أعلن رئيس الوزراء الاسترالي، أنتوني ألبانيزي، منذ عدة أيام عن قرار غير مسبوق يقضي بطرد السفير الإيراني وإغلاق سفارة طهران في أستراليا، إضافة إلى خطط حكومته لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية.
ويُعدّ هذا الإجراء الأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية على مستوى العلاقات الدبلوماسية الأسترالية.
وكشف ألبانيزي، يوم الثلاثاء، أن القرار جاء استنادًا إلى معلومات استخباراتية موثوقة تُثبت تورط النظام الإيراني في “أعمال عدوانية استثنائية وخطيرة دبرتها دولة أجنبية على الأراضي الأسترالية”.
فقد ثبت أن النظام كان وراء الهجمات الإرهابية المعادية للسامية في عام 2024 ضد مطعم يهودي في سيدني وكنيس في ملبورن، حيث حاولت طهران التمويه على دورها عبر استخدام عصابات إجرامية لتنفيذ هذه العمليات، في محاولة مدروسة لـ”تقويض التماسك الاجتماعي وزرع الفتنة” داخل المجتمع الأسترالي.
قد يبدو هذا الكشف صادمًا للكثيرين في المجتمع الدولي، لكنه بالنسبة للمقاومة الإيرانية تأكيد مؤلم على صحة تحذيراتها المتكررة منذ عقود. فلطالما أكدت المعارضة الإيرانية، بالأدلة الدامغة، أن سفارات النظام ليست بعثات دبلوماسية طبيعية، بل أوكار للتجسس والإرهاب.
ومن المهم الإشارة هنا بحسب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن ما وقع في أستراليا ليس حادثة معزولة، بل حلقة جديدة ضمن نمط متجذر من الإرهاب المنظّم الذي ينفذه النظام عبر قنواته الدبلوماسية.
الأمثلة عديدة: فالدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، المقيم في فيينا، حُكم عليه بالسجن 20 عامًا في بلجيكا لتورطه في التخطيط لتفجير تجمع “إيران الحرة” للمقاومة الإيرانية في باريس عام 2018.
وقد نقل القنبلة بنفسه على متن طائرة تجارية قادمة من طهران. كذلك، في مارس 2018، طردت ألبانيا السفير الإيراني وأغلقت سفارة النظام بعد إحباط مؤامرة إرهابية استهدفت أعضاء منظمة مجاهدي خلق أثناء احتفالهم بالعام الإيراني الجديد.
خطوة ناقصة لكنها ضرورية إلى الأمام
قرار أستراليا بطرد السفير أحمد صادقي وثلاثة مسؤولين آخرين، وإغلاق السفارة الإيرانية في طهران، والمضي نحو تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، يُعتبر خطوة شجاعة وموضع تقدير.
وقد حظي القرار بتأييد واسع داخل الطيف السياسي الأسترالي، حيث وصفت وزيرة الخارجية بيني وونغ أفعال النظام بأنها “غير مقبولة إطلاقًا”، فيما ندّدت زعيمة المعارضة سوزان لي بـ”التدخل الأجنبي الصادم” و”الأعمال الوقحة” التي تهدف إلى تقسيم المجتمع الأسترالي.
وفي هذا السياق، يستعد الإيرانيون الأحرار من مختلف أنحاء أوروبا لتنظيم مظاهرة كبرى في 6 سبتمبر المقبل، من المتوقع أن يشارك فيها عشرات الآلاف دعمًا لانتفاضة الشعب الإيراني وللمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. ويُنظر إلى هذه التظاهرة كرسالة قوية للمجتمع الدولي بضرورة محاسبة النظام على جرائمه داخليًا وخارجيًا، والتأكيد أن إرادة الشعب الإيراني لا يمكن قمعها بالسجون والإعدامات ولا بالإرهاب الخارجي.
الطريق الوحيد نحو الأمن الدولي
أحداث أستراليا كشفت الطبيعة الحقيقية لنظام الملالي؛ نظام منبوذ دوليًا يستخدم الغطاء الدبلوماسي لتصدير الإرهاب وزعزعة الاستقرار. والمقاومة الإيرانية طالما دعت إلى سياسة واضحة وحاسمة لمواجهة هذا الخطر، مؤكدة أن الحل الفعّال يكمن في العزلة الشاملة لهذا النظام على الساحة الدولية.
ويعني ذلك: تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية في كل الدول، إغلاق جميع سفارات النظام ومراكزه الثقافية المزعومة، وطرد ومحاكمة دبلوماسييه وعملائه الاستخباراتيين ومرتزقته. فهذه الإجراءات ليست ضرورية فقط لحماية اللاجئين الإيرانيين في الخارج، بل تُعتبر شرطًا أساسيًا لمكافحة الإرهاب الدولي.
وفي نهاية المطاف، فإن التهديد الصادر من طهران لن يُزال بشكل دائم إلا بإسقاط هذا النظام غير الشرعي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. إنه واجب أخلاقي وسياسي على المجتمع الدولي أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني ويعترف بحقه المشروع في مقاومة الاستبداد وإقامة جمهورية ديمقراطية حرة.