“أُهنِّـئُ قــومي للـنـهـوضِ تـسـابـقـوا”.. شعر: الشيخ “شريف قاسم”
هــو الـشـرعُ مـغـناها وإن أبـعـدَ الـدَّهـرُ … قـلـوبًا أبــتْ ، والَّـلـهِ ، أن يُـهـجَرَ الـفخرُ
فــلــو خــيَّـرونـا بــيــن ألــــفِ شـريـعـةٍ … تــمـيـسُ بــزيـنـاتٍ لَــمَـا عـافَـهـا الــحُـرُّ
ولـيـسَ لـقـلبٍ يـعـشقُ الـشـرعَ والـهدى … سـيـصغي إذا أغــراهُ فـي غـيرِها عـمْرُو
يـقـولـون : زيــنـاتُ الـتـحررِ قــد دنــت … فـأقـبلْ عـلـيها ، قــد أضــرَّ بــك الـهـجرُ
فـقُـلْتُ : اخـتـبرتُم مـيـلَ نـفسٍ مَـراحُها … مــبـاهـجُ شــــرعِ اللهِ مـاضـرَّهـا الــشـرُّ
حـبـتْـها يـــدُ الـرحـمـنِ إذْ ســجـدتْ لــه … فـــمــا لاكـــهــا كــفــرٌ ، ولا عــابـهـا وِزرُ
وأخــبــتَ هــــذا الــقـلـبُ لــلـهِ مــؤثـرًا … حــديـثَ رســـولِ اللهِ مـانـابَـه الـخُـسـرُ
وأمــــــرعَ بــالإيــمـانِ فـــيــه سُـــمُــوُّه … وزهـــوُ مـثـانـي الــذِّكـرِ مـبـسمُها نَـضْـرُ
لأمَّــــةِ خــيــرِ الـخَـلْـقِ جـــاءتْ أثــيـرةً … فــمـا أقــفـرتْ يـومًـا ولا أجـفـلَ الـقـطرُ
رفـــيـــفُ مـغـانـيـهـا تـــــراثٌ مــجــنَّـحٌ … كــرائـعِ ومـــضِِ الـفـجرِِ والـفـجرُ مُـفـترُّ
وأقــطـارُهـا الــنـشـوى بــفـطـرةِ ربِّــهــا … وأهــــلِ بــيـوتِ الـخـيـرِ مـافـاتـهم بِـــرُّ
تــبــاركْـتَ يـــاربِّــي فـفـضـلُـكَ ســابــقٌ … وجــودُك فـيَّـاضُ لــكَ الـحـمدُ والـشُّـكرُ
ولــيـس افـتـتـاني بـالـحـضارةِ غــيَّـرَتْ … مــآثـرَ فـــي أحـنـائِـها الـحُـسنُ والـوَفْـرُ
أُقـــلِّـــبُ طـــرفًــا مــاقــلاهـا ، وإنَّـــمــا … لـغـربـتِها الـعـجـفاءِ فــي عـصـرِنا عُــذرُ
وما استوقفتْني روعةُ الصُّنعِ في الورى … ولـم يَـسْبِ قـلبي اليومَ صَرحٌ ولا جِسرُ
ولـيـسـتْ مُــنَـى نــفـسِ الأبـــيِّ بـمَـعْلَمٍ … وإن زوَّقَـتْـهُ الأنـمـلُ الـخـمسُ والـسِّحرُ
ولا بـانـغماسِ الـنَّفسِ فـي لـججِ الـهوى … ولــلــنَّـفـسِ آمـــــالٌ مـطـامـعُـهـا كُـــثْــرُ
إذا لـــم تُــجـدِّدْ هـــذه الـنَّـفـسُ شـأنَـهـا … فــمـا قـيـمـةُ الَّــلـذَّاتِ نـغَّـصَـها الإصْــرُ!
