تتجه العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نحو تصعيد جديد مع اقتراب الموعد النهائي للتعريفات الجمركية في الأول من أغسطس، حيث تستعد دول الاتحاد الأوروبي لتوسيع نطاق التدابير المضادة ردًا على تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات بنسبة 30% على الصادرات الأوروبية، مما يثير مخاوف من تأثيرات اقتصادية عالمية واسعة النطاق.
كانت المفوضية الأوروبية، التي تتفاوض نيابة عن الدول الأعضاء الـ27، تأمل في التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة يتضمن تعريفة أمريكية بنسبة 10% على معظم الصادرات الأوروبية مع بعض التنازلات. ومع ذلك، تبددت هذه الآمال بعد تهديد ترامب بفرض تعريفة تصل إلى 30%، وهو ما وصفه مفوض التجارة الأوروبي ماروس سيفكوفيتش بأنه سيؤدي إلى “توقف فعلي” للتجارة عبر الأطلسي. وفي تقرير قدمه سيفكوفيتش للمبعوثين الأوروبيين يوم الجمعة الماضية، أشار إلى تباين المقترحات الأمريكية، التي تضمنت معدلات تعريفية قد تتجاوز 10%، دون وضوح حول ما قد يقبله ترامب.
مع تراجع احتمالات التوصل إلى اتفاق مقبول، بدأت دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، في النظر بجدية إلى استخدام أداة “مناهضة الإكراه” (ACI)، وهي آلية تتيح للتكتل فرض عقوبات تجارية على دول تمارس ضغوطًا اقتصادية على أعضائه. تشمل التدابير المحتملة:
استهداف تجارة الخدمات الأمريكية، حيث تملك الولايات المتحدة فائضًا تجاريًا مع الاتحاد الأوروبي.
تقييد وصول الشركات الأمريكية إلى أسواق الخدمات المالية والعطاءات العامة، التي تبلغ قيمتها حوالي 2 تريليون يورو سنويًا.
فرض قيود على الاستثمار الأمريكي وحماية حقوق الملكية الفكرية، إلى جانب تقييد بيع المنتجات الكيميائية والغذائية الأمريكية في أوروبا.
حاليًا، يمتلك الاتحاد الأوروبي حزمة تعريفات مُعلقة على بضائع أمريكية بقيمة 21 مليار يورو حتى 6 أغسطس، مع خطط لتطبيق تدابير إضافية على صادرات أمريكية بقيمة 72 مليار يورو. ومع ذلك، تحتاج المفوضية إلى أغلبية مؤهلة (15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي) لتفعيل أداة مناهضة الإكراه، وهو ما يحظى بدعم متزايد، خاصة من فرنسا وألمانيا.
تأتي هذه التطورات وسط تقلبات في الأسواق الآسيوية، حيث تراجعت أسواق الأسهم بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى في أربع سنوات تقريبًا يوم الثلاثاء. وانخفض مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.4% بعد أن سجل أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2021. في اليابان، تأثرت الأسواق بنتائج الانتخابات الأخيرة التي شهدت هزيمة الائتلاف الحاكم، مما زاد من التوقعات بتوسع مالي قد يؤثر سلبًا على الين وعوائد السندات الحكومية.
في أوروبا، من المتوقع أن تستمر حالة عدم اليقين مع التركيز على تقارير الأرباح من شركات كبرى مثل SAP وUniCredit، حيث تراجعت العقود الآجلة لمؤشري EUROSTOXX 50 وDAX بنسبة 0.5%، وFTSE بنسبة 0.3%. على الجانب الأمريكي، يترقب المستثمرون نتائج شركات مثل Alphabet وTesla، بينما يثير الجدل حول استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي مخاوف إضافية.
رفضت واشنطن طلب الاتحاد الأوروبي بترتيب “التوقف”، الذي يمنع فرض تعريفات إضافية بعد التوصل إلى اتفاق، مشيرة إلى اعتبارات الأمن القومي بموجب القسم 232 من التحقيقات التجارية. وفي الوقت نفسه، يتوقع المحللون أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع يوليو، مع احتمال خفضها لاحقًا هذا العام، وفقًا لتوقعات استراتيجيي غولدمان ساكس.
ارتفع اليورو بنسبة 13% هذا العام، مدعومًا ببحث المستثمرين عن بدائل للأصول الأمريكية المتأثرة بعدم اليقين. واستقر اليورو عند 1.1689 دولار، بينما ظل مؤشر الدولار عند 97.905. في اليابان، ارتفع الين بنسبة 1% يوم الإثنين لكنه استقر عند 147.73 مقابل الدولار. في أسواق السلع، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت إلى 68.56 دولار للبرميل، وخام غرب تكساس الوسيط إلى 66.51 دولار.
مع اقتراب الموعد النهائي للتعريفات، يستعد الاتحاد الأوروبي لردود فعل قوية محتملة، بما في ذلك استخدام أداة مناهضة الإكراه، في حين تواجه الأسواق العالمية حالة من التقلبات وسط مخاوف من تأثيرات التعريفات على التجارة والنمو الاقتصادي. يظل الحل التفاوضي الخيار المفضل، لكن الدعم المتزايد للتدابير المضادة يشير إلى تصعيد محتمل في التوترات التجارية.