكري آمن، من الإصدارات العلميَّة، والملتقيات التوعويَّة والفكريَّة، والبيانات والقرارات.
وأوضح فضيلته، أن هيئة كبار العلماء تشتبك مع واقع الناس ومستجدات عصرهم بغية تقديم أنموذج معرفي يحمل في قسماته عوامل التطور وموجبات التقدم التي ينشدها الإسلام، وقد ترجمت هيئة كبار العلماء هذا الاشتباك من خلال ما تعالجه من قضايا، وتتنوع القضايا العصريَّة التي تُعنى هيئة كبار العلماء بها، فمنها ما تكون ذات صبغة فقهيَّة، ومنها ما تكون ذات صبغة أخلاقيَّة، ومنها ما تكون ذات صبغة اجتماعيَّة، وهي في مجملها تحقق وعيًا فكريًّا آمنًا، كما أن هيئة كبار العلماء تحمل على عاتقها أمانة التبليغ والدعوة إلى الله -عز وجل-، وتأمل أن تؤدي إلى بناء مجتمع آمنٍ فكريًّا، سليم عقديًّا، قويم خلقيًّا، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية اتخذت هيئة كبار العلماء حزمة من الإجراءات اللازمة لتحقيق الأمن الفكري.
واختتم فضيلته، أن هيئة كبار العلماء تأمل أن تحقق انطلاقة كبرى في مختلف التخصصات الشرعيَّة والعربيَّة لنشر صحيح الدين، وحسم الجدل في كلِّ القضايا الخلافيَّة، وفي طور التجديد المؤسسي لهذه الهيئة العريقة، لتكون القبلة الأولى للمسلمين في التلقي العلمي، والملاذ الأمن للباحثين والمتعطشين للدراسات الجادة التي تتصل بعلوم الشرع الشريف، وانتهز الفرصة لدعوة أساتذة كليتكم العريقة للمشاركة في نشاط هيئة كبار العلماء بالأبحاث الفريدة، والرؤى الإبداعيَّة التي تليق بالأزهر كأكبر مؤسسة علميَّة في العالم، وبمصرنا الحبيبة كدولة رائدة في العلم والمعرفة.