أُهــنِّــئُ قــومــي لـلـنـهـوضِ تـسـابـقـوا … عــلـى مـــدرجِ الـعـلـياءِ حـثَّـهُـمُ الأجــرُ
فـألفوا بـمثوى الـفضلِ ديـوانَ مـجدِهم … حـفيًّا بـما قـد سـطَّرتْ ذكـرَه السُّمرُ (1)
مــداراتُـهـم أرقــــى وأســمــى مــكـانـةً … ومـطـمحُ صـيـدِ الـقـومِ أنـجُـمُها الـزُّهـرُ
تـــوالـــت ولـــلأيـــامِ إقـــبـــالُ فــتــنـةٍ … وإدبـــارُ مــعـروفٍ يـنـاجـزُه الـغِـمرُ (2)
ولــكــنَّـهـا فــيــهــم أصـــالـــةُ مــحــتـدٍ … تــقـيـمُ وفــــي جـوزائِـهـا لــهُـمُ الــقَـدْرُ
أمـاجـدُ مــا أجـلاهُـمُ الـضُّـرُّ عــن هـوى … تـسـامى بـهـم ، فـالـقومُ درعُـهُـمُ الـصَّبرُ
ولا خـلـعـوا سـيـمـاهُمُ عـــن وجـوهِـهم … ومــــن غــمـرةِ الأرزاءِ حـظُّـهُـمُ الـنَّـصـرُ
فــسـبِّـحْ بــحـمـدِ اللهِ أرســـى يـقـيـنَهم … وقــد ثـبتتْ أقـدامُهم ، وانـجلى الـيُسرُ
فــلـو أُقـحِـمُوا فــي مـهـمهٍ مـاتـراجعوا … وإنْ عـصـفتْ فـيـه الـريـاحُ لـهـا زجــرُ !
كــــرامٌ أبــــاةٌ مـاارتـضـوا غــيـرَ ربِّــهـم … فـمـنه الـرِّضـا والـحـفظُ والـفـتحُ والأزرُ
ومـــــــنْ لاذَ بــالــدَّيَّــانِ دانَ لــصــبــرِه … خـمـيـسُ الــرزايـا الــسُّـودِ دافـقُـه دَثــرُ
فـأبـشـرْ أخــا الإســلامِ كـفُّـكَ لــم يــزلْ … ســخــيًّــا نــقــيًّــا لايــجـانـبُـه الــقــطـرُ
بــشـرعٍ سـمـا ، والــوَدقُ هــلَّ : كـلاهُـما … مـــن اللهِ فَـلْـيـذهبْ بـحـسـرتِه الـعُـسـرُ
وأُفـــــقٌ تــغـشّـتـهُ الــكــروبُ لـحـكـمـةٍ … سـتـجـلوهُ تــوبـاتٌ ، ويـعـقـبُها الـبِـشرُ !
بــأشــعـثَ مــغـبـرِّ الــمـلامـحِ مــخـبـتٍ … لــــربِّ الــــورى بــــاكٍ بـجـعـبـتِه سِـــرُّ !ّ
يـنـادي وضـيـقُ الـصَّـدرِ مــا كـانَ مـانعًا … لــصـوتٍ مــضـى لــلـهِ يـرفـعُـه الـطُّـهـرُ
دعــــاءُ قــلــوبٍ لــــن يـغـيِّـرَها الــنَّـوى … ولا كـفَّ فـحواها الأسى والدُّجى الوعرُ
وعــنــدَ إلــــهِ الــعـرشِ مـــأوى لأهـلِـهـا … ولـــن يُــطـردَ الـمـضـطرُّ أثـقـلَـه الإصــرُ
ومــــا مــــن أذى كــسـرٍ لــديـه يُـعـيـقُه … فـــإنَّ لـــدى الـرحـمـنِ ربِّـــي لـــه جـبـرُ
يـــفــرِّجُ ربُّ الــخــلـقِ هـــمًّــا وكـــربــةً … فـكـيف وهــذا الـقلبُ يـاصاحِ مـضطرُّ !
وقـــال رفـــاقُ الـــدَّربِ والـغـربة الـتـي … رأتْ شـجـوَنـا الــمـوَّارَ حـالـفَـه الـصَّـبرُ :
أتــنــسـى أخـــانــا مـابـلـيـلـى وأهــلِـهـا … وشـكـوى سُـلـيمى مـالـصرختِها ظـهـرُ !
وتُـغـضي عــن الآهـاتِ صـعَّدَها الـجوى … بـــصــدرِ بُــنَــيَّـات صِــبــاهُـنَّ مــــزْوَرُّ !
لــــهـــنَّ الــتــفـاتـاتٌ تــقــطِّــعُ أكـــبُـــدًا … يــفـورُ بــهـنَّ الـجَـورُ والـظُّـلمُ والـقـهرُ !
فــقــلـتُ مـــعــاذَ اللهِ والَّـــلــهِ مـــانــأى … فــؤادي عــن الـثَّـكلى أو انـكـتمَ الأمـرُ !
بــنـو أُمَّــتـي والـعـصـرُ نـغَّـصَ عـيـشَهم … فــصـبـحُـهُـمُ غـــــمٌّ ولــيـلُـهُـمُ وعـــــرُ !
وأحــوالُــهُـم مــابـيـنَ وهْــــنٍ وحــيــرةٍ … تــقــلِّـبُـهـا الأرزاءُ ، والألـــــــمُ الــــمُـــرُّ !
ولـكـنَّـهـا الـرُحـمـى الــتـي مـاتـصـحَّرت … فــمُـدَّخـرُ الإيــمــانِ فــــي قـلـبِـنا ثـــرُّ !
