في واحدة من أكثر الحملات العسكرية تدميرًا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، وثّقت تقارير حقوقية وطبية أكثر من 1,525 هجومًا على منشآت صحية فلسطينية منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحمي المرافق الطبية والطواقم العاملة فيها زمن الحرب.
ووفقًا لبيانات صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية وجهات مراقبة دولية، استهدفت إسرائيل 597 منشأة صحية، وأقدمت على اعتقال أكثر من 300 من الكوادر الطبية، من بينهم أطباء ومسعفون وعاملون في الإغاثة، فيما قُتل ما لا يقل عن 917 مريضًا وجريحًا أثناء تلقيهم العلاج داخل المستشفيات التي تعرضت للقصف.
في شهر أبريل 2025 وحده، تم تسجيل أكثر من 50 هجومًا مباشرًا على مستشفيات فلسطينية، من بينها مجمع الشفاء ومستشفى القدس، في وقت تشهد فيه المرافق الصحية في قطاع غزة انهيارًا شبه كامل بفعل الحصار ونقص الوقود والأدوية.
ازدواجية إسرائيلية فاضحة
تأتي هذه الهجمات في الوقت الذي ندّد فيه مسؤولون إسرائيليون بسقوط صاروخ إيراني قرب مستشفى “سوروكا” في بئر السبع، الذي يُستخدم كمركز لعلاج الجنود الإسرائيليين المصابين خلال المعارك في غزة، رغم قربه من منشآت عسكرية.
الرد الإسرائيلي الذي استنكر “الاعتداء على منشأة طبية” قوبل بموجة انتقادات دولية واسعة، حيث وصف المتحدث باسم منظمة “أطباء بلا حدود” الموقف الإسرائيلي بـ”قمة النفاق”، متسائلًا: “أين كانت هذه الحساسية عندما تم تدمير مستشفيات غزة على رؤوس المرضى؟”
كما أدانت منظمة الصحة العالمية هذه الاعتداءات، مؤكدة في بيان لها أن استهداف المستشفيات والكوادر الطبية يمثل جريمة حرب تستوجب المساءلة. وأضاف البيان: “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يلتزم الصمت أمام الانتهاكات المتكررة لقواعد القانون الدولي، فالسكوت مشاركة.”
من جهتها، طالبت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق مستقل وعاجل في جرائم استهداف المنشآت الصحية، مشيرة إلى أن ما يحدث في غزة “تجاوز حدود أي صراع عسكري تقليدي”.
تساؤلات عن غياب العدالة
مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، تزداد التساؤلات حول دور المجتمع الدولي وصمته أمام ما يبدو أنه حملة ممنهجة لتجريد الفلسطينيين من حقهم في الحياة والرعاية الصحية. ويُخشى أن يؤدي هذا التصعيد إلى كارثة صحية شاملة في القطاع المحاصر، الذي يعاني أصلًا من نظام صحي هش ومثقل بالحروب والحصار.
وفي ظل تقاعس واضح من مجلس الأمن الدولي وعدم محاسبة إسرائيل على جرائمها، تبدو آمال الفلسطينيين في العدالة معلقة بأروقة مؤسسات دولية فقدت مصداقيتها في عيون كثيرين.