إحسان الفقیه تكتب: عن مسلسل معاوية!

الدراما المحافظة الهادفة يجب أن تُراعي الشكل والمظهر الذي لا يخدش الشعور الإسلامي جنبا الى جنب مع التركيز على المُحتوى المُوثّق الذي يرتكز على مصادر ومراجع مُعتبرة.. فما بالكم حين يكون المُحتوى (سيرة أحد أهم رموز الأمة)؟!
وأعني هنا المسلسل الذي يعرض حاليا ويتناول حياة الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فالمسلسل وإن كان محاولة طيبة المقصد لتفنيد الأكاذيب والشبهات التي أثيرت حول الصحابي، إلا أن المشاهد التي طالعتها حتى الآن من المسلسل، تضمنت ما لا يليق بالصحابيات الكريمات رضي الله عنهن.
إظهار الصحابيات بمظهر غير محتشم غير مقبول، ففيه إساءة لهذه الجيل الفريد الذي رباه النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه إساءة للصحابي معاوية كذلك، فما معنى أن يتم تجسيد والدته الصحابية هند بنت عتبة رضي الله عنها، بهذا المنظر المشين، من الملابس الكاشفة والزينة، بحجة أنها من لوازم العمل الدرامي.
هند أم معاوية
صحابية أسلمت عام الفتح، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل إسلامها كانت امرأة عاقلة، ولها موقف عظيم في جاهليتها مع زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلى الرغم من أن هند بنت عتبة كانت تزكي نار الحرب لكي تأثر قريش لهزيمة بدر، إلا أنها كانت في مكة قد بلغها نبأ مسير زينب رضي الله عنها إلى المدينة، فلقيتها فقالت لها: “بلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك!!
أي ابنة عمي، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يعينك في سفرك، أو بمال تبلغين به إلي أبيك، فعندي حاجتك فلا تستحي مني، فإنه لا يدخل بين النساء ما يكون بين الرجال”، تروي زينب – رضي الله عنها – ذلك، وتقول: «ووالله ما أراها قالت إلا لتفعل”.
وعندما خرجت زينب للهجرة اعترضها بعض السفهاء من قريش وكانت حاملا، فدافعت عنها هند وضمتها إليها وحالت بينهم وبينها حتى استأنفت الخروج في أمان.
أسلمت هند وحسن إسلامها، ودعا لها النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة، عندما جاءته بجدْييْن واعتذرت من قلة ولادة غنمها،
فدعا لها بالبركة في غنمها فكثر ببركة دعائه، حتى كانت تعطي منه وتقول هذا من بركة بركة رسول الله فالحمد لله الذي هدانا للإسلام.
وشهدت هند رضي الله عنها معركة اليرموك ضد الروم، وكانت تحرض المؤمنين على شدة القتال، وتقول: “عضدوا الغلفان بسيوفكم معشر المسلمين”.
فلا يصح أن يتم تجسيد هند ولا غيرها من الصحابيات على هذا النحو الذي تضمنه المسلسل،
فمثل هذه المشاهد تقلل من شأن جيل الصحابة في نفوس الناشئة،
خاصة مع عزوف الشباب عن تعلم السيرة والتاريخ، ولن يُحكم على العمل الدرامي بالفشل إذ تجنب مثل هذه المشاهد المسيئة للصحابيات، فاستقيموا يرحمكم الله.