وأحـــلــى لــيــالٍ مــقـمـراتٍ تــحـوَّلـتْ … فـبـئـسَ لـيـالـي الـهـمِّ مـازارهـا الـبـدرُ !
وأغــلـى نـشـيـدٍ مـارعـتْـهُ يــدُ الـصَّـدى … فـضـاعَ بــلا زُلـفـى ولــم يَـسْـقِه فـجرُ !
فـكـيف تـرانـي أغـمـضُ الـعـينَ والـجفا … أنـابَ الـكرى ، فـاليومَ فـي عـينِنا شَزْرُ !
خـــواطــرُ صــاغـتْـهـا أنـــامــلُ غــربــةٍ … وصــبـرٌ جـمـيـلٌ لــيـس يُـنـكرُه الـصَّـدرُ
ولـــيـــس بـــهـــذا لا وربِّـــــي تــفــجُّـعٌ … ولـكـنْ حـديـثُ الـنَّـفسِ تـرجـمه الـشِّعرُ
وقــــد جــــاءَ رقــراقًــا كــنـهـرِ يـقـيـنِنا … ومـــا عــابـه طــولُ الـقـوافي ولا الـنَّـزْرُ
تــخـيَّـرْتُـه سَــلــسًـا كــخــيـلٍ كــريــمـةٍ … تـجـوزُ عـلـى الأسـدادِ حـفَّزها الـكرُّ (3)
وعـــرَّسَ فـــي نـجـواهُ حــولَ وضــاءةٍ … بــمـنـزلِ عُــتـبَـى لايــلـيـقُ بـــه الــذُّعـرُ
وأغــنــاهُ ربُّ الــنـاسِ بــالأُنـسِ والـهـنـا … وبـالـقلبِ يـحـيي جــذلَ دوحـتِه الـذِّكرُ
إذا مــا اطـمـأنَّ الـقـلبُ لــم يـشكُ أمـرَه … ولا ذا الـوجى والدَّربُ أشواكُه كُثْرُ !(4)
أُخـــيَّ أخـــا الإســلامِ هــذي شـكـايتي … عـلـى مـتنِ ريـحِ الـشوقِ تـحملُها الـطَّيرُ
رويـــــــــدَكَ إنَّ اللهَ بــــالــــغُ أمــــــــرِه … ومــا زالَ فـي الـنَّاموسِ لـلمجتنَى قَـدْرُ
*** ***
ونـبـقى أخــا الإســلامِ نـحـملُ ديـنَها … ونــهـوى هــواهـا لـــن يـغـيِّرَنا الـشَّـرُّ
كـتـبْـنـا ونــبـقـى كـاتـبـيـن ، لأهــلِـهـا … ولــو قُـطِّـعتْ ظـلـمًا أصـابـعُنا الـعشرُ
وأُلــفـةُ أهـــلِ اللهِ بــالـوُّدِّ لـــم تـــزلْ … وخـضـرةُ مـغـناها الـنَّـديِّ هـما الـمهرُ
حـضـارتُهم تـفـنى ، ويـفـنى فـسادُها … وتبقى خوابي المجدِ ، لم ينفد الذُّخرُ
قـلـوبُ بـنـي الإســلامِ فــي يـدِ ربِّـها … تُــغـيِّـرُ ، والـتَّـغـيـيرُ : بــيــدرُه وفــــرُ
عـسى يـسمعون اليومَ صوتَ شريعةٍ … ويــرحـلُ عــن آذانِ صـدِّهـم الـوَقـرُ !
أتـــــى يــومُـهـم واللهُ غـالـبُـهـم وإن … تــداعـوا عـلـيـنا والـقـديـرُ لــه الأمــرُ
وقفنا نناديهم وفي القلبِ غصَّةٌ = وفي اليدِ من أوجاعنا جمرُ
نحذِّرُهم من شرِّ ناسٍ تكالبُوا = عليهم ومن أضغانِ صدرِهم الشَّرُّ
ولم تُرهبِ الأبرارَ سطوةُ حقدِهم = ولا أفزعَ الأطفالَ إذ بوغِتوا النَّحرُ
تمادتْ أيادٍ للطغاةِ فأمعنتْ = بأمَّتنا قتلا فدينُهُمُ الغدرُ
ولكنَّه الديَّانُ يمهلُ مَن طغى = وللظالمِ الملعونِ من ربِّنا الخُسرُ
————————-
هوامش :
(1) كناية عن المواقف البطولية على مدى التاريخ.
(2) الغِمرُ : بكسر الغين : الحقد
(3) الأسداد : الحواجز والموانع
(4) الوجى: كون المشي حافيا